
وكتب جاكوب أوكيلو…مقامرة أوغندا الخطيرة: إلى متى يمكننا الاستمرار في حماية سلفا كير؟
واجومانيوز
بقلم: جاكوب أوكيلو.
ترجمة:باطومي أيول
لطالما لعبت أوغندا دوراً حاسماً في استقرار جنوب السودان، لكن التطورات الأخيرة تشير إلى أننا قد نكون تجاوزنا الخط الفاصل بين الحليف والمحتل. تصريحات الجنرال موهوزي كاينيروغابا، الذي زعم فيها أن قواتنا الخاصة دخلت جوبا “لتأمينها” وأن أوغندا ستحمي جنوب السودان “كما لو كان بلدنا”، تثير تساؤلات خطيرة.
هل نحن نساعد جاراً صديقاً في حاجة إلينا، أم أننا ندعم زعيماً ضعيفاً أصبح معتمداً كلياً علينا؟ إلى متى يمكن لأوغندا تحمل إبقاء سلفا كير في السلطة، وبأي ثمن على أمننا القومي؟
أوغندا وتاريخها الطويل في إنقاذ كير
منذ اندلاع الحرب الأهلية في جنوب السودان عام 2013، تدخلت أوغندا مراراً لإنقاذ حكومة كير من الانهيار. تدخلنا العسكري حال دون سقوط جوبا بأيدي قوات التمرد، لكن ما كان من المفترض أن يكون عملية مؤقتة تحول إلى ترتيب دائم للرعاية السياسية.
بدلاً من تقوية جيشه وحكومته، فوّض كير بقاء نظامه إلى أوغندا. لم يعد يقف كقائد مستقل، بل أصبح عميلاً للرئيس موسيفيني. هذا ليس مظهراً جيداً لأوغندا، وبالتأكيد ليس مظهراً جيداً ل “كير”.
ايضا اعتماد سلفا كير على أوغندا: علامة ضعف وليس قوة
جنوب السودان دولة ذات سيادة، ومع ذلك لا يستطيع زعيمها حتى ضمان أمنه الشخصي من دون مساعدة أوغندا.
كير لا يثق بجيشه – إن كان يثق، فلماذا يحتاج دائماً إلى جنود أوغنديين لحمايته؟
بقاءه يعتمد على الحماية الخارجية، لا الشرعية الداخلية – لو كان كير يحظى بالاحترام الحقيقي في جنوب السودان، لما احتاج إلى قوة أجنبية لإبقائه في الحكم.
لقد تخلى عن سيادة جنوب السودان – لا يسمح زعيم جاد لجيش أجنبي بوضع سياسات الأمن في عاصمته.
رئيس لا يستطيع الدفاع عن نفسه دون مساعدة من بلد أجنبي، ليس رئيساً حقيقياً. لو كان كير قائداً قوياً، لكان قد أعاد إصلاح جيش جنوب السودان منذ سنوات، بدلاً من اللجوء إلى أوغندا مع كل أزمة أمنية.
خطر التورط الدائم لأوغندا في جنوب السودان
إن الوجود العسكري المستمر لأوغندا في جنوب السودان يأتي بمخاطر جسيمة — ليس فقط على جوبا، بل على أوغندا نفسها.
نحو تحويل جنوب السودان إلى ساحة لعب عسكرية أوغندية
منحنا كير الحرية الكاملة للعمل داخل أراضي جنوب السودان، لكن ماذا سيحدث عندما تبدأ قوى إقليمية أخرى في مقاومة ذلك؟
السودان (الشمالي)، إثيوبيا، وحتى جمهورية الكونغو الديمقراطية قد ينظرون إلى أوغندا على أنها معتدٍ إقليمي، مما يزيد من حدة التوترات في شرق إفريقيا.
أي حرب في جنوب السودان ستتحول إلى أزمة إقليمية
الحرب في السودان الشمالي بدأت بالفعل تتسرب إلى جنوب السودان. وإذا اندلعت حرب شاملة مرة أخرى في الجنوب، فإن أوغندا ستُجر إليها—سواء أردنا ذلك أم لا.
الحرب الأوسع تعني حدوداً مفتوحة تسمح للجماعات المسلحة بالتحرك بين جنوب السودان، السودان، أوغندا والكونغو.
قد يخرج الوضع عن السيطرة، مما يحول أوغندا من دولة استقرار إلى طرف مشارك في صراع لا يمكن كسبه.
كير ليس لديه خطة خروج من دون أوغندا
لقد بنى كير حكمه بالكامل على الحماية الأوغندية، ما يعني أنه لا يملك خطة للبقاء من دوننا.
إن سحبت أوغندا دعمها في أي وقت، فقد تنهار حكومة كير خلال أسابيع.
يجب أن يُقرر مستقبل جنوب السودان السياسي من قبل الجنوبيين أنفسهم، لا أن يُفرض عليهم من خلال الجيش الأوغندي.
هل هدف أوغندا هو إخراج كير أم حمايته إلى الأبد؟
توجد مؤشرات متزايدة على أن أوغندا تلعب لعبة مزدوجة—واحدة تتعلق بالتحكم في عملية انتقال السلطة في جنوب السودان.
إذا كان الهدف هو دفع كير إلى التقاعد وتسليم السلطة إلى الحرس القديم، فهذا منطقي.
قد تسعى أوغندا إلى تسهيل انتقال سياسي مع ضمان بقاء جنوب السودان تحت تأثيرها.
هذا يعني جلب قائد متمرس من الحركة الشعبية لتحلّ محل كير مع الحفاظ على الاستقرار.
لكن إن كانت الخطة الحقيقية هي حماية كير وتنصيب بول ميل خليفة له، فنحن نرتكب خطأً فادحاً.
بول ميل رجل أعمال، لا قائد سياسي. محاولة تنصيبه كحاكم قادم لجنوب السودان ستُقابل بالرفض من قبل النخبة السياسية والعسكرية في البلاد.
هذه الخطوة قد تُشعل الفوضى، وتدفع نحو مقاومة عنيفة، وربما تنقلب ضد مصالح أوغندا نفسها.
على موسيفيني أن يكون حذراً – نظامه نفسه ليس آمناً
إذا كان موسيفيني يعتقد أنه يستطيع تأمين جنوب السودان تحت حكم كير ثم تنصيب بول ميل، فعليه أن يكون مستعداً أيضاً للإطاحة به.
أوغندا تواجه بالفعل توترات سياسية داخلية.
موسيفيني في السلطة منذ ما يقارب أربعة عقود، وقوى المعارضة أصبحت أكثر تنظيماً.
ابنه، موهوزي كاينيروغابا، متهور وغير متوقع، وطموحاته قد تزعزع استقرار المشهد السياسي الأوغندي.
موسيفيني يبالغ في توسيع قدرات الجيش الأوغندي.
إن تورطت أوغندا بشدة في الأزمة الداخلية في جنوب السودان، فقد تضعف قبضة موسيفيني على السلطة في بلده.
كثير من النخبة الأمنية والسياسية في أوغندا لا يدعمون مغامرات موهوزي الخارجية المتهورة.
إذا فقدت أوغندا السيطرة على جنوب السودان، فسيكون نظام موسيفيني مهدداً أيضاً.
أي تحول في السلطة في جوبا قد يؤدي إلى تحالفات إقليمية جديدة تُهدد نفوذ أوغندا في شرق إفريقيا.
إذا ظهر قائد جديد في جنوب السودان يعادي أوغندا، فسيخسر موسيفيني حليفاً أساسياً ويواجه عزلة سياسية.
كسر تبعية كير لأوغندا
القضية ليست في جنوب السودان بقدر ما هي في اعتماد كير الشخصي على أوغندا. بدلاً من أن يكون قائداً، جعل نفسه دمية.
إذا أراد كير أن يثبت أنه قائد حقيقي، فعليه:
التوقف عن الاعتماد على أوغندا للبقاء العسكري. الرئيس الحقيقي لا يحتاج إلى جنود أجانب لتأمين عاصمته.
إصلاح قواته الأمنية. يجب أن يحمي جيش جنوب السودان أراضيه، لا جنود أوغنديون.
حل النزاعات الداخلية سياسياً، لا بالاعتماد على الحماية العسكرية الأجنبية. الزعيم الذي يحكم من خلال حماية خارجية لا يحكم فعلياً.
ضعف كير عبء على أوغندا
سلفا كير ليس زعيماً قوياً—إنه حاكم ضعيف يبقى في الحكم فقط لأن أوغندا تسانده. ولا يمكن لجيشنا الاستمرار في دعمه إلى الأبد.
إذا أصر موسيفيني على حماية كير ومحاولة تنصيب بول ميل، فعليه أن يستعد لسقوطه هو الآخر. أوغندا ليست محصّنة، وأي حسابات خاطئة في جنوب السودان قد تضع نهاية لحكم موسيفيني نفسه.
على أوغندا أن تحسم الآن—هل نساعد جنوب السودان على الانتقال نحو مستقبل مستقر، أم نربط مصيرنا بقائد ضعيف لا يستطيع حتى الدفاع عن نفسه؟
إذا اخترنا الخيار الثاني، فعلى موسيفيني أن يستعد لفقدان السلطة، لأن نظامه لم يعد آمناً.
(ترجمة غير رسمية)