
تعقيب على مقال “معركة تكسير العظام وسط شلليات النظام”
واجوما نيوز
بقلم :نتالى أتيم
واجوما نيوز
سطر الكاتب الصحفى الأستاذ شوكير ياد مقال عبر هذه الصحيفة حول واحدة من أهم المواضيع المسكوت عنها بتاريخ 24 و 25 نوفمبر 2020م على التوالى فى العددين (1454) و(1455) ، وعنونه “بمعركة تكسير العظام وسط شلليات النظام” ، تطرق المقال لواحدة من أهم المواضيع التى ظلت تتسيد الساحة السياسية فى جنوب السودان فى الفترة الماضية ، وهى واحدة من القصايا المسكوت عنها ردحا من الزمان لأسباب يعلمها كبار المسؤلين والمقربين من دوائر صناع القرار داخل النظام ، حيث لم يتجرأ أى من الكتاب السودانيين الجنوبيين او الباحثين وكتاب الرأى وكذلك المهتمين بقضايا الدولة الجنوب سودانية بهذا الأمر ، وكثيرا ما عند التطرق لهذه المسالة “صراعات شلليات النظام ” وخليفة الرئيس وكذلك المجموعات الأوفر حظا فى كسب الصراع والإمساك بزمام المبادرة والإحتفاظ بالسلطة والإنفراد ، يتم التطرق لهذه المسألة بصورة (باهتة) وإنصرافية بعيدا عن التحليل الموضوعى والمنطقى الهادف وغالبا هذه الكتابات تنقصها الجرأة أحيانا.
إبتدر الكاتب مقاله بربط كل ما يتعلق بمستقبل الدولة الجنوب سودانية ومصيرها ، بمصير الحزب الحاكم الحركة الشعبية ،او الحركات الشعبية المتصارعة حول السلطة اليوم فى جنوب السودان ، فى تحليله لهذه النقطة أصاب الكاتب فى تحليله وهذه حقيقة يعلمها ويدركها كل المتابعين لمجريات الأمور فى الدولة الجنوب سودانية ، فربط مصير الدولة الجنوب سودانية بمسقبل ومصير الحركة الشعبية ، صارت واحدة من أكثر التحديات التى أضجعت وأرهقت تفكير عامة السودانيين الجنوبيين ولا زالت ترهقهم ألى يومنا هذا وستظل هذه القضية تؤرقنا إلى أن يرث الله الأرض ، لان صراعات السلطة وسط أقطاب احزاب الحركة الشعبية المتشظية ، والتى أدخلت الدولة وكل ما هو موجود من مكونات الدولة الجنوب سودانية فى نفق مظلم ، لن تنتهى حلقاته بحسب المؤشرات والوقائع إلا بنفى ما يسمى بالحركات الشعبية هذه ، وهذه المعركة معركة النفى هى مسالة قد تستغرق وقتا ومدى قد يصل إلى عشرات السنين ، لكى يتعافى السودانيين الجنوبيين والخروج من دوامة صراعات السلطة.
فى الجزء الأول من المقال أشار الكاتب بأن الصراع الذى يشهده جنوب السودان هو صراع حول السلطة ، بين مختلف تيارات الحركة الشعبية المتشظية والمتصارعة ، بعد نجاح احد الأقطاب فى السلطة والإمساك بزمام الأمور ودحر الآخر فى خارج السلطة ليصبح حزبا معارضا ، ومضى الكاتب يقول بأن صراعات قادة وشلليات الحركة الشعبية هى المسبب الرئيسى لعدم الإستقرار السياسى فى جنوب السودن، مشيرا إلى أن هذا الصراع أدى إلى ظهور مجموعة من الإنتهاويين وصفهم بالـــ(السماسرة والمقاولين) داخل وخارج الحزب الحاكم (داخل النظام) ، واصفا هذه المجموعات بأنها سعت فى التحكم فى الحياة العامة فى البلاد ، وذلك من خلال التأثير المباشر على المسار السياسى فى جنوب السودان ، عن طريق الإلتفاف حول الرئيس وقد أدى ذلك إلى نشؤ ما وصفه بأنه نوع من التنافس حول من يكسب ثقة الرئيس كير ، وقال بأن هذه المجموعات تهدف إلى تعزيز مصالحها الذاتية والشخصية ) إنتهى الإقتباس.
فى البدء إن ظاهرة الصراعات والإنشقاقات داخل الأحزاب والمنظمات السياسية او التنظيمات السياسية بالمعنى المتعارف عليه فى القاموس السياسى والممارسة عمليا ، هى ظاهرة موجودة وقديمة منذ أن عرفت البشرية االتنظيم السياسى والتحزب ، وقد ظهرت عدة تجارب فى الماضى الرقيب فى عدة بلدان وداخل عدة أنظمة سواء كانت أنظمة ديمقراطية او ديكتاتورية إستبدادبة سلطوية متجبرة ، فى مختلف بلدان العالم الأول والثالث بما فى ذلك الدول المتقدمة.
وليس ببعيد فقد حدثت عدة تجارب شبيهة لما يجرى ونعايشه اليوم فى الدولة الجنوب سودانية فى صفوف الحزب الحاكم ، وأقرب مثال يمكن الإستدلال به حول هذه الظاهرة ، ظاهرة الإنشقاقات داخل الأحزاب الحاكمة بسبب التنافس الشرس حول السلطة ، ما حدث فى الجارة الشمالية لجنوب السودان جمهورية السودان ، ففى السودان التى إنفصلت عنها الدولة الجنوب سودانية ، شهد السودان نفس السيناريو الذى يشهده جنوب السودان اليوم ، فقد إنقسم حزب المؤتمر الوطنى الحاكم آنذاك فى السودان فى أواخر القرن الماضى ، الإنقسام الشهير الذى عرف فى وسائل الإعلام السودانية وفى تاريخ القاموس السياسى السودانى بقرارات رمضان 12 ديسمبر 1999م ، عندما إنشق ذلك التنظيم الحاكم وقتها إلى حزب حاكم وصار النصف المنشق حزب معارض يعارض النظام.
بالرجوع إلى الأسباب التى أدت إلى إنشقاق حزب المؤتمر الوطنى هى نفس الأسباب التى أدت إلى الإنشقاق داخل ما يعرف اليوم بحزب الحركة الشعبية الحاكم ألا وهو الصراع حول السلطة ، والتنافس الشرس بين تيارات وأقطاب داخل الحزب بغرض الهيمنة والسيطرة على الدولة وسلطتها التى لن تكتمل ولا يمكن الوصول لهذه الغاية ، سوى عن طريق تصفية عناصر التنظيم التى قد تقاوم رغبات التغيير والتوجهات التى يرغب أحد التيارات فى إجرائها ، وهنا قد تظهر بعض الأصوات الشاذة داخل التنظيم وقد يحتد الصراع بصورة يعب السيطرة والتحكم فيه والتى غالبا ما تكون نهاياته كارثية كما حدث ويحدث اليوم فى جنوب السودان.
واقعيا إن كل ما سرده الكاتب فى مقاله هى حقائق واقعية ، فصراع رفاق الأمس أعداء اليوم داخل صفوف الحركة الشعبية هو صراع ظاهر ليس باطنى ، وهنالك صراع آخر بين أقطاب داخل الحزب ومجموعات أخرى دخيلة تسللت وإستطاعت أن تفرض نفسها وهذا الصراع هو صراع بين مجموعات “الحرس الثورى القديم” كوال منيانق جووك ودانيال أويت اكوت وآخرون ، هم المجموعات الإنتهازية والسماسرة الجدد هذه الصراعات موجودة.
فى البدء تكمن المتخازلين الجدد والسماسرة والإنتهازيين من فرض أنفسهم وسيطروا ليس على مفاصل الدولة ، بل حتى على تفكيرعقلية رأس الدولة ، وقد نجحت هذه المجموعة فى الإنفراد بالرئيس والسيطرة عليه وإحتوائه وإبعاد (الحرس الثورى القديم) من حوله والإطاحة بهم ، وذلك بعد تسلق وصعود سماسرة رجعيين فى الصعود إلى أعلى مراحل سفينة الثورة هرم السلطة ، وذلك بعد نجاحهم فى إقصاء الثوار الحقيقيين والفاعلين بل اللاعبيين الرئيسيين وكل العناصر الفاعلة داخل تنظيم النظام ، وإحلال الثوار المفترضين مواقعهم التنفيذية ، حقيقة هنالك تنافس شرس لإحتواء والإلتفاف حول الرئيس كير بين عدة تيارات داخل النظام، لكن السؤال المنطقى والموضوعى حول هذه الحقيقة ما هى قدرات أو بالأحرى على ماذا يستند المتنافسون فى الضفة الأخرى الوافدين السماسرة والإنتهازيين فى صراعهم حول كسب او إحتواء الرئيس.
أولا هذه المجموعات التى تحاول كسب ود الرئيس وإحتوائه خاصة السماسرة والإنتهازيين الجدد بحسب وصف الكاتب شوكير ، هذه المجموعة لا توجد شرعية تستند عليها تمكنها من السعى لتحقيق غاياتها التى لا تتعدى سوى مصالحها الشخصية المادية وذلك بالإختفاظ بأسهمهم كسماسرة وإنتهازيين ، بعكس مجموعات ورؤس الحرس القديم داخل النظام وداخل حزب الحركة الشعبية التى ترى بعضها أن الحزب ضل طريقه وأن الإحفاقات التى وقعت فيها الحزب والدولة معا هى التى قادت إلى الحالة المستعصية التى تشهدها الدولة الجنوب سودانية اليوم ، ضف إلى ذلك هناك بعض المجموعات فى صراع السلطة هذه تستند على شرعية النضال الثورى التى خاضتها طوال الواحد وعشرين عاما ابان ثورة التحرير لذلك ترى أن شرعنة صراعها هذها تمليها الغايات التى من أجلها ناضلوا طيلة الفترة الماضية ، عكس الإنتهازيين السماسؤة الجدد الذين لا يتعدى تفكيرهم ويرقى إلى التفكير بعقلية رجال دولة بخلاف أنها تريد وتطمح فى الإحتفاظ بوضعيتهم كسماسرة إنتهازيين ، يبيعون ويشترون من يشاؤن من عناصر المعارضة الأشراس بإعتبار أن هذه هى وظيفتهم الأساسية.
واقعيا إن من فرضوا سيطرهم وكسب ود الرئيس وإحتوائهم له ، هذه المجموعة هم فى الحقيقة مجموعات لا يمكن التخوف منها ، وهم فى الحقيقة عناصر او أشخاص لا يمثلون او بالأحرى لا تشكل اى خطورة يمكن أن تهدد مصالح الحرس الثورى القديم فى صفوف النظام والحزب الحاكم ، هذه المجموعات كما وصفهم كاتب المقال هى شللية ومجموعات تسعى إلى تحقيق مصالحها الذاتية والشخصية كقطط سمان ، وإنهم حتى لو سيطروا على الرئيس مدى الحياة هى مجموعات لن تشكل خطورة على الأطراف المتنازعة حول السلطة ، لانها حتى لو تمكنت من فرض نفوذها وتمسكت بمقاليد السلطة ، لن تشكل خطورة لان أهدافها السلطوية فى النهاية ليس التأثير الايجابى فى مجريات ومسار الدولة الجنوب سودانية وإنما هدفها المحافظة على المزايا والإمتيازات السلطوية التى يتمتعون بها والتى تأتيهم عبر مناصبهم الديكورية لا غير ، لأنها عناصر ليس لديها طموحات بل طموحها وتطلعاتها محدود ، وهى لا تفقه فى السياسة ولا فى الإدارة شئيا وهى كروت وآليات يستخدمها النظام وقت ما شاء وليس بالضرورة أن يعتمد عليها فى تكتيكات النظام ، مثلا فى القرارات المصيرية الهامة للدولة.
فى خواتيم المقال حصر الكاتب التنافس المحتدم بين شلليات النظام فى الصراع الدائر حول السلطة ، والذى قد يطال كرسى الرئاسة وخليفة الرئيس المرتقب فى ظل هذا الصراع ، والأوفر حظا من بين هذه المجموعات المتصارعة فى شخصيتين هما وزير شئون الرئاسة نيال دينق نيال ورئيس جهاز الأمن الداخلى الجنرال أكول كور، وقال بأن هناك نوع من الإجماع على خيلفة الرئيس كير حال غيابه لأى سبب من الأسباب قائلا (بأن هناك نوع من الإجماع غير المعلن على نيال دينق كشخصية توافقية ، قد تجد القبول عند كل الأطياف السياسية وغير السياسية لتولى مهام الرئيس كير حال غيابه)
عمليا بتقييم حظوظ هذه العناصر التى أشار صاحب المقال فى الصراع المحتدم حول السلطة ، بين تيارات عناصر الحزب الحاكم ، حول خليفة الرئيس سلفا كير فى حال غيابه لأى سبب من الأسباب هناك ، هذه العناصر او الشخصيتين لديها طموحات لا تعرف سقوف محددة ، ولا يمكن التكهن والإلمام بتفاصيلها وحدودها سوى المقربين منهم من دوائر النظام والحزب الحاكم معا ، فالشخصيتين طامحين فى كرسى الرئاسة رغم أن عدم إظهارهم لهذه الطموحات والتطلعات علنا ، فقد عبر إحداهما بطريقة ظاهرة فى أنه يتطلع إلى أن يكون خليفة الرئيس المقبل ، بينما الآخر إحتفظ بطموحه بطريقة مبطنة.
فى التحليل الموضوعى والمنطقى لطموح الشخصيتين فى خلافة الرئيس كير ، كل منهما لديه حظوظ ورفص بدرجات متفاوتة ، ولكل منهما حجج بإسنادهم عيها يمكن لاى منهم الوصول لمقعد الرئاسة وحسم الصراع الدائر لصالحه ، كل منهم لديه إحفاقات وأخطاء قد تقلل من أسهمه فى الفوز بكرسى السلطة لصالحه ، ولكل مهنهما نجاحات فى نواحى قد ترفع من أسهمه فى الفوز بمقعد خليفة الرئيس كير.
فى الشخصية الأولى قد إتفق فى هذه الجزئية مع الكاتب بأن هناك توافق وسط تيارات الحركة الشعبية وخاصة الحرس القديم ، فى الإجماع على نيال دينق نيال كخليفة للرئيس فى المرحلة المقبلة قد يكون من أكثر الشخصيات الأوفر حظا بين قيادات الحزب الحاكم وعناصر النظام فى صراع هذه الأقطاب والمجموعات حول السلطة ، لعدة أسباب قد تكون منطقية بحسب تحليلى وقد تكون غير ذلك لآخرين ، وكذلك فى تفكير أغلب قادة وأعضاء الحزب الحاكم وللقارى الحصيف ، منها أن نيال دينق ما يرفع من حظوظه فى الإجماع عليه كخليفة للرئيس فى المرحلة القادمة ، هى ان نيال قيادى من القيادات البارزة فى الصفوف الأمامية للحزب الحاكم ، ولم يتززح قيد أنملة خاصة فى ظل المتغيرات والإنقسامات التى حدثت والتى عصفت بعدة تيارات داخل حزب الحركة الشعبية الحاكم والنظام ، كذلك إن إجماع أغلب قادة النظام على نيال كخليفة للرئيس يعود لسبب آخر هو أن الحرس القديم والقيادات العقلانية داخل النظام والحزب وهى أقلية ليس لها أى تأثير ، ترى بضرورة أن يكون خليفة الرئيس من قيادات الثفوف الأمامية وذلك للمحافظة على إرث الحزب النضالى الثورى الذى فقد البوصلة بسبب العناصر الدخيلة الغير ملتزمة بمشروع الحزب والنظام الغائب أصلا ، وترى هذه العناصر التى تقود حملة إختيار نيال فى المرحلة المقبلة ضرورة الحفاظ على مصالح الحرس القديم بمن فيهم قادة وأعضاء الحزب التى ظلت تتعرض لهزائم عدة ، بسبب سماسرة النظام الجدد والإنتهازيين ، الصاعدين والذين أزاحوا كوادر الحزب الحاكم والإبتعاد عن أجندة الحزب وتغليب وتقديم مصالحهم الشخصية على مصالح الحزب والدولة والوطن .
كذلك من الأسباب التى جعلت معظم قيادات الحركة تلتف بإجماع تام حول نيال كخليفة للرئيس كير لأى سبب من الأباب وجعله شخصية توافقية هى أن الرجل لايميل للصراعات ويتصف بالمرونة أحيانا ورجل يعتمد كثيرا فى صراعاته الغير معلنة على التكتيك وعدم الإنفعال ، وهذه الميذة قد تدفع به إلى كرسى الرئاسة فى حال صح أن للرجل نوايا للفوذ بكرسى الرئاسة.
كذلك حول هذه الشخصية التى توافق عليها معظم قادة الحزب الحاكم وأعضائه بحسب تحليل كاتب المقال ، هذه الشخصية لديه عيوب قد تقلل من حظوظه فى الفوز بمنصب الرئيس وكرسى الرئاسة فى حال غياب الرئيس ، ليكون المنصب من نصيب شخص آخر بديل لنيال دينق نيال ، قد تتوافر وتجتمع فيه وحوله الشروط المرحلية المطلوبة ، فمن الأسباب التى قد تقلل من حظوظ المشرح الذى توافق عليه قادة النظام بحسب الكاتب، هى أن الرجل غير عملى ضعيف القدرات فى العمل التنفيذى والإدارى ، ولانه فقط يعتمد إعتماد كلى على عنصر وفرضية أنه من أسرة إرستقراطية لها تاريخ فى النضال الثورى الجنوب سودانى ، وهو يرى ويعتبر نفسه من خير صفوة جنوب السودان ، إن هذه التقديرات فى الوقت الراهن لن تجدى نفعا وتزكى نيال للفوز وتحقيق آمال من أجمعوا عليهم كبديل ، لان مرحلة تغييب الوعى مضى وظهرت متغيرات كثيرة منها أن السودانيين الجنوبيين لديهم تقديرات خلاف إستخدام تكتيكات تغييب الوعى ، خلاصة القول أن الكروت التى يعتمد عليها هذا البديل الذى يعتقد أنها قد تزيد من حظوظه فى الفوز بالمنصب كخليفة للرئيس ، هذه الكروت ضعيفة لن تنجح فى أيصال هذه الشخصية إلى هرم السلطة.
أيضا ما يجعل خيارات نيال كخليفة للرئيس بعيدة المنال إن لم يكن مستحيل هى أن الرجل لا يجيد العمل التنفيذى وهو ضعيف شخصية ضعيفة جدا غير مؤثر ، ويمكن ملاحظة وتأكيد تلك الفرضية بالرجوع لتاريخ إستوزاره وتقلده عدة مناصب دستورية فى الدولة ، فقد تقلد نيال دينق منصب وزير التعاون الإقليمى فى حكومة جنوب السودان ، ولم يترك بصمات واضحة فى هذه الوزارة إلى أن غادرها ، كذلك تقلد منصب وزير شئون الجيش الشعبى بعد وفاة الجنرال دومنيك ديم كوال ، وبعد أن تولى هذا المنصب الذى كان فى حوجة إلى قدرات حقيقية بحسب الظروف ومعطيات تلك الفترة الحرجة ، التى تتمثل فى متطلبات تحويل الجيش الشعبى عقب إنتها حرب التحرير وتحويله من غوريلا ومليشيات إلى جيش قومى محترف ، لم ينجح نيال دينق فى هذا المنصب الهام فى قيادة الجيش ، بل أثناء وجوده كأهم رجل فى قيادة هرم المؤسسة العسكرية بعد القائد العام لم يقم بأدواره الروتينية كجذء من مهامه كوزير دفاع مثلا الزيارات الميدانية للجيش للتعرف على متطلبات المرحلة آنذاك ،إعتكف الرجل فى مكتبه إلى أن غادر وزارة الدفاع دون ترك أى بصمات واضحة خلفه.
كذلك عاد نيال إلى وزارة الخارجية متقلدا كرسى الوزارة ، لم يترك المرشح لخلفية الرئيس اى بصمات واضحة إلى أن غادرها ، يتقلد نيال دينق حاليا منصب وزير شؤن الرئاسة ، وفور توليه لهذا المنصب العديد من عناصر الحرس القديم فى الحزب الحاكم وداخل شلليات النظام ، العديد من مؤيدى النظام ، توقعوا وتفائلوا بقدوم نيال دينق لعله يحدث تغييرات جزرية تتطلبها المرحلة ، منها على سبيل المثال إحداث تغييرات فى عملية إدارة دولاب الدولة ، وتفائلوا بأن هذه الشخصية قد يساهم فى إختراق فى العديد من ملفات الدولة وقضاياها الشائكة والمتعددة منها إحداث تغييرات فى الفريق المحيط والذى يحتوى تفكير رئيس النظام ، وذلك بتغليب وتقديم الملفات الأولوية زات الأهمية التى قد تساعد الرئاسة والرئيس نفسه فى تغيير أدوات اللعبة والإدارة ، ولكن حدث العكس تماما فالرجل رغم خلفيته وتجاربه التنفيذية ، لم ينجح فى تقيدم الجديد بحدوث إختراق حقيقى وإستخادم خبراته التى التنفيذية التى إكتسبها وتوظيفها للنجاح فى مهمامه الجديدة.
ولكن حدث ما هو عكس بخلاف كل التوقعات بل وجوده فى هذا الكرسى حدث عدة أخطاء ولا زالت هذه الأخطاء وإخفاقات تتكرر بصورة يومية ، ولم يستطيع نيال دينق فرض سياسات جديدة رغم نه هو المسؤل الأول فى كل ما يتعلق بأهم مكتب داخل الدولة ، فقد حدث شى لم يكن فى الحسبان منها التجاوزات التى ظلت يقترفها سماسرة النظام وبعض الإنتهازيين فى رئاسة الجمهورية ، منها الشخصيات التى يتم إدخالها للقصر فى مواضيع إنصرافية ليست زات أهمية ولا علاقة لها بالبروتكولات ولا علاقة لها بقضايا الدولة المهمة ، هذه القضية كشفت مدى عدم قدرة نيال دينق فى إمكانية نجاحه فى مهامه الجديدة كرجل دولة يفكر بعقلية تقدمية.
زكر الكاتب فى مقاله أيضا أن الشخصية الثانية الأوفر حظا بين شلليات النظام للفوز بكرسى الرئاسة وحسم صراع السلطة الدائر بين تيارات الناظم المختلفة لصاله ، هو رئيس جهاز المخابرات الداخلى هذه الشخصية بالنسبة لمدى توفر الحظوظ والإجماع عليه لخلافة الرئيس ، هذا الجنرال لديه كروت قد تساهم فى إيصاله للمنصب الذى يدور الصراع حوله ، وبنفس القدر لديه العيوب التى قد تقلل من فرصه فى الفوز بخلافة الكرسى ، فهو بالنسبة للرئيس قد يكون من أفضل الخيارات لانه وبحب مهامه كرجل مخابرات نجح فى القضاء على خصوم الرئيس وقمع كل معارضى النظام هذه الوضعية بالنسبة للرئيس هى وضعية نوعا ما مريحة ، لكن هناك عوامل قد تؤثر فى جعله الخيار الأنسب وتقلل من حظوظه فى الفوز بالمنصب ، فمن بين هذه العوامل ان الرجل قد يواجه عدم قبول من المجتمع الدولى والإقليمى بسسب التقارير التى نشرتها بعض الجهات بأن الجنرال هو المسؤل الأول عن إختفاء شخصيات كانت معارضة للنظام ، وهذا الملف يرتبط بقضايا حقوق الإنسان وقد ينجح أعداء النظام وأعداء الجنرال فى إستخدامها وممارسة ضغوطات لإبعاده كبديل لخلافة منصب الرئيس.
فى الختام نقول فى إن تقييمنا لحصيلة وتحليلات وقراءات الكاتب فى هذا المقال الكاتب قدم تحليلا كان موضوعيا فى بعض النقاط وأصابت جذء من تحليلاته كبد الحقيقة ، وكان مخطئا فى بعض الأحيان ، ولكن التحليلات التى خرج بها ياد فى مقاله هذا ، لا تعنينا فى شئ ولن يفيدنا طالما كانت المعركة فى حد زاتها والصراع هى معركة بين تيارات النظام (صقور النظام) لذلك لن يفيدنا هذا الصراع بسقوط البقية سواء كان هذا التكسير نتيجة مرجحة ام تم الترتيب لها ترتيبا مسبقا وبدقة ، ام كانت نتيجة مؤامرة بين الرفاق المتصارعين والمتآمرين فى الضفة الأخرى ، ولن يفيدنا شيئا فى نجاح الطرف الآخر والعبور بنجاح فى حسم الصراع لصالح أيا من الشلليات المتصارعة ، فكل هذه الوقائع هى فى النهاية تعنى إستمرار النظام بأوجهه وصوره المختلفة ، كل ذلك لا يفيدنا فى شئ ، إن ما يعنينا وما يهمنا وقضيتنا المركزية المهمة بالنسبة لكل السودانيين الجنوبيين التى أرهقتهم صراعات هذه الشلليات هى زوال هذا النظام بشللياته المتصارعة حول السلطة بهدوء ، وإفساح المجال للسودانيين الجنوبيين لإختيار البديل الأنسب لهم الذى يمثلهم والذى بإمكانه أن يقودهم إلى الخروج والإنفكاك من دوامة صراعات السلطة ، نحو الغايات المرجوة وهى دولة المواطنة دولة ديمقراطية شعارها العدالة الإجتماعية ، طلما كان الفشل المتواصل هى الصفة المتلازمة لكل هذه الشلليات المتصارعة حول السلطة فى جنوب السودان.
3 ديسمبر 2020م