16 مايو.. ميلاد العهد الذهبي
تحتفل الحركة الشعبية والجيش الشعبي تحرير السودان في 16مايومن كل عام، بهذا التاريخ تعبيرا عن ذكرى تأسيسها وإنطلاق ثورتها المجيدة في 16مايو 1983، رفضا لما آلت اليه اتفاقية أديس ابابا 1972، نتيجة ممارسات نظام الرئيس جعفر النميري وخرقه لاتفاقية اديس ابابا 1972. من خلال انفراده بحل الحكومات الاقليمية وحل مجلس الشعب الاقليمي لمرات عديدة، وتعديل وتغيير حدود مديريات الجنوب، وتقسيم الجنوب الى ثلاث اقليم ، الاستوائي، اعالي النيل ، وبحر الغزال. وقد مهدت هذه الممارسات لانطلاق ثورة مايو 1983، بسبب رفض قيادات الانيانيا ون، لقرار نقلهم الى الخرطوم بعد ان تم استيعابهم في الجيش بموجب اتفاقية اديس ابابا . وهكذا تأسست الحركة الشعبية لتحرير السودان والتي خاضت حركة الكفاح المسلح من اجل ان يحظى انسان الجنوب بالحرية والحياة الكريمة والآمنة.
واليوم تمرزكرى هذه الثورة المجيدة والبلاد تمر باوضاع سياسية بالغة التعقيد، إذ انفرط عقد الحركة الشعبية الفريد، وأصبح رفقاءالنضال بالأمس أحد اسباب عدم الاستقرارالسياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي تمر به دولة جنوب السودان؛ بسبب الحرب التي قضت على آمال وتطلعات انسان الجنوب..
ويمكن الحديث عن انحسار الدور الطليعي للحركة الشعبية في عملية بناء الدولة وبناء الامة بعد احداث 2013، في الصراعات السلطوية بين قياداتها التاريخية..
فقد فقدت الحركة الشعبية بريقها منذ تلك الاحداث الدامية ، والتي قادت في نهاياتها الى الاوضاع السياسية الحالية. وكان من الطبيعي ان تفقد الدعم الجماهيري والتأييد الشعبي نتيجة هذه الازمة السياسية التي الحقت ، دمارا شاملا في البلاد، خاصة فيما يختص بالنسيج الاجتماعي والذي يعتبر صمام الامان لمفهوم الدولة الوطنية، والتي يسمو فيها الولاء الوطني على الولاءات الفرعية.
وربما زادت الكثير من القناعات بأن الحزب، اصبح يمثل أهدافه الخاصة بعيدا عن تطلعات الشعب. الامر الذي يضعها في موقف المتهم امام جماهير الشعب، والتي بدأت تشعر بعدم جدوى استمرار قيادات الحركة الشعبية في عملية بناء الدولة والامة . وربما نلحظ الحراك المجتمعي الحالي ، الذي لم تتضح ملامحه بعد ، والذي بدأ ينادي علنا بضرورة التغيير، خاصة مع تردي الاوضاع الاقتصادية في البلاد.
وربما نتساءل اليوم بعد مرور 36 عاما على هذه الذكرى المجيدة، الى اي مدى
نجحت الثورة في تحقيق أهدافها..؟
قطعا الاجابة تكمن في الاوضاع الماثلة والتي تجسد كل اركان الاجابة..،
يجيء هذا اليوم والاقليم يشهد تحولات جيوسياسية ، بدأت ملامحها في التشكل عقب ثورة الربيع السوداني، حيث بدأت بوادر الحراك المجتمعي في دولة تشاد حاليا، والتي شهدت بعض الاحتجاجات السلمية الخجولة والتي من الممكن ان ترتقي الى مستويات اكبر في مقبل الايام. وبما ان جنوب السودان ليست بمنأى عن هذه التحولات الجيوسياسية، فقد ظهرت بعض الاصوات الشبابية، خاصة التي تنشط في مواقع التواصل الاجتماعي، تنادي بإسقاط الحكومة، بسبب فشلها في تحقيق تطلعات الشعب، في سابقة تعد الاولى في تاريخ جنوب السودان الحديث.
وايا ما كانت طبيعة وحقيقة الامر، فقد حان الوقت لقادة الحركة الشعبية بكل فصائلها، لمراجعة النفس في هذه الذكرى المجيدة من اجل شعب البلاد، وان تضع كل اطراف الصراع مصلحة الوطن فوق كل مصلحة شخصية، والتوصل الى وفاق حقيقي من اجل التنفيذ السليم لاتفاقية السلام المنشطة إحياءأ لذكرى شهداء الثورة.
فعلى قيادات البلاد السياسية ، استثمار خصوصية الذكرى في نفوس الجنوبين ورمزيتها في العودة الى المسار الصحيح؛ من أجل أن تنعم البلاد بالحرية والسلام.
والتحية والخلود لذكرى شهداء ثورة 16مايو 1983.