الانتخابات القادمة ومخاوف شركاء الحكومة الإنتقالية
واجومانيوز
بقلم: يوانس أبون
واجومانيوز
الانتخابات هي عملية ديمقراطية لاختيار الشخص لتولي منصب رسمي في مستويات مختلفة من الحكم ( رئاسة الدولة ، البرلمان القومي والولائي ، الحكام أو الولاة ) ، يتم إجراءوها تحت إشراف جسم مستقل عن الأجهزة السياسية المنافسة علي مقاعد الحكم بالبلاد (المفوضية القومية للانتخابات ) ويتولي أمرها شخصيات وطنية محايدة بعيدين من الإنتماءات السياسية والحزبية ، وغالبآ ما يكونوا أكاديمين أو أخصائين إداريين مشهود لهم بالنزاهة والكفاءة في أنجاز المهام القومية .
وستجري الانتخابات العامة لجنوب السودان عام 2024م كإستحقاق دستوري للعملية السياسية التي فرضتها أتفاقية السلام المنشطة عام 2018 م ، هذه الأتفاقية التي تكونت بموجبها أضخم حكومة إنتقالية لم تشهدها البلاد وربما في القارة الأفريقية، عريضة إشتركت فيها معظم القوى السياسية المعارضة التي حاربت الحكومة منذ 2013 م حتي مرحلة التوقيع علي الأتفاقية التسوية السياسية التي أعادت تنشيطها 2018 م ، منذ تلك الفترة دخلت البلاد مرحلة شراكة سياسية بخمس نواب للرئيس يتراس كل نائب قطاع محدد ( مثل القطاع الاقتصادي، الخدمات ، الحكم ، الشباب والمراءة ) و500 عضو في البرلمان القومي ومجلس وزراء قومي كبير ، ومفاوضيات قومية ، إضافة إلي مستشارو الرئاسية ، ناهيك من حكومات الولايات ومجالسها التشريعية ، هذه الحكومة الضخمة أرهقت موارد البلاد حتي لن تستطيع تقديم الخدمات الضرورية للمواطن البسيط الذي كان من المفترض أن يتمتع بحلاوة ثروات بلاده الذي حارب ابناءهم لتحريرها من هيمنة الأنظمة السياسية التي تعاقبت علي مقاليد الحكم بالسودان .
ومع إقتراب موعد إطلاق الصفارة الأولي لشركاء الحكومة الإنتقالية بأن العام 2024م هو الوقت المحدد لإجراء إنتخابات ديمقراطية حسب ما جاء في الاتفاقية، بدأت صفوف بعض الحركات والأحزاب السياسية الشريكة في الحكم في أرتجاف وخلق ضجيج، محاولين التراجع وخلق روايات وحجج قد تكون غير مقنعة للطرف الحكومي وضامني الأتفاقية ،حتي الشعب المغلوب علي أمره الذي أيد قيام الانتخابات في وقتها ،دون تأخير بيومٍ، خاصة بعد أن شهدت من القبل تمديد لفترة أخري والتوقيع علي خارطة الطريق لنهاية الفترة الإنتقالية والتي ينبغي ان تنتهي بالإنتخابات الذي سيطوي ملف الترضيات و الشراكة السياسية المرهقة للحكم بالبلاد .
ولكن رغم الرجفة السياسية التي تعرض لها بعض الأحزاب الشريكة في الحكم ، إلأ أنهم بدأوا في وضع إستعدادات مبكرة بتأسيس مقرات لهم بالعاصمة والولايات ووضع شعارات دعائية وإقامة لقاءات سياسية تنويرية لجماهيرهم وبدأت بعضهم في وضع إستراتيجيات سياسية في كيفية خوض هذه الانتخابات، مستقلة أو متحالفة خاصة بعد أن اقامت الحركة الشعبية لتحرير السودان SPLM-IG لقاءآ جماهيريآ سياسيآ بمدينة واو ببحر الغزال كتمرين سياسي لاختبار اللياقة البدنية والانتماء الحزبي لها ، وبالفعل أثبت جماهير إقليم بحر الغزال الكبري تأكيد ولاءها الكامل والقاطع للتصويت لمرشح SPLM-IG فخامة الرئيس الجمهورية سلفا كير ميارديت لفترة رئاسية قادمة مما جعلت حسابات شركاء الحكومة الإنتقالية مرتبكة لانهم لا يريدون مغادرة كراسي الحكم متجاهلين بنود الاتفاقية التي تتحدث عن إجراء الانتخابات بنهاية الفترة الإنتقالية.
ومن المتوقع أن تقيم الحركة الشعبية لتحرير السودان SPLM-IG لقاءآ جماهيريآ لعضويتها ومسانديها بإقليم الإشتوائية الكبري بمدينة جوبا كتمرين ثاني قبل أن تذهب إلي أقليم أعالي النيل بمدينة ملكال لعقد لقاءآ جماهيريآ نتوقع ان تكون لا مثيل لها في التاريخ السياسي للحركة الشعبية SPLM-IG بالإقليم .
هذا الحراك السياسي للحركة الشعبية لتحرير السودان جعلت شعب جنوب السودان مطمئنه ومؤيده لقيام الانتخابات في موعدها المحدد لأنها ستخفف من الأعباء الواقعة علي عاتقه ، بفض حكومات الشراكة المعيبة التي جاءت عبر ترضيات سياسية لوقف الحرب والإقتتال ، لذلك علي الأحزاب السياسية والحركات حتي الجماعات المستقلة التي تريد التغير بالبلاد تجهيز أنفسهم لخوض الانتخابات المقبلة والقبول بنتائجها من أجل وطن معافي خالي من الحرب والإقتتال من أجل السلطة .