” تاح المعارضة وانتفض الحكومة”.. أين جنوب السودان من التحول؟
واجومانيوز
بقلم: فرانسيس مايكل قوانق
واجومانيوز
من الواضح أن أي صراع سياسي بين أطراف رغبتها السلطة غالبا ما يعيق العملية الديمقراطية ويؤثر على تحقيق التغيير المرجوة ، ويدفع بذلك الأطراف على المزايدة السياسية من تبادل الاتهامات والانتقادات والوعود السياسية من قبل الحكومة والمعارضة، بهدف الحصول على دعم المواطنين والتأثير على الرأي العام في البلد.
في جنوب السودان يبدو أن المعارضة “السلمية والمسلحة”، وقعت في فوهة صراع كبير من أجل تحقيق الديمقراطية في البلاد في مواجهة الحكومة. حيث أن تفرقها وعدم الاتحاد بين الأحزاب والحركات المختلفة، جعل من الصعب العمل بشكل فعال لتحقيق التغيير المطلوب في البلد.
مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات في ديسمبر 2024، يزداد الضغط على المعارضة من قبل الحكومة، في وقت تشكو فيه المعارضة حتى الآن من تعرض قياداتها للتهديدات والقيود على حرية التعبير والتجمع، وغالبا ما يتم اعتقال نشطائها.
ومن أجل تحقيق التغيير والديمقراطية في جنوب السودان، وقعت الأطراف المتنازعة على اتفاقية تسوية النزاع المنشطة في عام 2018. وما بعد توقيع الاتفاقية نظر العديد من المراقبين المحليين والدوليين والإقليميين، على أن كان يجب على المعارضة أن تتحد وتعمل بشكل مشترك ومنسق لتحقيق الأهداف المشتركة.
يمكننا القول إن بعد سنوات منذ التوقيع على الاتفاقية، فشلت جهود التحالفات القوية بين الأحزاب المختلفة والنشطاء الحقوقيين والمجتمع المدني، والعمل على توحيد الصفوف وتعزيز الحركة الديمقراطية في بلد تعاني من أزمة سياسية قبلية واقتصادية. تحاول الجميع انقاذها “الحكومة والمعارضة” ولكن بأسلوب مختلفة عن الآخر. هذا الأسلوب المختلف، محل غياب الإرادة السياسية حتى الآن، حيث لم تنجح المعارضة في الضغط على الحكومة بشكل كافٍ لتحقيق التغيير، ويعزى ذلك إلى ما أشرنا إليها سابقا من “تخبط المعارضة وتفرقها” ويمكن أن نضيف هنا قوة الحكومة وتمسكها بالسلطة. هذا المحاور المهمة لعبت دوراً هاماً في عدم تحقيق التغيير، إذ إنه يشتت الجهود ويمنع التحالفات القوية بين الأحزاب المعارضة للحكومة. ومع ذلك، فإن المعارضة مستمرة في السعي للضغط على الحكومة وتحقيق المطالب الديمقراطية في جنوب السودان.
خطة الحكومة الان في تقديري أي “الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الرئيس سلفاكير” تركز بشكل كبير على الحفاظ على السلطة بأي ثمن ممكن وأضرار أقله بعد انتكاسة الحرب الطويل، لكن هذا على حساب المواطنين وحقوقهم. يستخدم من هم في السلطة حاليا “الحكومة والمعارضة” العديد من الوسائل للحفاظ على سلطتهم، بأسلوب مختلفة سياسيا وعسكريا، كذلك عمليات “القمع والتضييق على الأحزاب والنشطاء الحقوقيين”، بالتالي، يعاني المواطنون من قلة الحريات العامة وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
في اعتقادي فإن الرغبة في التغيير لا تزال قائمة من الأطراف ولكن كيف، ومتى، ومن أجل ماذا؟ تكمن في الاجابة على الاستفهامات انف الذكر، فإن العديد من المشاكل والتحديات ما زالت تعيق تحقيق التغيير المنشودة. اذ يتحدث الكثيرين عن الحلول التي تتمثل في تحالفات قوية بين الأحزاب المعارضة والنشطاء الحقوقيين والمجتمع المدني لتعزيز الضغط على الحكومة. ويجب أن تتخذ الحكومة إجراءات جدية لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين. وتشجيع المواطنين على المشاركة في العملية الديمقراطية وتعزيز الوعي السياسي بينهم. لكن في النهاية، فإن الحل يكمن في تشكيل حكومة قوية وشاملة بمشاركة جميع الأطراف، تعمل على تحقيق استدامة السلام من أجل تحقيق الديمقراطية وهذا يشمل تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين في جنوب السودان. لأن واقع الأزمة الاقتصادية من انهيار اقتصادي وتدهور العملة المحلية، أثرت على معيشة المواطنين وزادت مستوى الفقر، والتوترات الاجتماعية وثم المشاكل السياسية.
بالعودة إلى عنوان المقال “تاح المعارضة وانتفض الحكومة” هذا يشير بصورة عامة عن حالة صراع بين الحكومة والمعارضة. وما نريد أن نشير إليه في هذه العبارة هي أن المعارضة تعاني من ضعف وانشقاقات داخلية، بينما تتمتع الحكومة بالقوة والثبات.
هذه المواقف المختلفة نتج عنها استقطاب القيادات في فترات تنفيذ الاتفاقية، فعدد من القيادات السياسية السابقة انشقوا عن الأحزاب المعارضة وانتقلوا إلى الحكومة والعكس، لكن معطيات الواقع تشير إلى أن هذه الانشقاقات عزز قوة الحكومة ويضعف قوة المعارضة. كواحدة من الاختراقات السياسية التي أثرت على وحدة المعارضة وفشلت في البحث عن طرق للتعامل معه.
في الفترة المتبقية من عمر الاتفاقية المنشطة، فإن تشجيع الحوار السياسي وتعزيز الحوار البناء بين الأطراف المختلفة مهمة، من أجل تحقيق الاستقرار والتنمية.
ولكن، يجب على الأطراف المتنازعة في البلاد، التأكيد على أن هذا الصراع ليس مجرد معركة بين الحكومة والمعارضة، بل هو صراع يتعلق بمستقبل بلاد مزقتها حرب بعد عامين من استقلالها.
وبالنسبة للمعارضة، يجب أن تعمل على توحيد الصفوف داخليا وتعزيز الحركة الديمقراطية، والعمل بشكل مشترك ومنسق لتحقيق المطالب والأهداف المشتركة للمعارضة والمجتمع المدني.
كما أن على الحكومة، أن تعمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين وتعزيز الحريات وحقوق الإنسان، والعمل على تحقيق السلام وإنهاء الصراع الدائر في البلاد.
في النهاية، يجب أن تكون المصلحة العليا للبلد هي الأولوية الرئيسية للجميع، ويجب على جميع الأطراف المعنية بالصراع السياسي والاقتصادي في جنوب السودان العمل بجدية والتعاون معا لتحقيق التنمية والتقدم في البلد.
في العديد من المواقف خلال تنفيذ الاتفاقية تتجاهل الحكومة تزايد رغبة المعارضة في التغيير، على عكس ذلك، كان يجب على الحكومة أن تستجيب لمطالب المعارضة وتعمل على تحسين الأوضاع في البلد، ببذل جهود إصلاحات اقتصادية وتشجيع الاستثمار وتعزيز الشفافية في ومكافحة الفساد، وتوفير خدمات أساسية للمواطنين وتعزيز حقوقهم وحرياتهم.
فعملية تعزيز الحوار مع المعارضة والتعاون يضعف من قوتها بصورة سلمية دون عنف، وتحقق المصالح المشتركة للبلد.
في النهاية، يجب أن تكون المصلحة العليا للبلد هي الأولوية الرئيسية للجميع، سواء كانوا في الحكومة أو المعارضة بدلا من أن تتاح المعارضة وتنتفض الحكومة والشعب تسال عن أمرها والبلد معاً.
الكاتب:صحفي وباحث بمركز دايفيرسيتي للدراسات الاستراتيجية – جوبا