الشاب الجنوب سوداني .. وعقدة متلازمة ديدرو.!؟
واجوما نيوز
بقلم :انور ييل
واجوما نيوز
يحكى عن فليسوف فرنسي أسمه “دنيس ديدرو” عاش في فقراً مدقع ، لكنه رغم كل هذا تغير حينما كانت ابنته علي وشك الزواج، ولكنه غير قادر على تكاليف إتمام مراسم زواجها ، رغم أنه يعد واحداِ من العلماء والفلاسفة في عصره.
حينما علمت إمبراطورة روسيا بذلك؛ رق قلبها كونها محبة للقراءة و لأعماله، ومنحت الامبراطورة الفيلسوف مبلغ الف جنيه آنذاك، وهو مبلغ ضخم مقارنةً بالآن مقابل شراءها مكتبته، ومنحته مرتب شهري بوصفه “أمين مكتبة الامبراطورة الخاصة”.
كانت هذه نقطة التحول بالنسبة للفيلسوف – بدأ ديدرو – بشراء قفطاناً قرمزياً جميلاً ، وسريعاً ما شعر ديدرو بحافز إلى تحديث مقتنياته، فاستعاض عن بساطته بحلي وبلاط دمشقي لمنزله.
كما زين منزله بمنحوتاتٍ غالية، وطاولة مطبخ ،تخلص ديدرو من كرسيه القديم المصنوع من القش، واشترى آخر مكسواً بالجلد شأنه شأن أحجار الدومينو، والتي أدت عملية شرائها إلى عملية تالية.
إن سلوك ديدرو الشائع هذه الايام ،في الواقع إن إتباع كل عملية شراء بعملية أخرى له ، فهوس الاقتناء و التباهي، وجعل جل اهتماماتنا موجه تجاه الترقب و الانتظار لمنتجات، وربط تلك المقتنيات كمكل “لشخصياتنا” مثل “الساعة الماركة ، البدلة الايطالية، الجزمة التركية ، الهاتف الايفون الامريكي اخر اصدار ، السيارة الغالية باستمرار”.
يعرف علماء النفس هذا السلوك “بتأثير ديدرو” تيمناً بذاك الفيلسوف الفقير الذي قفز الي مراتب الاثرياء وبات سلوكه ذات طابع مظهري يتطلب التباهي ، عوضاً لما عاشه من فقر عوز .
هل اصاب متلازمة “تاثير ديدرو” بعض شبابنا .!؟
بالكاد يخلو أي منزل في جوبا او خارجها من “مكتبة” أو منضدة كتب، وكذلك بالكاد تجد شاب في العاصمة “جوبا” ليس لديه بدلة وساعة ذات جودة عالية التقليد من رولكس او ما شابه، وهاتف أيفون، وعربة فارهة – و هذا يقودنا لخاصية الامتلاء والاكتفاء “من الداخل أو الخارج”.
من الملاحظ أن طابع النقاشات في الباحات يطغى على معظمها طابع السطحية التب تدور حول “شخوص ، افعال” وبعضها لا تتعدي في عمقها عن “أسماء الكتب ، أنواع الساعات ،أنواع الهواتف الفخمة وامتيازاتها ، العربات الفارهة إمكانياتها” و التفاخر – كيف أنه من بين الملايين يملكها، أو كيف انه اول من يلبس “هذا و تلك” ، نوعية الاهتمامات الشكلية والظاهرية المبالغ فيها، تؤكد أن بعض الشباب فارغين من الداخل لأسباب عدة.
و تدور الأمور حول نفسها لتجد أنها تعضد لـ” عقلية المستهلك” تحوله إلى مستهلك متبختر بامتياز، فتجد معظم الشباب مهمومون باقتناء “احدث الهواتف ، البدل ، الساعات ، العربات” وهذا ما يسمي “بتأثير ديدرو” الذي يدفع الشخص للإنفاق أكثر من مستوي دخله ، وذلك لزوم الوجاهات الاجتماعية فقط، لسد فراغ من الداخل وتكملة نقص دث أو إشباعه ، بصدد الانغماس في محيطه الذي يلفظه ، فهل يستوي كل الذين يلبسون البدل.؟ الساعات ؟ يقودون السيارات الفارهة ؟ وهل كل من يحمل هاتفاً ذكياً كذلك …!؟ ما الذي جعل البعض يعتقد ان الشكليات هي القيمة و المعيار بين الشباب الجنوبي .. ؟
جرة قلم ::: يعرف تاثير ديدرو – بأنه سلوك تعويضي وهو- استهلاك موجه لإشباع الذات الفقيرة ، عبر عملية شراء أي شيء جديد عادة يخلق دائرة مفرغة من الاستهلاك تودي في الاخير الي عملية “شراءات لاحقة” يجعل الشخص مدمن (للهواتف الذكية ، الساعات الغالية الاصلية ، عالية التقليد ً شراء و تكديس الكتب كوجاهة اجتماعية فقط ، كذلك البدل الاصلية ، السيارات تكملة للذات المهزوز).
اخر سطر
هذا التأثير ينطبق علي الكثرين الذين يتناولون الحياة بشكلها السطحي، الشكلي بعد “انفراجه مؤقتة” عوضاً لمعاناتهم السابقة ، تجدهم يصرفون الاموال بسخاء، وربما “اسرهم بحاجة لها، أو اخوانهم” يبزرونها حول ترف ظاهري هم لها رهائن فهذا التحول الطفيف يعد طفرة نوعية عليه عكسها بشتي الطرق ، بل و يمتد التأثير حتي ان بعضهم يغير مسكنه و يجعل الفنادق الفارهة مقره الدائم ، تاركاً اسرته و اهله قابعين في عوز و احتياج كالحين ، بدل استثمار تلك الاموال في مشاريع .
نحن من نعطي الاشياء قيمتها يا صديقي، فالهاتف مجرد أداة للتواصل ليست جزء من شخصيتك، كذلك البدلة الايطالية ليست امتياز حصري يرفع من مقامك الاجتماعي بل مجرد زي فقط ، السيارات الفارهة مجرد اداة لقضاء المشاوير ، و الساعات مجرد أله يعرف بها الوقت فقط .! انت من تعطي الاشياء قيمتها فما حاجة انسان ميت للرفاهية حتي لو لبس الذهب تظل بلا قيمة حقيقية .
“الفقر ليس فقر المال،والنفس الفقيرة لا تشبعها المال” .
-انتم الثروة الحقيقية استثمروا في انفسكم عبر اضافة “معارف جديدة، علوم، مهارات، كورسات تخصصية، خبرات ….الخ”