الذكرى الواحد و الثلاثين للإعلان ناصر ..!

واجوما نيوز

بقلم :بيتر يوانس مقوك “قادقوانديت”

واجوما نيوز 

لا يدرى البعض ما حدث في مثل هذا اليوم موافق 28 أغسطس عام 1991م، و ما الذي كان وراء ما يسمى ب”إعلان ناصر”.

 

وما صاحبه من أحداث تاريخية وصفت بالعظيمة، والتي غيرت مسار النضال الجنوبي إلى واجهته الحقيقي، وغيرت أجندات الحوار من المنضدات الدبلوماسية لبعض الإتحادات و المنظمات العالمية، وتحويلها لصالح المجموعات الشعبية التي كان يمثلها الإعلان.

 

إعلان ناصر ليس فقط مجرد إعلان سياسي، ولا حتى مجرد إعلان عن تأسيس حركة سياسية أو متمردة، وإنما يعد إعلانا حمل في طياته الكثير من المقتضيات والإقتراحات التي أتت بالكثير للسواد الأعظم للشعب الجنوب سوداني العظيم.

 

 فإعلان ناصر على الرغم من أن الكثير من النخبة الجنوب سودانية، والكوادر السياسية لا يعلم عنها أي شيء وعن إيجابياته التي أتت بالكثير من التغييرات السياسية في الأقاليم الجنوبية، ومهدت إلى إعلانا تاريخيا عظيم يستحق الإشادة بها.

 

ويتوجب أن يكون له يوما مخصوصا فيه يحتفل السواد الأعظم من الشعب الجنوب سوداني، من أجل ذلك الإنتصار الذي حققه، ولأن عبره وجدت حق تقرير المصير لشعبي للجنوب سودانيين، والذي تضمنته إتفاقية السلام في ولاية نيفاشا الكينية.

 

فإعلان ناصر كما ذكره التاريخ ودونه المؤرخون، قد رسم وقتها خارطة جديدة وواضحة لدولة جنوب السودان وشعبها العظيم. وذلك في المطالب القومية ذو الدوافع الوطنية الذي قدمه وعرضته للوفود الدولية على منضداتهم الدبلوماسية، والذين كانوا يتوسطون وقتها بين حركات التحرر الوطني والنظام المركزي في الخرطوم في ظل السودان الموحد، وفي ظل تراكم الخوف في تعبير عن حقوق المهمشين في المنابر الحوارية.

 

إعلان ناصر تم في مثل هذا اليوم موافق 28 أغسطس عام 1991م، عندما اتهمت مجموعة من قيادات الحركة الشعبية لتحرير السودان، والجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة الراحل العقيد د. جون قرنق دي مابيور بالهيمنة على الحركة والسيطرة عليها، وادارتها بطريقة قبلية طائفية غير مساعدة في ظل بيئة إدارية متعسفة وقتها، وفي حالة كانت الحركة تمثل كل الأطياف الجنوب سودانية، وفي داخلها جماعات شمالية.

 

 إن الحركة ذهبت عكس التيار الإداري، وأخذت لها نظاما غير توافقي أحادي لتدار بها، ومهدت لهذا الطريق لبعض القيادات أن تنشق عن منظومتها بسبب سوء الإدارة في داخل الحركة.

 

 من قاموا وقتها برفع تلك الشكوى ضد قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان والجيش الشعبي لتحرير السودان، هم مجموعة من القيادات الكبيرة والنخبة المقتدرة داخل الحركة، وكان على راسهم د. ريك مشار تينج، بجانب د. بجانب لام أكول أجاوين ومجموعة من القيادات العسكرية الكبيرة على راسهم الراحل هون توب والفريق الأول غوردن كوانق كولانق و الأخرون.

 

الجدير بالذكر أن الخلاف لم يكن وقتها عسكريا، وإنما كان خلافا إداريا بين القادات الحاكمة على كيفية إدارة الحركة، وتعيين صف الضباط والتجنيد لمجنديين الجدد.

 

 أدى هذا إلى تعميق جحر الخلاف الذي تم تصعيده وأدى إلى ما وصلت إليه وقتها، هي رؤية الحركة الشعبية لتحرير السودان، تجاه جنوب السودان والشعب جنوب السوداني، والأهداف الذي تقاتل عنه و مطالبها القومي الذي كان يعترض رأي الإنفصاليين الذين كانوا يقودهم د. ريك مشار تينج.

 

فالحركة الشعبية لتحرير السودان والجيش الشعبي لتحرير السودان كان تنادي وتدعو إلى وحدة السودان، وتناضل من أجل إطاحة النظام في الخرطوم “الحلم الذي لم يتحقق نهائي”.

 

ولم شمل الشعب السوداني أجمع تحت مظلة السودان الواحد، ولم تكن تعير أدنى اعتبار لمطالب الجنوبيين أنذاك للانفصال وقتها.

 

 هذا ما جعل الانفصاليين بقيادة د. ريك مشار ينسلخون من الحركة، وعندما إختلفوا اختلاف حاد مع الراحل د. جون قرنق بشأن أهداف الحركة، ورؤيتها التي كان يؤمن به الدكتور جون قرنق وسير الحركة بها.

 

فإنشقت المجموعة من الحركة الشعبية لتحرير السودان، وكونوا لهم حركة جديدة تناهض الحكومة المركزية في الخرطوم وحاربتها.

 

سميت الحركة بأسم “حركة استقلال جنوب السودان”، وكان من ضمن أهدافها تحرير جنوب السودان وفصله من شمال السودان.

 

 الذي ظل يهمش الإقليم الجنوبي منذ وقت طويل، وقبل استقلال السودان الكبير، الذي تم في تاريخ 1 يناير عام 1956م.

 

و في عام 1993م بدأت الحركة جولاتها الدبلوماسية في كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا.

 

 تم طرح القضايا وأهداف الحركة في الأقاليم الجنوبية، فوجدت الجولات استجابة كبيرة من عدة الدول العظمى، ووجدوا منهم تأييد ومحايدة تامة.

 

بعد أن رأت تلك الدولة وشخصت القضية التي رفعتها الحركة ضد الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة د. جون قرنق، والأهداف التي ظلت تقاتل من أجلها.

 

ظلت حركة استقلال جنوب السودان بقيادة د. ريك مشار تينج و د. لام أكول أجاوين، وتحارب الحكومة، وتقاوم هجمات الجيش الشعبي لتحرير السودان.

 

الذين كانوا يريدون استعادة السيطرة على المناطق التي فقدوها لحركة استقلال جنوب السودان، وبعد أن دحروا منها، وطردوا بعيدا من قربها.

 

في منتصف التسعينات بدأت الحكومة السودانية ترتيب ندوات دبلوماسية، وعبرت عن نيتها في تفاوض مع القوى الجنوبية المناهضة لها، ونادت الوسطاء بالتدخل للمساهمة لإجاد حلا للصراع الذي طال أمده في السودان.

 

بعد أن إتضحت لحركة استقلال جنوب السودان، بأن النظام المركزي في الخرطوم راغب في المحادثات لأجل التوصل إلى اتفاق مع الحركة.

 

قررت الرئاسة أن تكلف نائب رئيس الحركة د. لام أكول أجاوين ليتراس الوفد إلى ألمانيا للتفاوض مع الوفد الحكومي.

 

َو أستمرت المفاوضات بين القوى الجنوبية المعارضة للنظام الخرطوم، مع الضغوطات الخارجية من الدول العظمى و المنظمات الدولية التي لها مكانة دبلوماسية في العالم مثل الأمم المتحدة و الإتحاد الإفريقي.

 

و في عام 1997م توصلت الحكومة و الأطراف الجنوبية إلى الاتفاق نهائي، وقعت+ في العاصمة الخرطوم، وعرفت تلك الاتفاقية بـ”الخرطوم للسلام”.

 

ومن الموقعين من الحركات الجنوبية كانت حركة استقلال جنوب السودان بقيادة د. ريك مشار تينج، وجبهة بور بقيادة الراحل طون اروك طون و د. ريك قاي كؤك، وأخيراً جبهة بحر الغزال بقيادة الراحل كربينو كوانين بول في تلك الاتفاقية.

Translate »