دور القوى السياسية فى حرب الخرطوم .. كى لا يكون التاريخ سجنًا (١) 

واجومانيوز

بقلم:  د . عبدالله ميرغني صارمين 

واجومانيوز 

التاريخ وحده لا يصلح مدخلا لضبط وقراءة وتفسير العلاقات بين الشعوب والمكونات السياسية فى الدولة الواحدة بل فى معظم الحالات لا يتم ضبط وتقويم هذه العلاقات الا بالتعلم من الأخطاء ، قبول المرء بالبقاء أسيرا لحقب تاريخية سواءً مضت أو تتكرر يجعل منه سجينا مدى الحياة .

إن الحرب التى تعيشها الخرطوم وأجزاء واسعة من دارفور ، فضلا عن آثارها الممتدة على كل البلاد ليس إنتقاما من التاريخ أو تصحيحا لاخطائه كما يصور البعض ، إنه إنزلاق خطير نحو صدام إستدعته كل القوى السياسية الفاعلة بعد الثورة إلى جانب المؤتمر الوطنى الفاعل الخفي فى هذه الحرب، ونفذها وينفذها عن علم أو جهل فوضويون وسذج ومغسولو أدمغة وعنصريون يفتقرون إلى التبصر والذاكرة وبلطجية مهمشون ونهابة لا يفوتون فرصة للنهب والسرقة لا تسندهم فكرة ولا عقيدة الا الحقد الفوضى والتدمير والهمجية .

الديمقراطية فى أبسط معانيها تعنى حرية الاختيار والمسؤلية والمحاسبة والتبادل السلمى للسلطة وظلت هذه السلعة غالية جدا على أهل السودان منذ ظهور الكيان المعرف بالدولة السودانية ١٨٢١م ، وبعد الاستقلال و كل الذين شاركوا فى الدورة الخبيثة للحكم فى السودان ، لم يخرجوا من أنهم إنقلبوا على الديمقراطية لانها فشلت فى تقديرهم ، أو فشلوا فى الحكم بها ، فثار الشعب عليهم ثم يبكون جمعيا على عتبة الديمقراطية ( الشعب ، الحكومات مدنية وعسكرية، وحتى المليشيات ، والحركات المسلحة ) .

ما بين ١٨٢١- ٢٠٢٣م لم تكن أمور مثل التعايش وإحترام التنوع وتقبل الاخر وتداول السلطة وإستقلالية القضاء والتعددية السياسية والدينية من المسلمات فى حياتنا السياسية ، فكانت الاحزاب ترتعد خوفا من استحقاقات الانتخابات فتهرع إلى عقد التحالفات الظرفية على عجل لمنع وصول البعض الى السلطة السياسية عبر صناديق الاقتراع ، وبعضهم لا يتورع عن مد خطوط التواصل مع المغامرين من العسكر أو المؤسسة العسكرية لقطع الطريق أمام الخصوم السياسيين دون مراعاة لقيم الديمقراطية والحرية وتعود الاسباب الحقيقية لهذا السلوك الإنتهازى للقوى السياسية السودانية لغياب الرؤية و الديموقراطية ووسائلها داخل هذه التنظيمات السياسية، والبديل هو الصراع والتنافس غير الشريف على السلطة ، مؤكدين ان السياسة دائما متغيرة وتتبع المصالح ، و أن الديمقراطية مقدسة بماتحققه من مصالح شخصية أو وطنية أو تلبس ملابس الوطنية .

Translate »