الجنرال كوال منيانق ومتلازمة داون…!

واجومانيوز

بقلم : شوكير ياد

واجوما نيوز 

يعود الجنرال كوال منيانق الى تصدر واجهة الاحداث مرة اخرى، من خلال التصريحات التي أدلى بها مؤخرا، بشأن الاوضاع السياسية الراهنة والانتخابات المقبلة ؛ ومناشدته للحكومة الحالية وللرئيس كير بضرورة إتاحة كافة الحريات. حيث قدم الجنرال منيانق نقدا ذاتيا لمنظومة الحركة الشعبية التي ينتمي لها، مع ضرورة وجوب التغيير ، وافساح المجال لجيل جديد يقود عملية بناء الدولة ، خاصة وان جيلهم الحالي لم يحقق الطموحات المرجوة منهم طيلة ال١٧عاما في الحكم.
#وقد دأب الجنرال كوال منيانق على انتقاد الاوضاع بين الفينة والاخرى خلال الفترات الماضية. حيث ينتقد الأوضاع السياسية ، وكيف أنه يعاني التهميش المذل تحت قيادة الرئيس كير، وتارة اخرى ينتقد تراجع دور القيادات التاريخية وقيادات الصف الاول في الحركة الشعبية ، مع تقديم اتهام صريح لقيادات جديدة يسميها بالقيادات الدخيلة، وسيطرتها على الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بالبلاد.
#ويلاحظ على الجنرال منيانق حالة اللاتوازن النفسي والسياسي التي يعيشها في الاونة الاخيرة ،الامر الذي انعكس على سلوكه السياسي الذي غلب عليه طابع الانفعال والازدواجية.
#وقد أثارت تصريحاته المتضاربة حالة من الحيرة والتساؤل في الشارع العام.حول ما اذا كانت هناك خلافات داخلية داخل منظومة الحركة الشعبية جناح الرئيس كير ، مع اقتراب موعد الانتخابات المزمع قيامها مع انتهاء الفترة الانتقالية ، ام انها حالة عابرة يمر بها الجنرال كوال منيانق في ظل الهيمنة الواضحة لقيادات من خارج الحزب على الحياة السياسية.
ففي غضون الأسبوعين الماضيين ،حرك الجنرال كوال منيانق حفيظة الشارع الجنوبي،حول موضوع الانتخابات وفشل الحزب، وضرورة تنحي الرئيس عن السلطة ، الامر الذي فتح باب الحوار للجميع والانسياق وراء تصريحاته الملهمة والمحفزة في نفس الوقت ، ليعود بعدها الجنرال في تراجع مفاجئ ومريب ويصرح مرة اخرى بعدم أحقيته بشأن مناشدة الرئيس بالتنحي عن السلطة طالما تم انتخابه بواسطة الشعب ، ثم يعود مرة اخرى من خلال تصريح اخر واعتقادًا جازمًا منه بحتمية فوز الرئيس كير في الانتخابات القادمة .
#اذن فما فحوى الرسالة التي يود منيانق ان يرسلها للشارع السياسي في ظل حالة التوحد التي يعيشها..؟! هل هو تهيئة الجو العام لحدوث تغييرات سياسية محتملة ومن ثم العودة الى المسار الصحيح ، ام انه يبحث فقط عن التقدير السياسي من خلال إعطاءه دورًا مؤثرًا وفعالًا في المطبخ السياسي للرئيس كير..؟!

#ولكن من خلال تتبع مسيرة الجنرال كوال منيانق السياسية منذ فترة الاستقلال وما بعد أحداث ٢٠١٣ الكارثية، والتي يعد الجنرال كوال أحد مهندسيها ، ربما لن يكون من المنطق التسليم بأن الجنرال منيانق يبحث عن التغيير الحقيقي الذي يقود الى استقرار الاوضاع في البلاد، لكونه أحد أسباب الازمة السياسية في جنوب السودان .
فقد أتيحت له الكثير من الفرص ، للتصرف كرجل دولة والمبادرة لاصلاح ما أفسده حرب كوادر الحركة الشعبية ، لكونه أحد القيادات السياسية للحزب المؤثرة والتي ساهمت في استعادة زمام الامور في الحركة الشعبية عقب الرحيل المفاجئ لرئيسها قرنق دي مبيور.
ولكن هيهات، فقد تنقل الرجل بين المناصب الوزارية العليا بكل سهولة ويسر ، غير عابئا بحقيقة الأوضاع المأسوية التي شارك في احداثها. فلم ينظر الجنرال الغاضب لمعاناة شعب الجنوب الذي اكتوى بنيران صراعاتهم العبثية حول السلطة، ولا حتى لحقيقة إن إنسان الجنوب يستحق حياة أفضل من تلك التي يعيشها في ظل حكم قيادات الحركة الشعبية.
#فعلى الرغم من إدعاءات الجنرال كوال بانه لا يبحث عن سلطة وانه اجبر على تولي المناصب في بعض الفترات ، الا أن تصريحاته المزدوجة تدحض عدم صحة إدعاءاته تلك.
بيد ان الحقيقة الماثلة ، هي ان الجنرال كوال منيانق يبحث التقدير السياسي، والذي فقده عقب سيطرة كوادر حزب المؤتمر الوطني على مفاصل الدولة ، وقد ظهر ذلك بصورة جلية في حديثه عن عدم قدرته على التواصل مع الرئيس كير بالرغم من انه يشغل منصب مستشار للرئيس ، ولك ان تتخيل كمية المعاناة والقهر التي يشعر بها الرجل بسبب عدم مقابلته للرئيس.وينسحب الامر كذلك على الجنرال الاخر أويت اكوت والذي تتطابق تصريحاته في معظم الاحيان وتصريحات الجنرال كوال.
.#وقد شن الجنرالين هجوما عنيفًا على كوادر حزب المؤتمر الوطني السوداني والمشاركين في حكومة كير لأجل ابعادها من حول الرئيس كير، بعد انحسار تأثيرهما السياسي في الفترات الاخيرة ، الا ان محاولاتهما باءت بالفشل ، الامر الذي ادى الى إنزواء الجنرالين كوال واويت والابتعاد عن المشهد السياسي في البلاد.
ولكن بطبيعة الحال ، لا يمكن تفسير حالة العزلة التي يعيشها الجنرالين ، بأنهما اعتزلا الحياة السياسية ، بدليل تمسكهما بمناصبهما الحزبية والتنفيذية الى هذه اللحظة. وقد شاهدنا مؤخرا كيف كان الجنرال الغاضب حاضرا لحظة وداع الرئيس كير في زيارته الأخيرة لدولة الامارات العربية المتحدة.
#من هنا يتضح حقيقة الجنرال ، الناقم على الرئيس كير بسبب التهميش، وليس على الأوضاع الكارثية التي ترزح تحتها البلاد.
فالجنرال في قرارة نفسه يرى بأنه صاحب الفضل في الاتيان بالجنرال كير الى سدة الحكم، الأمر الذي كان يجب ان يقابل بالتقدير من قبل الرئيس كير.
#اذن فمتى ما وجد الجنرال كوال منيانق التقدير السياسي الذي ينشده ، فهنا تنتهي حالة التوحد التي يعيشها من ضعف ادراكي وتأثر في الذاكرة ، والتي أشبه بمرض متلازمة داون.
وعندها تنتهي القطيعة السياسية بين الرجلين، وبعدها تزول تلك الضبابية التي كان يبديها الجنرال منيانق بشأن الأوضاع السياسية في جنوب السودان.

شوكير ياد
مارس،1/2022
داروين/أستراليا

Translate »