تقرير التحقيق النهائي حول ملابسات أحداث قومبو شركات

واجوما نيوز

 

الجزء (الأول)

ترجمة: دينقديت أيوك

 واجوما نيوز – جوبا

  1. مقدمة

هذا هو التقرير المقدم لفخامة رئيس الجمهورية، من قبل لجنة التحقيق التي تم تشكيلها بموجب القرار الجمهوري رقم (15) لسنة 2020م، والقاضي بإجراء التحقيق في ملابسات الأحداث التي جرت في منطقة قومبو شركات؛ في الثالث من شهر يونيو 2020م، والتي قُتِلَ فيها ستة (6) أشخاص وجرح ثمانية (8) آخرين.

تم تكوين اللجنة في الرابع من شهر يونيو 2020م، وفقاً للصلاحيات المخولة لرئيس الجمهورية في أحكام المادة 101 (t) من الدستور الانتقالي للسُّودان الجَنُوبي لسنة 2011م (المعدل)، مقروءة مع المادتين 5 الفقرة (1) و(6) في قانون لجان التحقيق للعام 2006م. تتألف اللجنة من سبعة (7) أعضاء، بمن فيهم رئيس اللجنة، وقد تم اختيارهم بناءً على صفتهم الرسمية، على النحو التالي:

 

  1. وزير العدل والشؤون الدستورية، رئيس اللجنة
  2. قائد الدفاع بقوات الدفاع الشعبية السُّودَانِيَّة الجَنُوبِيَّة الـ(SSPDF)، عضو
  3. المفتش العام لقوات الشرطة، عضو
  4. المدير العام لمكتب الأمن الداخلي بجهاز الأمن الوطني، عضو
  5. المدير العام للاستخبارات العسكرية، عضو
  6. مدير النيابة العامة، عضو
  7. المستشار القانوني منجلواك ألور كوال، عضو

 

مع الأخذ في الاعتبار الحاجة لتكون اللجنة شاملة لإضفاء الطابع القومي عليها، قررت اللجنة اختيار خمسة أعضاء إضافيين وهم:

 

  1. اللواء بيار أتيم أجانق ممثل مجتمع بور.
  2. النائبة المحترمة آن لينو وور أبيي، عضو المجلس التشريعي القومي الانتقالي، وممثلة النساء كحقها المستحق، وممثلة دائرتها الجغرافية، مجتمع بور الكبرى.
  3. اللواء ديفيد أوهشولي ليمونج، بديلاً لمدير الاستخبارات العسكرية، والذي أيضاً يستوفي شروط القومية، إذ ينحدر من ولاية شرق الاستوائية.
  4. اللواء جون دانيال كيبا، من جهاز الأمن الوطني / مكتب الأمن الداخلي، لإستيفائه شروط القومية، إذ ينحدر من ولاية غرب الاستوائية.
  5. المدير التنفيذي لمقاطعة رجاف بولاية جوبيك السابقة.

 

تم تحديد سبعة (7) أيام كفترة لاختصاصات اللجنة، وكان من المقرر أن تختتم النتائج التي توصلت إليها في غضونها، وترفع تقريرها إلى فخامة رئيس الجمهورية، إلا أنه كان لابد من تمديد تلك الفترة حتى السابع من شهر يوليو 2020م، بناءً على طلب اللجنة.

تمكنت اللجنة في سياق أعمالها من تسجيل البيانات من الشهود والمشتبه بهم الذين تم اعتقالهم ووضعهم رهن الاحتجاز من قبل الشرطة ووكالات الأمن الأُخرى مثل جهاز الأمن الوطني (مكتب الأمن الداخلي) والاستخبارات العسكرية. زارت اللجنة موقع الأحداث في مناسبتين منفصلتين، واجتمعت مع سلطات الولاية وسلطات الحكومة المحلية في قومبو شركات. تلقت اللجنة إحاطات كاملة، وكذلك أدلة موثقة من الشرطة والاستخبارات العسكرية، وجهاز الأمن الوطني وسلطات الحكومة المحلية، وقبل كل ذلك، قادة المجتمعات المحلية في بور وبحر الغزال ومجتمع باري.

من الحقائق والأدلة التي جُمِعَتْ، توصلت اللجنة إلى نتيجة أن الأحداث التي وقعت في شركات، لم تكن مجرد مسألة جنائية شائنة، يمكن أن تُحل ببساطة بموجب القوانين المنظمة للعدالة الجنائية. إنها تُثِيرُ مسائل وثيقة الصلة بقضايا المصلحة العامة التي تحتاج أن تجري الحكومة تحقيقاً أو استبحاثاً فيها، من أجل الوصول إلى مخاطبتها ومعالجتها بشكلٍ مناسبٍ. ويمكن إبرازها على النحو التالي:

  1. كانت الأحداث التي وقعت نتيجة الخلاف على قطعة أرض متنازع عليها والتي تم الحصول عليها، أو جرى الإدعاء على حيازتها من قبل اثنين من المتنافسين في تجاهلٍ تام للإجراءات القانونية التي تنظم حيازة الأراضي. هذه الممارسة شائعة جداً، وهي كذلك معروفة شعبياً بـ(الاستيلاء على الأراضي) land grabbing وتقع قطعة الأرض التي جرى التنازع عليها في موقعٍ كان يستخدم كمقابر حيث تم دفن الموتى. إنّ عمليات الاستيلاء على الأراضي ليست شيئاً تتفرد بها منطقة قومبو شركات، فهي تحدث في جوبا وأجزاء أُخرى من البلاد.

 

  1. كان الخلاف والتنازع على قطعة الأرض في شركات بين ضابط عسكري ونفراً من حراسه المسلحين، ينحدرون من بحر الغزال الكبرى من جهة، ومدنياً على الرغم من أنه لم يكن مسلحاً ببندقية، إلا أنه حظي بالتعاطف والدعم الواضح من أعدادٍ كبيرةٍ من أفراد مجتمعه المقيمين في منطقة شركات، وينحدرون من مجتمع بور في جونقلي من جهةٍ أُخرى. وتعتبر الأبعاد المجتمعية للأطراف المتنافسة نزعةً خطيرةً ينتج عنها تقريباً ودائماً مواجهة عنيفة للمجموعة.

 

  1. تبدو الأحداث عملية مدبرة ضد المقدم لوال أكوك وول من قبل خصومه والمتعاطفين معهم. لقد قُدِّمَ له تمويهاً جعله يعتقد أن الاجتماع الذي دُعي لحضوره في اليوم المشؤوم (3/6/2020م)، كان الغرض منه هو الحل السلمي والوُدِي للنزاع على قطعة الأرض. وفي هذه الحالة، تعرض للهجوم الجسدي بمجرد ظهوره في مكان الاجتماع.

 

  1. كان هناك غيابٌ واضح للسلطات على المستوى القومي والمستوى الولائي ومستوى سلطات الحكومة المحلية في السيطرة على الأوضاع. كان النزاع على قطعة معينة من الأرض بين الأطراف المعينة، يتباطأ علناً، وقد تم تبليغ السلطات على جميع المستويات بشكلٍ منتظمٍ، ولكن لم يكن هناك تدخلاً فعالاً.

 

  1. كان هناك إساءة استغلال للصفات الرسمية وتولياً غير قانونياً للسلطات، لا سيَّمَا من قبل بعض العسكريين الذين يعملون كسلاطين، الذين تولوا سلطات أُخرى ذات صلة بالقانون والنظام والإدارة العامة، وهي سلطات مخولة بموجب أحكام القانون للمؤسسات الحكومية الأُخرى. في الواقع، كان هناك تجاهل واضح للغاية لتطبيق القوانين ذات الصلة من جميع النواحي. هذا التجاهل للقوانين يُسمى الإفلات من العقاب، وهو عالمياً يعتبر علامة على فشل المؤسسات التي تكون مسؤولة عن المساءلة أمام الشعب.

 

  1. يُشِيرُ استخدام الأسلحة التابعة للجيش في إطلاق النار على المدنيين العزل إلى انعدامٍ تامٍ للاعتناء بحياة البشر وحقوق الإنسان الأساسية المنصوص عليها في الدَّسْتُور.

 

  1. الاحتجاج العنيف الذي اندلع بشكلٍ عفوي في شركات على الفور بعد الأحداث، كان ذا طابعاً سياسياً استهدف الحكومة. هناك بعض الدلائل التي تؤكد استخدام الشعارات التي دعت إلى إسقاط الحكومة. وقد تعرضت المكاتب العامة والممتلكات الأُخرى للهجوم وتعرضت بعض المعدات العامة للتخريب والتلف في تلك المكاتب.

 

  1. كان المقدم لوال أكوك وول يستخدم بعض الجنود التابعين لقوات الدفاع الشعبية السُّودَانِيَّة الجَنُوبِيَّة كحراسه الشخصيين، وانخرط في المهمات الشخصية خارج توجيهات القيادة العسكرية. هذا مؤشرٌ خطيرٌ على انعدام الانضباط في صفوف الجيش، ويُظهر أثر الفساد على سلوكيات بعض العناصر بالمؤسسة.

 

يحلل التقرير الحقائق والآثار القانونية والإدارية للأحداث ويسرد نتائج وتوصيات اللجنة. وقد تم وضع الخطوط العريضة للتقرير على النحو التالي:

 

  • الملخص السردي للأحداث
  • الإحاطة والاستماع
  • الحقائق والتحليلات للقضايا الناشئة عن الأحداث
  • النتائج التي توصلت إليها اللجنة
  • التوصيات

 

  1. الملخص السردي

 

إنّ الأحداث الدامية التي وقعت في قومبو شركات، المنطقة السكنية الواقعة على الضفة الشرقية للنيل، في الثالث يونيو 2020م، سببها التنازع على الأرض، القطعة رقم (1) بقومبو جنوب، سجلها السلطات المحلية باسم ديفيد قوري فاوستينو. وقد تم إرجاعها إلى اتحاد موقف باصات بور Bor Bus Park Union والذي  قام حينها باستئجار جزء منها للسيد أجيط جووك يور لبناء مراحيض ودورات المياه العامة فيها.

في شهر مارس 2020م، قام المقدم لوال أكوك وول، والمعروف بـ(لوال مارينز)، وهو ضابط بقوات الدِّفَاع الشَّعْبِيَّة السُّودَانِيَّة الجَنُوبِيَّة الـ(SSPDF) ببناء متاجراً في المقابر بالقرب من المراحيض العامة. نتج عن هذا نزاع بين المقدم لوال والسيد أجيط. تم اخطار السلطات بالأمر، بما في ذلك المؤسسة العسكرية، التي ينتسب إليها المقدم لوال كضابط بقوات الدِّفَاع الشَّعْبِيَّة السُّودَانِيَّة الجَنُوبِيَّة الـ(SSPDF). لم يتم إتخاذ أي إجراءات، رغم ذلك، لكن الضابط استمر في نشاطه الرامي إلى الاستيلاء على الأراضي.

تعرضت متاجر لوال للتخريب في الثاني من يونيو 2020م، فكان رد فعله رفع دعوى جنائية، لكن السلطان ميان داو من مجتمع بور اتصل به هاتفياً ودعاه إلى اجتماع لحل القضية في اليوم التالي. في الثالث من شهر يونيو 2020م، اليوم التالي، ذهب لوال إلى الموقع برفقة حراسه الشخصيين لحضور الاجتماع، فوجد حشداً من النَّاس بدأوا في سبه وتحقيره. ضرب مليط وأجيط لوال على الرأس والرقبة بفولاذ وعصا، فسقط فاقداً الوعي ورد حراسه بإطلاق النار.

أسفر إطلاق النار عن مقتل أشخاص وإصابة آخرين. فقد ستة (6) أشخاص حياتهم، بمن فيهم المقدم لوال، وضابطاً آخر برتبة النقيب وجرح ثمانية (8) آخرين. ثُمَّ توجه الحشد إلى منزل لوال وهو رقعة واسعة تبلغ مساحتها (22,000) متر مربع وتسبب في تخريبٍ جزئي. تم تخريب الممتلكات العامة أيضاً أثناء الأحداث.

 وفي تطورٍ ذي صلة، تم إطلاق النار على النقيب منيانق شول منيانق الذي ينتسب إلى قوات الدِّفَاع الشَّعْبِيَّة السُّودَانِيَّة الجَنُوبِيَّة الـ(SSPDF) بواسطة الجندي لوكا ميان قويت في ليلة نهار الأحداث داخل الحامية. اعترف الجندي بإطلاق النار، لكنه نفى سبق الإصرار والترصد.

كانت مهمة اللجنة إجراء التحقيق في ملابسات الأحداث وتقديم النتائج والتوصيات إلى الرئيس في غضون سبعة (7) أيام من إصدار الأمر. وأدَّتْ اللجنة اليمين الدستورية في السابع يونيو 2020م أمام رئيس الجمهورية، وعقدت أولى اجتماعاتها بعد ظهر نفس اليوم.

من أجل تنفيذ المهمة بكفاءة، عينت اللجنة سكرتارية مكونة من خمسة (5) مسؤولين من وزارة العدل والشؤون الدستورية ووزارة الداخلية وقوات الدِّفَاع الشَّعْبِيَّة السُّودَانِيَّة الجَنُوبِيَّة الـ(SSPDF)، برئاسة مدير النيابة العامة الذي هو أيضاً عضواً باللجنة.

بدأ التحقيق في الثامن يونيو 2020م، ونظراً لضخامة المهمة، والتي لا يمكن إنجازها في سبعة أيام، تم تقديم طلب لتمديد المدة لسبعة أيام أُخرى، اعتباراً من الثامن عشر يونيو 2020م. ومع ذلك، تم الموافقة على الطلب في 30 يونيو 2020م إلى أن يستمر حتى السابع يوليو 2020م.

وعقدت اللجنة ستة عشر (16) جلسة دوَّنت فيها إفادات خمسة وثلاثين (35) شخصاً، بعضهم يمثلون المشتبه بهم في الإجراءات الجنائية الناشئة عن الأحداث، وتتولى إدارتها النيابة العامة والشرطة وآخرون باعتبارهم شهود. وقد استمعت اللجنة أولاً إلى إحاطات وتقارير من الشرطة والأمن الوطني والاستخبارات العسكرية والسلطات المحلية فيما يتعلق بالأحداث.

سبعة (7) من الحراس الشخصيين للمقدم لوال متورطون في إطلاق النار والجندي الذي أطلق النار على النقيب في طابور العرض، رهن الاعتقال الآن في مرفق الاحتجاز العسكري، في انتظار الفصل في القضايا الجنائية المرفوعة ضدهم.

إنّ إجمالي عدد المشتبه بهم الموقوفين في الإجراءات الجنائية نتيجة الأحداث خمسة وعشرون (25) شخصاً، منهم سبعة عشر (17) مدنيون وثمانية (8) جنود من قوات الدفاع الشعبية السودانية الجنوبية (SSPDF). ثلاثة مشتبه بهم آخرين في الإجراءات الجنائية، وهم شول كوج وماجير (لم يتم تحديد اسم الأب) ودينق يول. لم تتمكن اللجنة من أخذ أقوالهم لأنهم لاذوا بالفرار.

زارت اللجنة موقع الأحداث وانخرطت في إجراء اتصالات مع السلطات المحلية وسلطات الولاية وممثلي مجتمعات بحر الغزال وبور وباري. نأت المجتمعات الثلاثة بنفسها عن الصراع، معتبرة أنه ناجم عن النزاع على قطعة الأرض بين المقدم لوال مارينز وصاحب المراحيض العامة في موقف باصات بور. ألقى مجتمع بور باللوم على الحكومة لإهمالها حيث تلقت تقارير حول النزاع، لكنها فشلت في التدخل لحله. وأشار مجتمع باري إلى أن الأحداث لم تكن لتحدث لو تم وقف عمليات الاستيلاء على الأراضي، وأضاف: “الأراضي التي تم الاستيلاء عليها تم مسحها وترسيمها وتخصيصها للأشخاص الذين لديهم وثائق حيازتها”. كما زارت اللجنة منطقة جبل عميانين، التي تشهد موجةً مِنْ أنشطة الاستيلاء على الأراضي، بمشاركة أفراد من الجيش ويطلقون على المنطقة اسم (حي السلام).

 

Translate »