جنوب السودان ..طفولة مفقودة وأمل مجهول
واجوما نيوز
بقلم: أشوكي أيول
أن الطفل يُعد البذرة الأولى التي تقوم عليها المجتمع ككل ونشأته تنشيئة سوية فإنه بالطبع سيكون شخص سوي ، له دور فعال في تنمية مجتمعه ، وعلى النقيض فإن تربية الطفل بطريقة سيئة تعرض المجتمع لأنتاج اشخاص غير ايجابيون في المستقبل، وبالتالي يتأثر المجتمع بصورة سلبية ، و يدخل المجتمع في حلقةٍ غير منتهية من التنشئة السيئة لأجيال القادمة . لكن ليست التنشيئة السوية أو غير السوية هي المؤثرة في المجتمع فقط ، بل ما قد يتعرض له الأطفال من ” انتهاكات ” أيضا في المجتمع هنا وهناك.
من هنا دعونا نلقي نظرة سريعة على اتفاقيات حقوق الطفل وما افردته من مساحة لتضمين حقوق الطفل في كيفية المجتمع ان تزيين بها حياة الطفل .
ان الاتفاقية الدولية التي عقدتها الأمم المتحدة سنة 1989 م وكان السبب في عقد الاتفاقية تأمين حياة كريمة للطفل بما يمكن من خلالها أن ينشأ بصورة سوية دون أن يتعرض لانتهاك لحقوقه .
فقد تتابعت الاتفاقيات ، فأصدرت لاحقا إعلان جنيف لحقوق الطفل سنة 1924 م وتلاه إعلان أخر في سنة 1959 م ، وقد تناولت فكرة تلكم الاتفاقيات والإعلانات رسالة واحدة ، وهي أن الطفل لا يملك دفع الضرر البدني أو النفسي عنه بسبب عدم اكتمال نضجه الجسمي والعقلي ، ولذلك على الجهات المعنية توفير الرعاية الخاصة والحماية التي يحتاجها الطفل من ولادته وحتى مرحلة البلوغ . وقد لاقت الاتفاقيات موافقة من الكثير من دول العالم ، حيث وقع على الاتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 م دول الأعضاء بالأمم المتحدة ، فقد بلغ عدد الموقعين على الاتفاقية وقتها 193 دولة وقد تضمنت الاتفاقية على 54 مادة توضح بصورة جلية حقوق الطفل التي يجب أن يتمتع بها كل طفل في العالم ولا يوجد تمييز بين الأطفال من حيث الجنس والنوع.[1]
وتركز كافة بنودها على :-
أ/ الحق في البقاء ، والنمو بصحة جيدة والحماية من الأمراض الضارة .
ب/الحق في العيش في وسط اسري صحي وألا يتعرض لأي استغلال من أي نوع .
ج/ الحق في الإدلاء بالرأي والمقابلة بالاحترام ، والحق في ممارسة حياته الاجتماعية والثقافية .
د/ الحق في حمايته المدنية والقانونية .
هـ/ الحق في التعليم والحق في جميع الخدمات المتعلقة به.
هنا نفرد مساحة مهمة ونتسال عن موقع الطفل الجنوب سوداني من تلك النقاط السالفة ؟
لقد شهدت جنوب السودان عملية قتال مستمرة و الحروب الأهلية منذ ان نال استقلالها في عام 2011، أدى ذلك إلى نزوح الكثير وتشرد بنسبة كبيرة من الأسر في كل أنحاء البلاد ، وأيضا زادت الأوضاع سؤا بعد ذلك.
ولأن الحرب وأثارها لا تفرق بين فئات المجتمع ، فأثارها تطال الصغار والكبار على حد سواء بل وتزيد معاناة الأطفال بعد تعرضهم للحرب وأثناءها يخسر الطفل احيانا والديه أو احداهما مما يجعله عرضة للتشرد والاكتئاب وفقدان الدعم التربوي والعاطفي الأسري وكل هذا ما يحدث لهم في حال اللجوء.
كما أن تأثير الأطفال نفسياً وجسدياً اكبر من إطلاق النار أو الشظايا أو الألغام الأرضية مما يجعلهم عرضة للإصابة بالأمراض والإعاقات وكل ما يصاحب حالة الحرب من هلع واضطراب نفسية .
هنا نجد الطفل الجنوب سوداني وسط أمل مجهول وطفولة مفقودة حتى لا يمكنه معرفة ما يريد أو كيف له أن يتخيل حياته وسط تلكم التحديات التي تواجهه ،هكذا هي حال جنوبنا اليوم نجد الكل يصرخ بأن الطفل من حقه أن يعيش مثله ومثل أي طفل اخر ولكن نجد الطفل الجنوب سوداني في حالة ضياع كامل. ونلاحظ ضياع بعض منهم في الاسواق ، الشوارع ،منهم من يعمل في محطات السيارات يقومون بعمليات الغسيل في سن مبكر والموجودين في منازلهم يرون مناظر لا يطاق من قبل أهاليهم والمحيط ونصفهم في مخيمات الأمم المتحدة داخل وخارج البلاد، حتى أصبحنا لا نفرق بين من في داخل “بــــدار الأيتام ” وامثالهم في البيوت، لأن الطفل أصبح متشردا بمعنى الكلمة
هنا يكمن السؤال عن المسؤول في تسبيب كل هذه المأساة ؟ وكيف لنا أن نحلم بالغد والتوقع بمستقبل مشرق خال من التشرد والظلم ؟ دعنا نجاوب ونقول بأن الخوف أصبح يحيط بنا من كل الجوانب ،أصبحنا نخاف من المستقبل الذي بات شبه مظلمة وما يحمله من الشحنات ، الكراهية ، الظلم ، النبذ ، خراب ،فساد ، تلوث عام.
فالطفل بدلا من أن يرى البسمة في أوجه الاخرون في بلادنا فيرى الظلام والخوف لأنه يرى أن كل شي ضده بقاءه، نموه، تعليمه ،حقوقه، و أحلامه كطفل . يستوجب على اطفالنا أن يعيشوا في بيئة صحي خال من اي ضغطوطات او اي اشكال الاعتداء على أحلامه وطموحاته ، والتي ينبغي على كل الجهات أن توفر له جميع الخدمات المتعلقة به حتى يمارس حياته بكل حرية وذلك بوضع مخطط واضح يعم لرفع معنوياته في كل انحاء البلاد وبناء مؤسسات خاصة اجتماعية وثقافية تهتم بقضاياهم ، علما بأنه توجد مؤسسات حكومية مسؤولة والتي عليهم عمليا العمل بجهد .
حقا يؤلم ما يمر به أطفالنا في كل أنحاء البلاد وخارجها لذا يجب علينا جميعا أن لا ننسى بأن الضغط يؤثر على نفسية الطفل ويسبب في ضياعه وأن المسؤولية تقع على عاتق الكل في حمايتهم من الضياع لأن ضياعهم يعني ضياع جيل كامل (المستقبل)…؛؛
———————————
[1] اتفاقية جنيف لحقوق الطفل لعام 1924 والتي تم اعتمادها في عام 1959