ملاحظات حول مؤتمر القاهرة القومي الأول لشباب جنوب السُّودان ١ – ٢
واجوما نيوز
بقلم: يدجوك اقويت
واجوما نيوز
“أتاسف لقول هذا مضطراً، لكنني لم أجد نخبة لا تهتم لمصلحة شعبها مثل قادة جنوب السُّودان”.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس
(١)
شهدت القاهرة من ٣ – ٨ أبريل ٢٠٢١ فعاليات مؤتمر القاهرة القومي الأول لشباب جنوب السُّودان الذي نظمه مكتب الشباب الإفريقي بوزارة الشباب والرياضة المصرية. شارك في المؤتمر وفد (رفيع المستوى؟) من جنوب السودان يتقدمه وزير الشباب والرياضة، د/ البينو بول ضيو ورئيس إتحاد عام شباب جنوب السُّودان، السيد/ قولا بويوي قولا، أعضاء من مكتب الإتحاد، ممثلي الحركة الشعبية لتحرير السودان في الحكومة والمعارضة و حوالي ٤ ممثلين لمنظمات المجتمع المدني (من ضمنهم كاتب المقال). تضمن المؤتمر المقام تحت شعار “من أجل جنوب السُّودان” بالمركز الأولمبي بالمعادي، القاهرة، على ورش عمل عن عدة موضوعات مثل ثقافة الحوار ضمن مواضيع آخرى بجانب محاضرات قدمها متخصصون في مختلف المجالات ذات الصلة بالعمل الشبابي، الحوكمة والبناء والتنمية. كان منظمي المؤتمر أذكياء بما يكفي بعدم التركيز على ثيمة المؤتمر (وحدة وادي النيل) بطريقة واضحة و فجة. لم يتناول المؤتمر بطريقة مباشرة أي مسألة تناقش الأطروحة، بل و تعمدت دكتورة/ أماني الطويل تغيير محاضرتها المقررة لشرح (مبادرة وادي النيل) لحديث فضفاض عن الأفروعمومية. تجدر الإشارة إلى أن المؤتمر (القومي) لم يشمل أي مشاركة مباشرة لشباب جنوب السُّودان سوى إختيار شخصي (يدجوك آقويت)، (لإدارة جلسة بعنوان: دور المؤسسات الثقافية والمجتمع المدني في البناء والتنمية) وهي المحاضرة التي شاركت فيها بجانب د/ الطويل، كل من الأستاذ/ مصطفى زمزم عن تجربة مؤسسة صناع الخير للتنمية والسيد/ قولا بويوي قولا عن تجربة الإتحاد. عموماً، لاقى المؤتمر الزخم الإعلامي المطلوب في الصحافة المصرية، وبالتالي، أدت رسالتها المقصودة. اما على مستوى المشاركة الفعلية للشباب من فريق رئيس الإتحاد، جوقة الوزير وغيرهم، فقد انحصرت مشاركتهم على حضور ورش العمل، المحاضرات والتصفيق الحار في الخطابات الشاعرية المؤثرة.
(٢)
بالإشارة لإقتباس التوطئة، رأيت ضرورة إستخدامها هنا لوصف سلوك الممثل الرسمي للدولة. أستهل د/البينو بول ضيو، وزير الشباب والرياضة خطابه قبل التوقيع على مذكرة التفاهم مع نظيره المصري بإشارات ضعيفة وغير موفقة. في وقت يعاني فيه جالية جنوب السُّودان بجمهورية مصر العربية من العنصرية والتنمر، وإستهدافهم من قبل تجار الأعضاء (كما حدث قبل فترة)، أصر الوزير و بسذاجة مفرطة (في أفضل الأحوال) أو غباء مطلق (في أسوأ الأحوال) بالقول إن ما يتعرض له الجنوبيين بمصر مجرد تفلتات فردية!. غاب على السيد الوزير أن شيوع التفلتات الفردية لفترة طويلة دون إجراءات رادعة وسن تشريعات تجرم الفعل، ظاهرة خطيرة ترتقي لمرحلة أعتبار الفعل كأمر مؤسسي مع إمكانية وجود تواطؤ حكومي عبر البقاء في دائرة الإدانات الدبلوماسية – ظهور السيسي مع أحد ضحايا التنمر العنصري في مؤتمر دولي – وهي الخطوة التي لم تعالج أي شيء. كان من المؤسف الاستماع لوزيرنا (الشباب) وهو يمارس بكل خنوع و دونية، التطبيل المضر بمصالح شعبه و تطريب الحضور بأبيات من الشعر العربي في أصرار غريب على كسب تصفيق الحضور وإثارة إعجابهم بثقافته العربية – الإسلامية – التي يظنها فريدة -. في سعيه لنيل إعجاب الفراعنة، فات عليه توظيف المنبر للقيام بدوره الطبيعي المتمثل في تمرير رسائل تسهم في تحسن حياة أبناء شعبه من الشباب في مصر. حرص الوزير، ومعظم حضور المؤتمر من شباب جنوب السودان المقيمون بالقاهرة (وبعض عيال جوبا) على ترديد ما يريده مصر. المدح، التطبيل، وإدعاء الإستفادة من المؤتمر بدرجة عالية من التملق والنفاق. وهذا يعود من جانب لواقع إن معظم المشاركين في المؤتمر أقل من أن يوصفوا بقادة شباب، بلا ملكات معرفية أو نقدية تعينهم على توظيف المؤتمر للإستفادة الشخصية، ناهيك على فائدة غيرهم. لاحظت أن معظم الحضور مهتم بالحضور فقط، زخم المشاركة، التصوير، لعب دور الفرد الفاعل رغم أن معظمهم صفر في الحراك الشبابي، الثقافي والمجتمعي، وبلا أي وزن في الأوساط – بإستثناء الوزن الجسدي -. لم تكن هذه المشاركة الهزيلة خصما على صورة شباب جنوب السُّودان، بل تبديد غير ضروري للموارد على شباب لا يتعدى سقف طموحاتهم، الإقامة الفندقية و تغيير الروتين لعدة أيام. ما يؤسف له حقاً، إن معظمهم من الذين يفترض أن يكونوا فاعلين بمصر، وهو الواقع الذي يدعو للحسرة على مستقبلنا.
(٣)
كممثل للمجتمع المدني، لم يكن المؤتمر – بعد خطاب الوزير – المكان الملائم لتمرير رسائل عن التنمر والعنصرية. و كان أن رتبت بمساعدة بعض الأصدقاء في القاهرة، جلسة حوارية – بتعديل الورقة لتناسب السياق الجنوبي – الجنوبي – تعويضا لعدم وجود هذا البند المهم في التعاون على العمل المشترك بين شباب الدولتين. غياب هذه النقطة المهمة والمحورية لحياة العديد من أبنائنا هناك يعود لخطل طريقة إختيار المشاركين والذي نتج عنه ضعف التمثيل. كان ينبغي أن يتم إختيار المشاركين بناء على تجاربهم وإنخراطهم في العمل العام سوا على مستوى المؤسسات الرسمية، المجتمع المدني، المبادرات الشبابية أو الاجسام الرسمية بالجامعات (لا يشمل الروابط الإثنية) لضمان مشاركة فعالة لأفراد ذو تأثير فعلي على الأرض. وضح من مستوى الحضور أن آلية الإختيار للمشاركة لم تكن مؤسسة – تقديم مباشر على الإنترنت بكل سهولة و دون معايير و متطلبات مشاركة صارمة – و تبعت لحد كبير، العلاقات الشخصية، القربى والصداقات، تحديداً من جانب المشاركين من جوبا، و لحد ما من القاهرة. كنتيجة للمحسوبية، جمع المؤتمر أصدقاء، معارف و شلة ضعيفة عيال النظام بكل ازرعه، الوزير والإتحاد في تحالف بين شباب متواضعي القدرات في كل من جوبا والقاهرة. كان يمكن ملاحظة هذه بسهولة من الحركة النشطة لنسب المؤتمر لأنفسهم ومحاولة التمتع بمجهودات الاخرين والتعامل مع الفعالية وكأنه مجهود حزبي – رغم إنهم مجرد كومبارس – بجانب مشاركة بعض العجزة وكبار السن (فوق تصنيف الشباب وفقا للإتحاد الإفريقي) في مؤتمر شبابي؛ بل وفرض أنفسهم كمشرفين على الفعالية من جانب جنوب السُّودان.
(٤)
ضعف معظم المؤتمرون، (خفتهم) و واقع إن معظمهم مجرد جنوبيين في سن الشباب – بلا أي ملكات أو وزن أو نشاط شبابي على الأرض -، وضح في طبيعة تقديم ورش العمل. كانت من السهولة ملاحظة أن مقدمي الورش ينطلقون من فكرة إنهم يتعاملون مع أطفال حديثي التجربة في العمل العام. وهذا ما عكسه محتوى الورش التي تمحورت حول مسلمات و مواضيع إبتدائية – يفترض لفرد تأهل لحضور مؤتمر شبابي – أن يكون على علم بهم بالضرورة. احال تواضع قدرات المشاركين (عيال *الأركة الشابية من جوبا) و (أبنائنا من محبي *قمهورية مصر العربية) الفعالية لحدث ممل لم يشكل أي أضافة للحضور سوى بعض السعرات الحرارية من (المطبخ المصري) و (شوية صور رهيبة وعلاقات عامة).
يتبع