اتفاقية في مهب الريح (2)

واجوما نيوز

 

بقلم / شوكير ياد

واجومانيوز

تمر اتفاقية جنوب السودان المنشطة  بمنعطفات حرجة تهدد استمراريتها في ظل تطورات المشهد السياسي، والتحولات السياسية المتسارعة التي تشهدها البلاد.

وقد بدأ وكأن الاتفاقية وقد وُلدت بعلاتها منذ لحظة التوقيع عليها ، والا لماذا حالة الهرج والمرج التي أصابت الحكومة الانتقالية،وتوقفها عند حد التشكيل الوزاري، ومن ثم الصمت المريب عن بقية القضايا والملفات الاخرى.

فماذا يحدث في دولاب الحكومة الانتقالية بربكم..؟! والى متى تستمر حالة التشاكس بين شركاء الاتفاقية المنشطة ؟!

ولماذا لم يتم تعيين حاكم لولاية اعالي النيل حتى هذه اللحظة؟؟ فأين تكمن المشكلة؟! فبماذا يفكر قائد سفينة البلاد حيال ذلك؟

وكيف تم ذلك التعديل الوزاري الاخير بكل هذه السهولة واليسر دون وضع الاعتبار لحالة ولاية اعالي النيل ، وما تأثير ذلك على سير اتفاقية السلام..؟

أسئلة حائرة لا اجد لها اجابات شافية في ظل حالة الفوضى السياسية التي تعيث فيها حكومة اتفاقية السلام المنشطة.

بيد انه في ذات الوقت اقر بأنه، على الرغم من هذه الفوضى السياسية، الا ان هناك نهج سياسي ما يتم تطبيقه على ارض الواقع. ويمكن الحديث بأن جزء من هذا النهج المدروس قد تم تمريره على الجميع ، دون ان يشعروا به الا بعد فوات الاوان.

واذا ما عُدنا الى الوراء قليلا، وإستحضرنا صراعات مجموعة تحالف المعارضة المعروفة سياسيا بـ “سوا” حول منصب نائب الرئيس، والسماح للرئيس كير بأن يختار نائبا له من بين الاسماء الموجودة في القائمة التي دفعت بها مجموعة “سوا”. نكتشف ملامح  النية المبيتة للتغول على الاتفاق، خاصة مع توافر المناخ والبيئة المواتية لذلك، من حيث ظهور مجموعة سياسية صاعدة إختارت ان تبحث عن ذاتها وسط تلك “المعمعة السياسية”. ومن هذه الظواهر السياسية الصاعدة، التي قررت ان تركب موجة “الانتهازية” ، ابن السلطان الراحل عبد الباقي اكول، بجانب الفتى الذهبي إبن شاقور، والذي يمثل ظاهرة في العلوم السياسية، بتقلده منصبين دستوريين في اقل من سنة. فحالة التوهج التي يعيشها الرجلين، لا تمُت بأي صلة بمصالح البلاد والعباد.

ومن هنا التقت مصالح تلك الفئة الصاعدة مع سياسات الرئيس كير، حيث قررت ان تخلع ثياب المعارضة ، مقابل العيش في جلباب الرئيس كير.

ويمكن الحديث هنا عن اتقاد الذكاء السياسي للرئيس كير، حينما قام باحتضان تلك المجموعة الضالة، وإستخدامها سياسيا في تمرير أجنداته التي تتواءم مع توجهاته السياسية في داخل إطار الاتفاقية المنشطة. ويمكن الحديث هنا، بأن التحولات السياسية التي شهدتها مجموعة “سوا” والتي أفضت الى الدفع بشخصيات سياسية مغمورة وغير متوقعة في المشاركة في الحكومة الإنتقالية تعتبر سليمة قانونينا، بيد انها لا تتسق وروح الاتفاقية والاهداف المرجوة منها. فعملية الإستهداف السياسي التي تحاق ضد شخصيات سياسية معينة في داخل “سوا” لا يسأل عنها الرئيس كير من ناحية قانونية، وانما يسأل عنها تلك الجوقة الإنتهازية التي قررت ان تستثمر الاوضاع السائدة لتحقيق مآربها الشخصية  بعيدا عن مشروع إعادة بناء الامة والدولة ، والتي ليس لها علاقة بتوجهاتهم السياسية.

إذن التماهي السياسي الذي حدث للمجموعات المعارضة( سوا / المعتقلين السياسيين) وإنصهارها في بوتقة الحكومة، يعتبر السبب الرئيس والاساس، الذي دفع الرئيس كير للتغريد المنفرد داخل وخارج إطار الاتفاقية المنشطة. وأن مجموعة تحالف “سوا” ومجموعة “المعتقلين السياسيين” هما أسباب خراب وتدمير الاتفاقية المنشطة.

وقد ذكرت في مرات عديدة بأن الرئيس كير، يمثل اللاعب المحوري الوحيد الذي يضع قواعد اللعبة السياسية في جنوب السودان.

فالاتفاقية الحالية ، تظل مرهونة باحتمالين لا ثالث لهما، الاول، قبول المعارضة المسلحة بقيادة مشار، تنفيذ الاتفاقية بطريقة تتسق وتوجهات الرئيس كير، لضمان إستمرار سريان الاتفاق، اما الثاني، فيتمثل في خيار المواجهة المباشرة، ومن ثم انفجار الاوضاع مرة اخرى. وفي كلا الحالتين، فإن الاتفاقية لن تسلم بأي حال من مصيرها المحتوم “الإنهيار”. فالاحتمال الاول يؤجل مصيرها، اما الثاني فيعجل بانهيارها.

وتظل ولاية اعالي النيل النقطة الفاصلة ما بين الاحتمالين، في حالة قبول توجهات كير، والتي تضمن استمرار الاتفاقية، او رفضها وخوض خيار المواجهة ومن ثم انفجار الاوضاع.

في خاتمة هذه السطور، اجد نفسي وقد وصلتُ الى قناعة تامة بان الاتفاقية لن تحقق أهدافها، وان ايامها باتت تُعد بعدد أصابع اليد، وانها ستذهب في مهب الريح لا محالة.

0

Translate »