ملاحظات حول مؤتمر القاهرة القومي الأول لشباب جنوب السودان ٢ – ٢
واجوما نيوز
ملاحظات حول مؤتمر القاهرة القومي الأول لشباب جنوب السودان ٢ – ٢
بقلم: يدجوك اقويت
واجوما نيوز
(٥)
يحاجج بعض السياح من حضور مؤتمر القاهرة القومي الأول لشباب جنوب السودان، أن الغاية المنشودة هي التواصل والتعارف مع الشباب الفاعل بجمهورية مصر العربية، وهي حجة غريبة لحد يفوق التصور. غرابتها ترجع لواقع إن التعاون و التشبيك في المؤتمرات الشبابية يشترط تداخل و تعاون شباب فاعل مع رفقائهم في العمل العام بالدولة الأخرى. وبما أن جُل الحضور مجرد شباب جنوبيين يجمعهم صداقات وعلاقات قربى، سيكون التشبيك مجرد فعل إجتماعي لا أكثر لا أقل وهذا لعمري، لا يستحق أن يوصف بالتشبيك بمعناها التنظيمي orginazationl، بل تواصل إجتماعي عادي يمكن أن يتم على الفايسبوك دون ضرورة تبديد أموال أجسام جادة. على سبيل المثال لا الحصر، المنظمة التي رتبت لسفري لمصر ممثلاً لهم. ما ضرورة السفر لدولة آخرى لمجرد تعارف و جلسات علاقات عامة؟!
(٦)
يفترض بمؤتمر قومي مقام تحت شعار “من أجل جنوب السودان” أن يشهد مشاركة أصيلة من جنوب السودان. فالمؤتمر كما اتضح، لم يكن من أجل جنوب السودان، بل حراك قصد منه “محاضرة” الجنوبيين عن المسائل التي (تفترض) إنها غائبة عنهم. و وضح بما لا يدع اي مجال للشك، أن المحاضرات معدة دون إنجاز ال”الهوم وورك”، والذي يتمثل هنا في معرفة وضع جنوب السودان ومدى تطورهم – تأخرهم في المجالات المطروحة للنقاش. مثلاً، في محاضرة عن تجربة جسم نقابي بجمهورية مصر العربية، أجتهدت مقدمة المحاضرة لتبهر الحضور بنسبة مشاركة المرأة المصرية على المستوى الحكومي والشأن العام. وكانت نسبة مشاركة المرأة هناك – التجربة التي قُدمت المحاضرة لعكسها – في حدود نسبة مشاركة ب٢٠٪. مجرد بحث غير عميق كان سيكفي لمعرفة إن المادة لا ترتقي لان تُطرح كتجربة في مؤتمر شبابي مقام لشباب دولة بلغت نسبة تمثيل المرأة فيها ٣٥٪!. كان على بعض الحضور الإنصات للتجربة التي تعتبر متأخرة مقارنة بالراهن الجنوبسوداني، بالطبع، لا لشيء، إلا لدواعي المشاركة الفعالة. بالطبع، كان هناك قلة من المحاضرات القيمة والمفيدة، لولا واقع أن معظم الحضور أبعد من أن يستفيدوا من المادة المقدمة لمفارقتهم للشأن العام، اي الميدان المناسب لتطبيق هذه المعارف.
(٧)
كما ذكرت في الجزء الأول، لم يكن هناك أي مشاركة تُذكر لمن أقيم المؤتمر لأجلهم “من أجل جنوب السودان”. حتى مشاركة الأستاذ/ قولا بويوي قولا عن تجربة الإتحاد (الإسهام مصدر الفخر للمشاركين) وتشرفت بإدارة جلستها، لم يسلم من الأسئلة الخبيثة لبعض عيال الأركة الشابية في المعارضة IO في خطوة غريبة وغير مبررة لنقل المشاكل الداخلية لمؤتمر في دولة آخرى. وهذا يعود لضعف ثقافتنا في العمل السياسي وعدم مراعاتنا لإختيار الميدان المناسب لمعارك محددة من جانب، و ثقافة شخصنة القضايا العامة من جانب آخر. بمتابعتي لردود الأفعال بين المؤتمرين، بعيداً عن فرح بعض المؤتمرين بتكوين معارف و صداقات كان يمكن التواصل معاهم دون إقامة مؤتمر (قومي؟) في دولة آخرى و بمشاركة دولتين، فالناتج صفر كبير.
(٨)
لسبب غير معلوم، تعمد منسقي المؤتمر عدم مشاركة البرامج مبكراً. إن شارك المنسقين برامج و أجندة المؤتمر مبكراً، لما ترددت بصفة شخصية من الإعتذار عن الدعوة وتفادي تبديد الجهد والوقت في مسائل أجدى وأهم. ما يؤسف له حقاً، أن شبابنا في لجان التنسيق كانوا على علم بمحتوى البرامج المعدة للمؤتمر، وبما أن معيار الاختيار للجنة يراعي الخواء كما يبدو، ظهر ضعف قدرات الشباب الجنوبيين في لجنة التنسيق من أجندة المؤتمر الذي لم ينجح سوا في تقديم مصر في ثوب منقذ، مُدرب، مشرف والحريص على (تعليم جنوب السودان في مجالات العمل العام).
(٩)
قد لا يعلم عيال (الأركة الشابية) في الحكومة والمعارضة ومعرصي الوزير ورئيس إتحاد الشباب عن وجود شباب ناشط بإسهامات حقيقة على الأرض. مثلاً، في العام ٢٠٢٠ – ٢٠٢١، حاز ما لا يقل عن ٤ ناشطين/ات من جنوب السودان على إعترافات دولية و إقليمية بنشاطاتهم و خدمتهم في الشأن العام. أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر، الآنسة لوبيديا بجائزة السلام للمعهد الأميركي، مايكل واني ضمن القادة الشباب المميزين قارياً و نلسون كواجي في قائمة أكثر ١٠٠ شخصية شابة مؤثرة في أفريقيا و غيرهم. في دولة بمثل هؤلاء الشباب، هل يعقل أن يمثل جنوب السودان في مؤتمر شبابي مجرد سياح عطالى عن الفعل الجاد؟ آلية الإختيار للمشاركة لم تكن منغلقة فقط على المتملقين؛ بل وضعت التفاهة معياراً للمشاركة لأنها تعني ضمن ما تعني، ضمان مشاركة ضعيفة تمدح و تصفق لمصر مقابل (تغيير جو) لأسبوع بعيداً عن رهق الحياة في جوبا و أزقة القاهرة.
(١٠)
دون التعامل الجاد في تحديد معايير مشاركة محترمة في مثل هذه الفعاليات، سنظل نوفد أضعف العناصر. أفراد لا يتعدى همهم سوى السفر، السياحة مع القدرة على مشاركة مشاكلنا الداخلية، تمثيلنا بأسوأ صورة ممكنة وتشكيل صورة ذهنية مشوهة عن جنوب السودان و شبابها في مخيلة الآخرين.