وكتب فيت اندرو ..ما بين قوة الدولار و موقف المواطن الحيادي !
واجومانيوز
بقلم : فيت إندرو أيوم
في ظل هذا الوضع الاقتصادي المتأزم، قدم الدولار نفسه بشموخ وتألق كثيرا يفوق المواطن من حيث الفاعلية والمقاومة في معترك الصراع، سواء مع المواطن الذي سُلبت حقوقه، أو مع الحكومة التي تقهره لتعلن عن عجزها دفع المرتبات، بينما ظل المواطن ساكنًا لا يطالب باستعادة حقوقه المسلوبة.
وعلى عكس ذلك، بقى الدولار ثابتًا في صراعه مع الحكومة، محرزًا رقمًا يصعب هزيمته، فعندما يتعرض لبعض الضربات المؤلمة، سرعان ما يتعافى ويعود أكثر قوة إلى حلبة الصراع، محبطًا بذلك جميع المكائد والمؤامرات التي تحيكها الحكومة من خطط وسياسات مالية ثبت فشلها أمامه، مما وضعها في موقف لا تحسد عليه.
بقاء المواطن عاجزًا ومتفرجًا على الصراع المحتدم بين الأقوياء (الحكومة والدولار) مع التفوق الواضح للأخير الذي يخطو بخطوات واثقة نحو إسقاط الأول، الأمر الذي يثير الدهشة هو موقف المواطن غير المفهوم الذي يظل على الحياد دون الانحياز لأي من طرفي الصراع (الدولار والحكومة) فكان من الأفضل له أن يقف إلى جانب القوي الأمين الذي لم يتزعزع أمام المحن والعواصف.
إن الإصرار على البقاء في هذه الحالة من الحياد يعد تخاذلاً غير مقبول، فالأزمة الاقتصادية الحالية واضحة ولا تحتاج إلى الكثير من النظريات أو الإقالات والتعيينات التي تصدر بشكل روتيني من رئاسة الجمهورية والتي غالبًا ما تفشل في تحقيق أهدافها إن وجدت.
إن الحل لهذه الأزمة يكمن في تحقيق سلام حقيقي يوفر الأمن والاستقرار، وهذا السلام لا يمكن تحقيقه ما لم يلعب المواطن دورًا محوريًا في إحداث تغيير جذري في كل مناحي الحياة، ولا يأتي ذلك إلا من خلال رؤية مشتركة توحد أبناء جنوب السودان حول هدف واحد أسمى وهو تغيير هذه الأوضاع المزرية، وليس إلهاء الناس بارتفاع وانخفاض سعر الدولار.
تحسين الصادرات هو السبيل الفعال للنمو الاقتصادي الذي يتيح توفير العملات الصعبة وبناء احتياطيات من النقد الأجنبي. يتطلب ذلك استقرارًا سياسيًا وأمنيًا وتخطيطًا سليمًا مسبقًا ، مشكلة الاقتصاد في جنوب السودان نابعة من النظام الحاكم ( عشان ما نترك الفيل و نطعن ظله ) ، لذا من المهم معالجة المشكلة الأصلية وعدم الإلهاء بأمور هامشية.
كانت الحكومة تواجه اختبارًا مكشوفًا على مدى السنوات الماضية، وقد فشلت في تحسين وتصحيح الأوضاع الاقتصادية والسياسية. الشئ الذي يصور الحكومة بأنها عاجزة وغير قادرة على مواجهة تحديات بناء الدولة وتحسين مستوى معيشة المواطنين، وهي جوهر نضالات شعب جنوب السودان.
تتعامل الحكومة مع المواطن كفرع شجرة ميتة عاجزة عن انتزاع حقوقه، فقد صرّح وزير المالية بعجز الحكومة عن الوفاء بمستحقات الموظفين، وأن هناك 19 وزارة ومؤسسة إيرادية لا تضخ الأموال المُحصلة إلى خزينة الدولة (وزارة المالية)، وتُطلق هذه التصريحات دون خجل أو تأنيب ضمير.
إن كانت الحكومة لا تستطيع صرف رواتب موظفي القطاع العام، ومن الأفضل بقاء الناس في منازلهم حتى إشعار آخر. لا فائدة من عقد مؤتمرات صحفية لا تبشر بأخبار جيدة، بل تخبر الناس باستحالة صرف مستحقاتهم وبأن البعثات الدبلوماسية لم تتقاض رواتبها لأكثر من سنتين. يتم طرح هذه الأمور دون تقديم حلول مناسبة، فما فائدة الإقرار بالفشل إذا لم يتطابق القول مع الفعل؟ .
الدولار عملة قوية مدعومة بسند قوي يزيد من قيمتها أمام العملات الأخرى. لا توجد مقارنة بين الدولار الأمريكي والعملة المحلية بسبب ضعف مؤسسات الدولة الواضح، لذا سيستمر ارتفاع سعر الدولار كأمر واقع.
حلول نظام الكشات والمداهمات والجيوش المسلحة هي حلول واهية ما لم تتم معالجة المشكلة الأصلية، وهي إصلاح النظام المصرفي في البلاد لجعله مكانًا آمنًا لتوديع الأموال. لا يستطيع المواطنون والتجار المخاطرة بإيداع النقود في البنوك حاليًا بسبب تعقيدات السحب منها. كذلك تغيير العملة هو حل مؤقت ما لم يتم حل المشكلة الجذرية.