
إقصاء كامتو من سباق الرئاسة في الكاميرون.
واجومانيوز
بقلم : سلطان البان
كاتب ومحلل في الشؤون الافريقية
في تطور سياسي مثير قبيل الاستحقاق الرئاسي المرتقب في الكاميرون، رفض المجلس الدستوري، يوم الثلاثاء 5 أغسطس/آب 2025، الطعن المقدم من المعارض البارز موريس كامتو، مؤكداً قرار اللجنة الانتخابية بعدم قبول ترشّحه لانتخابات 12 أكتوبر/تشرين الأول المقبل. وجاء هذا القرار، الذي يُعد نهائياً وغير قابل للطعن، ليُشعل فتيل أزمة سياسية تتجاوز حدود المنافسة الانتخابية إلى عمق النظام الديمقراطي في البلاد.
خلفية معقدة للإقصاء
تعود جذور القضية إلى قرار اللجنة الانتخابية الوطنية (ELECAM) في يوليو الماضي، حين أعلنت استبعاد كامتو من قائمة المرشحين، مبرّرة ذلك بـ”مخالفة قانونية” ناجمة عن تعدد الترشيحات من داخل حزب مانيديم (MANIDEM)، الذي خاض كامتو الانتخابات من خلاله، بعد أن تم استبعاد حزبه “حركة النهضة الكاميرونية (MRC)” لعدم توفره على تمثيل برلماني أو بلدي عقب مقاطعته انتخابات 2020. واستندت ELECAM إلى وجود مرشح آخر مستقل يقدم نفسه باسم الحزب ذاته، واعتبرت أن الوضع يُخالف أحكام قانون الانتخابات الذي يمنع تقديم أسماء متعدّدة من نفس الحزب.
المعارضة ترفض.. وتساؤلات بشأن النزاهة
من جهتهم، اعتبر محامو كامتو ومناصروه أن القرار سياسي بامتياز يهدف إلى تحييد أهم شخصية معارضة تنافس الرئيس الحالي بول بيا، والذي يحكم البلاد منذ عام 1982. كما وصفت منظمات حقوقية، من بينها “هيومن رايتس ووتش”، الإجراء بأنه “ضربة للشفافية والديمقراطية”، بينما عبّر مراقبون عن تخوّفهم من أن العملية الانتخابية تُدار ضمن بيئة تفتقر لأدنى الضمانات لنزاهة المنافسة. وقد شهدت العاصمة ياوندي وعدد من المدن الأخرى احتجاجات متفرقة على هذا القرار، وأُفيد باعتقال عدد من أنصار كامتو، وسط إجراءات أمنية مشددة.
مرشحون مقبولون ومشهد انتخابي تحت الضغط
أعلنت لجنة ELECAM عن الموافقة على 12 مرشحًا فقط من أصل أكثر من 45 تقدموا لخوض السباق الرئاسي، في وقت تم فيه استبعاد العشرات لأسباب منها “أخطاء إدارية” أو “مشكلات قانونية في التمثيل الحزبي”. من اللافت أن أهم المرشحين المقبولين هم من الشخصيات المستقلة أو المحسوبة على أطراف مؤيدة لبيا. أما الرئيس بول بيا، الذي يبلغ 92 عامًا، فقد تأكد ترشحه لولاية جديدة، وهو ما أثار انتقادات داخل الكاميرون وخارجها، نظرًا لطول مدة حكمه والتدهور الحاصل في الملفات السياسية والأمنية، خاصة في الأقاليم الناطقة بالإنجليزية.
ما بين القانون والسياسة
ورغم أن القرار بحق كامتو يستند رسمياً إلى اعتبارات قانونية، إلا أن السياق العام يدفع الكثيرين للاعتقاد بأن الإقصاء يحمل طابعاً سياسياً واضحاً. فالرجل كان قد حل ثانياً في انتخابات 2018، محققاً 14.23% من الأصوات، مقابل فوز بيا بأكثر من 70%، في انتخابات وُصفت آنذاك بـ”المثيرة للجدل”. تبدو الكاميرون قاب قوسين أو أدنى من دخول انتخابات رئاسية بلا معارضة حقيقية، في ظل تشكيك داخلي وخارجي في شفافية العملية ومصداقية مؤسساتها. ويبقى سؤال الديمقراطية في هذا البلد قائماً طالما يتم التعامل مع الخصومة السياسية عبر الأدوات الإدارية والقانونية، ما يستدعي، وفق مراقبين، ضرورة تدخل المجتمع الدولي لمتابعة الاستحقاق القادم وضمان حدٍّ أدنى من التنافس الحقيقي.
Sultan Elban سلطان البان
07-08-2025
LONDON