دور القوى السياسية فى حرب الخرطوم تدهور الشرعية ومأزق الأداء ( ٣)

واجومانيوز

 بقلم: د.عبدالله ميرغنى 

واجومانيوز

يشير عالم السياسة الامريكي صمويل هنتغتون فى كتابه (الموجة الثالثة من التحول الديمقراطي فى اواخر القرن العشرين ) أن الانظمة التى تأتى فى أعقاب الثورات تجد قبولا بسبب فشل النظام السابق ولذلك تتمتع هذه الانظمة ( بالشرعية السلبية ) ومع الوقت تنهار الشرعية السلبية بسبب فشل النظام الجديد فى الوفاء بالاصلاحات السياسية والاقتصادية وإن محاولة إقامة الشرعية بالادعاء على الاداء يقود إلى ما يعرف (بمأزق الأداء ) ، الملاحظ ان النظام السياسى فى بداية الفترة الانتقالية وجد قبولا وترحيبا ( الشرعية السلبية وليست الثورية ) ،، إلا أن الاحتجاجات بدأت تتزايد مع إحساس الشارع والجماهير أن مطالبه حسب الوثيقة الدستورية والموقف الاقتصادى والأداء السياسى والقانونى لم تتحقق، وأن أطراف إدارة الفترة الانتقالية منشغلون بقضايا بعيدة عن همومهم ، وأن الخلافات بينهم تتصاعد يوماً بعد يوم ، و أن محاولات إقصاء بعضهم بعضا بدأت تأخذ منحاً مؤثراً على قضايا الانتقال الديمقراطى ومعالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتطورت إلى أستخدام الجماهير ودفعهم للخروج للشارع للتأكيد على عدم شرعية الاخر ، ولم يقف التململ على الشارع المدنى بل وصل إلى العسكريين وتؤكده تلك الإنقلابات الفاشلة التى أعلنتها الحكومة ، بدأ الطرفان يحسان بتآكل شرعيتهما بسبب ضعف الأداء والخلافات المتصاعدة، وأن الشرعية الحالية في طريقها إلى الزوال وأن محاولات الأطراف لترميم الشرعية كانت محاولات تلفيقية للدفاع الذاتي وبناء الشرعية بوسائل تفتقد ذاتها الشرعية والموضوعية , من الطبيعي أن يقود ضعف الأداء وتدهور شرعية أطراف الفترة الإنتقالية ( الشركاء المتشاكسون ) إلى حدوث حالات من التذمر والسخط ، وتزايد حالات النقد للنظام السياسي بحكم الحالة الثورية والحريات العامة فى التعبير ، حيث عبر الشعب عن وعدم رضاه بالعديد من الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات التى إنتظمت مدناً كثيرة من البلاد و تطورت إلى مواجهات عنيفة فقدت فيها أرواح شباب كُثر، ودُمرت ممتلكات عامة ، وتضررت حركة المواطنين التجارية ، وحدث إستقطاب وسط النسيج المجتمعى ، وتصاعد خطاب الكراهية وزادت حالات الإنفلات الأمنى داخل المدن الكبرى ، فضلاً عن عودة المواجهات المسلحة بين المواطنين ، في دارفور وبعض أطراف اتفاقية جوبا للسلام ، بالرغم من التوافق الذى تم على تقاسم إدارة الفترة الانتقالية وفق الوثيقة الدستورية والتعديلات التى أجريت عليها بعد إتفاقية سلام جوبا إلا أن السمة الغالبة على أداء الأطراف هى الخلافات الحادة وتبادل الإتهامات بتقويض الفترة الانتقالية والتجاوز في الصلاحيات والمهام وعدم قبول الأطراف لبعضها بعضا مما أثر سلباً على النشاط السياسي وإجمالى أداء الحكومة التنفيذية (مجلس الوزراء) والمجلس السيادي ، والفشل في تحقيق أهداف الثورة وتنفيذ بنود الوثيقة الدستورية والتعثر فى تنفيذ بنود أتفاقية السلام , كان طبيعيا أن تنتهى هذه الشراكة (الدكتاتورية السياسية ) بقرارات 25 إكتوبر أو بغيرها ، وقد جاءت هذه القرارت لتوقف عمليات الانتقال الديموقراطي ويصبح القائد العام أو المكون العسكرى هو الذى يدير بقية الفترة الانتقالية منفرداً وبعيداً عن تحالف قوى الحرية و التغيير( اللجنة المركزية ) بشركاء جدد هم اطراف اتفاق سلام جوبا . الحرية والتغيير ( الكتلة الديمقراطية).

نواصل

Translate »