الإتحاد الكونفدرالي لجنوب السودان – رؤية لحل أزمة الحكم في البلاد
واجوما نيوز
بقلم : د. ادم جون
المقدمة
تتمثل ازمة الحكم في السودان منذ الاستقلال بصورة مختصرة في السؤال القديم المتجدد مع كل حقبة هو (كيف يحكم السودان ؟؟) ومع هذا السؤال حدثت معه ازمة العلاقة الطويلة المدى بين النخب السياسية فيما بينها عامة وبين الحكومة المركزية في الخرطوم مع جنوب السودان خاصة، والتي بدأت مع مطالبة الجنوبيين بالفيدرالية عام 1947م.
ومع تجاهل النخبة السياسية الحاكمة في السودان لهذا المطلب تفاقمت الازمة واتسعت الهوة بين شطري البلاد الى ان تم اقرار الفيدرالية المركزية القابضة خلال فترة حكم الانقاذ الوطني في مطلع التسعينيات من القرن الماضي، والتي لم تلبي طموحات النخب السياسية في جنوب السودان، وكانت دون المستوى المطلوب في ادارة الموارد بصورة تحقق الاستغلال على المستوى المحلي والولائي في السودان وجنوب السودان، وبعد جهود مضنية ومفاوضات شاقة تم توقيع اتفاقية نيفاشا للسلام في السودان بإعطاء حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان والذي غلب خيار الانفصال.
ومع تسلم الحركة الشعبية لتحرير السودان لمقاليد الحكم في جنوب السودان وفقا لاتفاقية السلام عام 2005م الى الآن (2020م) لا يزال السؤال القديم مطروحا، ولكنه طرأ بشكل جديد من (كيف يحكم جنوب السودان ؟؟) الى (من يحكم جنوب السودان ؟؟) مما قاد الى وصلت اليها البلاد من حرب اهلية طاحنة ادت الى تدمير في الممتلكات العامة والخاصة ونزوح المواطنين وتهجير قصري لهم من اوطانهم وازمة انسانية شهد العالم اجمع بفظاعتها.
وبالرغم من توقيع اتفاقية حل النزاع في جنوب السودان عام 2015 م، والتي لم تفلح هي الاخرى في الوصول لسلام دائم بين جميع مكونات الشعب والقوميات الاخرى، مما ادى الى اعادة انتاج الازمة واستمرار النزاع وتفاقمها في 2016م، وبتدخل المجتمع الدولي ومنظمة الايقاد والاتحاد الافريقي ومجموعة الترويكا قد افلحوا في لم الفرقاء للتوقيع على اتفاقية السلام المنشطة لحل النزاع في جنوب السودان عام 2018م والتي مضت عليها حتى الآن عامين دون تطبيق العديد من البنود ولا تزال تراوح مكانها بسبب تعنت الحكومة ولجوئها لعامل إضاعة الوقت مما اصاب الناس باليأس، وهناك الكثير من الغموض في تطبيق بنودها خاصة الترتيبات الأمنية والتي لا شك بشكلها الحالي لن تبني وطنا متماسكا في ظل الارهاصات الحالية.
ومن اجل الخروج من الحلقة المفرغة والدوامة المستمرة بما يسمى بساقية جحا، ومن اجل التفكير خارج الصندوق وابتكار حلول جديدة وعملية وقابلة للتطبيق والنظر لمستقبل الاجيال القادمة كان لابد من تقديم رؤية وطنية قومية تدعو للمساهمة في تقديم حلول ناجعة ومعالجة جذور المشكلة الحقيقية التي لاتزال تعاني منها البلاد، وان الحل المطروح اعتقد انه حل ممكن يسع ويستوعب جميع مكونات الشعب ويراعي خصوصيات القوميات ويعمل على اعطائها الحرية الكاملة في ادارة مواردها الذاتية وتسخيرها في خدمة مواطنيها وتلافي ازمة الهيمنة القبلية والاثنية التي كانت ولا زالت تشكل سببا رئيسيا فيما يحدث الآن وادت الى غياب حكم القانون والتالي ادت الى استشراء الفساد ونهب اموال البلاد وموارد البترول وسوء ادارة المشروعات التعامل باستعلاء تجاه الاقليات الاخرى من خلال التحكم والتسلط عليهم، وكما ان الحل المطروح يمثل نمطا جديدا وشكلا من اشكال انظمة الحكم التي يمكن تطبيقها نظرا للتجارب الموجودة من حولنا في المحيط الافريقي والعربي والاوربي، بل وانه شكل يجسد احد الحلول التي يمكن تجربتها من خلال توقيع اتفاقيات محددة من اجل انجاز مهام معينة تعمل على الاقل رتق النسيج الاجتماعي المتدهور، ويعتبر هذا الطرح (الاتحاد الكونفدرالي) طرح مختلف كليا عما هو قائم في البلاد من حيث نظام الحكم المركزي الذي يكرس السلطوية والجهوية المبنية على الاغلبية القبلية مع العلم ان اغلب الشعب امي يتم تعبئته بلغة القبيلة اكثر من لغة القومية والوطنية، ويمكن لهذا النموذج ان يحتذى به والاخذ به كإحدى الحلول المطروحة لتحقيق سلام مستدام في جنوب السودان.
وحينما اطرح هذا المشروع اعي جيدا انه يختلف معه الكثيرين خاصة الذين يرونه ينتقص من هيمنتهم الحالية والتي سوف تجردهم من نهب ثروات الاخرين من دون وجه حق ومن دون ان تعود عليهم بشئ على المواطنين في شكل خدمات او خلافه، وانا على قناعة تامة مع إعمال روح المسؤولية الوطنية وإبداء حسن النية والنظر لهذا الطرح من منظور المصلحة العامة للبلاد في ان تبقى متماسكة ومتوحدة ولو لفترة تطبيق الاتفاقية الخاصة بها، وضرورة فتح آفاق للنقاش الحر حوله وتحويله لمشروع مبادرة وطنية، وادعو كافة الأحزاب السياسية والحركات المسلحة في الداخل والخارج والموالية للحكومة والمعارضة وكافة النخب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الشبابية والنسوية، ادعوهم جميعا لتحرير العقول والنظر بعين الحقيقة وعدم دفن الرؤوس تحت الرمال كما يقال.
وكما انه اذا نظرنا لمن حولنا نجد نماذج للحكم الكونفدرالي والحكم الذاتي للاقاليم المكونة للدولة وفقا لإثنياتها وعرقياتها وإرتضت بها تماشيا لحفظ وحدة البلاد وتحقيق وإرضاء للقوميات في ادارة شؤونها بطريقة تعمل على المدى البعيد في إعادة بناء التوازن الوطني الشامل، ومن بين هذه النماذج في المحيط الافريقي نموذج الفيدرالية الإثيوبية، ومن المحيط العربي نموذج الامارات العربية المتحدة، ومن أكثر النماذج الحديثة نموذج الإتحاد الاوربي (وهو الاكبر حجما والاكثر فترة للتطبيق الاولي)، كل هذه النماذج تحقق مصلحة مشتركة للدولة من جهة وحدة البلاد، وللاقليم والاثنية او العرقية من جهة اخرى لضمان عدم العبث بمواردها.
لذا اعتبر ان نموذج الاتحاد الكونفدرالي نموذجا للحكم في جنوب السودان وحلا وسطا يرضي كل القوميات في كيفية ادارة شؤونها وعدم التدخل في شؤون القوميات الاخرى والاعتداء عليها ونهب ثرواتها والتوغل والاستيطان الاجباري في اراضي الغير، وضمانا لوحدة البلاد الجغرافية والا فان ما يمكن ان نعتبره مهددا لايزال قائما وسوف تتشظى البلاد الى ما يمكن ان يقود الى ثورات تحرير اقليمية تطالب بالحكم الذاتي الكامل والانفصال وتقاتل من اجل حماية اراضيها وقومياتها. وعليه يمكننا تناول نموذج الاتحاد الكونفدرالي لجنوب السودان المقترح من النقاط التالية:
- التعريف بنموذج الحل (نظام الاتحاد الكونفدرالي):
بعد استقراءنا ودراستنا لنماذج الحكم المنتشرة حولنا وفي سيعنا للوصول لنموذج يكون اقرب للحل، ولتفادي البقاء في الحلقة الدائرية المفرغة، فإن فكرة (مشروع الاتحاد الكونفدرالي لجنوب السودان)، يعرف على انه نظام حكم كونفدرالي لكل القوميات التي استقلت مع انفصال جنوب السودان عام 2011م بمختلف انتماءآتها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بمساحتها الكلية التي تقدر بحوالي (620,000) كيلومتر مربع، وبحدوده الحالية المعترف بها بتأريخ استقلال السودان في 1/1/1956م. حيث يهدف النموذج الى تكوين نظام حكم اقليمي ذاتي (اثني او قبلي)، يتيح لها الادارة الكاملة على مواردها من شأنه تطوير قدراتها المحلية بمختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والخدمية والتنموية.
- لماذا مشروع الإتحاد الكونفدرالي؟؟
إن مشروع الاتحاد الكونفدرالي يسعى لتحقيق الاهداف التالية:
- الإجابة على السؤال القديم المتجدد كيف يحكم ومن يحكم جنوب السودان وذلك بضمان عدم هيمنة الاغلبية القبلية على مقاليد الحكم في البلاد وضمان سيادة القوميات على ادارة وتطبيق سلطة القانون الخاص بها دون تدخل المركز الا في حدود الدستور القومي في حدود معينة والتي يمكن ان تحدد من خلال مؤتمر دستوري جامع لكل القوميات والعرقيات.
- ضمانة أكيدة لبناء وحدة الشعب على أساس احترام حقوق القوميات من خلال تقوية العلاقات الاجتماعية والداخلية بين مكونات كل قومية والقوميات الاخرى بخلق نموذج تعايش اجتماعي متراضي عليه يعمل على تحسين الحياة وترقيتها لكل مكونات الاتحاد.
- تلافي ازمة ادارة البلاد بنظام الحكم العسكري وتجنيب البلاد ازهاق الارواح والخروج من هيمنة الاغلبية القبلية والبعد عن اشكالية التمثيل بالمحاصصات القبلية في المؤسسات التنفيذية للاتحاد.
- ضمان ادارة الموارد القومية في تحسين وبناء وتوفير البنية التحتية لكامل البلاد خاصة خلال فترة تنفيذ اتفاقية الاتحاد المقترحة بشفافية تامة.
- التاكيد على حسن ادارة الموارد القومية لكل اقليم او منطقة جغرافية محددة بما يتوافق ومصالحهم الخاصة بهم دون حجر او تدخل من الاخرين الا ان كانت تعتبر مصلحة وطنية عليا.
- ضمانة أكيدة للمساهمة الجماعية في التنمية القومية للاتحاد وتوفير الموارد المطلوبة بمساهمة جميع الاعضاء وليس الاعتماد على مورد واحد كما هو الان الاعتماد على البترول وحدها واهمال كامل لباقي الموارد التي تزخر بها البلاد.
- مقومات نجاح مشروع الإتحاد المقترح:
تتوفر لدى جميع أعضاء الاتحاد الكونفدرالي الموارد الطبيعية التي تضمن مساهمتها في انجاح نموذج مشروع الاتحاد الكونفدرالي، والتي يمكننا حصرها في النقاط التالية حسب موقعها الجغرافي:
- الكوادر البشرية المؤهلة:
حيث يمتلك جميع اعضاء الاتحاد ويزخر بكافة الكوادر التي خدمت في كل المؤسسات السودانية (سابقا) العديد من المؤسسات الدولية ويمكنها ان تساهم الاطار الجمعي لخدمة مصالح الاتحاد، خاصة في المفوضيات التي تتضمنها مؤسسات الاتحاد التنفيذية.
- موارد النفط والبترول:
يتواجد البترول في كل من بانتيو، فاريانق، أبيي، الميرم، جونقلي، أيوت، عداريل، كاكا، هذا المورد من اكبر الموارد التي يمكن للاتحاد استغلالها بصورة رشيدة في خدمة مصالح الاتحاد المشتركة في الوقت الحاضر والمستقبل خاصة والبلاد في حاجة ماسة لبناء وتوفير مؤسسات البنية التحتية القومية المشتركة.
- المعادن:
تتوفر العديد من الموارد المعدنية مثل اليورانيوم، النحاس، الذهب والحديد بمناطق مختلفة من الولايات الاستوائية وغرب بحرالغزال والتي بدأت الحكومة الحالية في استخراج البعض منها قبل اعوام من دون ان نعرف كم حجم الاستخراج الحالي منها وحجم مساهمتها في الميزانية العامة للدولة وما هي اثرها على الخدمات على المستوى القومي والولائي، كل هذه اسئلة لم تجد اي اجابات واضحة من السلطات بل ان البعض ذهب ابعد من ذلك ان هذه الموارد اصبحت تذهب خارج البلاد مثلها مثل البترول.
- الثروة الحيوانية:
لايخفى على ذي بصيرة ما تتمتع به البلاد من موارد الثروة الحيوانية التي تفوق الوصف في العدد والنوع، وهذه الثروة اذا احسن استخدامها يمكنها أن تدر دخلا رهيبا من خلال انتاج اللحوم فقط لدول الاتحاد الافريقي ناهيك عن الدول العربية والاوربية لما تتميز بها من خلوها من المغزيات الصناعية وتربيتها على المراعي الطبيعية وخلوها من الامراض المعدية التي تشكل خطرا على صحة الانسان.
- الأراضي الزراعية الخصبة:
تمتلك معظم القوميات في جنوب السودان أراضي زراعية صالحة للاستغلال وانتاج العديد من المنتجات الزراعية المتنوعة ويمكن الاستفادة منها واستغلالها الاستغلال الامثل والرشيد في:
- تأمين الأمن الغذائي للاستهلاك الداخلي في المرحلة الحالية والنظر لإمكانيات التصدير باقامة المشروعات الانتاجية في مختلف انواع الانتاج الزراعي البستاني والمحصولي.
- انتاج محصولات للتصدير لدول شرق افريقيا.
- انتاج محصولات للتصدير لمختلف دول العالم.
- الاهتمام المستقبلي في الصناعات التحولية ذات الصلة بالانتاج الزراعي كالزيوت والملبوسات والمشروبات والماكولات في مجالات التصنيع الزراعي.
- الموارد الغابية:
تزخر البلاد بالعديد من المساحات الغابية الشاسعة والتي تكاد تغطي مساحة 70 % من مجمل مساحة البلاد، ومن خلال هذه المساحة الغابية تنوعت المنتجات ما بين انتاج الصمغ العربي كمورد يمكن تصديره لمختلف دول العالم، وانتاج الاخشاب، بخلاف ما تتمتع به هذه الغابات من الحياة البرية التي يمكن ان تشكل مصدرا للسياحة المستقلبية بعد حدوث الاستقرار الكامل في ربوع الاقاليم.
- الثروة السمكية:
تتخلل البلاد العديد من الموارد المائية اعظمها النيل الابيض والروافد التي تغذيه وهي معلومة للجميع حيث انها مصدر هام جدا للثروة السمكية وهي كذلك ثروة يمكن استخدامها في التصدير وجلب العملات الصعبة لمختلف الاقاليم والولايات، بل حتى ان استهلاكها محليا يعتبر مصدرا للدخل وتحسين ميزانية الاقاليم.
- مدة تنفيذ اتفاقية الاتحاد:
يمكن تطبيق مشروع الاتحاد في شكل اتفاقية او معاهدة أو ميثاق يتم توقيعه بين ممثلي القوميات الحاليين لمدة ما بين ( 5 الى 10) سنوات، وذلك من اجل ضمان توفير الاحتياجات الاساسية المشتركة لاستمرار الاتحاد في حالة النجاح، او اختيار نظام حكم آخر خلال فترة تطبيق مشروع الاتحاد بعد دراسة كافة جوانب النجاح والسلبيات التي تم رصدها.
- إتفاقية او معاهدة الاتحاد:
يتم وضع اتفاقية أو معاهدة يتوافق عليها جميع القوميات في جنوب السودان دون استثناء، والتوقيع عليها على ضمان تنفيذ بنودها والتي منها على سبيل المثال لا الحصر:
- ضمان احترام حقوق الانسان لجميع القوميات والاقليات وضمان حرية التنقل والحركة والاقامة والتملك وحرية الصحافة والاعلام.
- العمل على اعادة بناء النسيج الاجتماعي وتعزيز المصالحة الوطنية وبناء السلام بين جميع القوميات والاعتراف الكامل بحقوق كل القوميات وسيادتها على اراضيها وعدم الاعتداء عليها واستغلالها الا بموافقتها في سبيل المصلحة الوقمية والوطنية لعموم البلاد.
- العمل على الاستفادة من موارد البلاد الاساسية في توفير البنية التحتية الاساسية المشتركة المتمثلة في:
- الطرق البرية والبحرية التي تربط جميع المناطق
- المطارات الرئيسية
- المستشفيات المركزية الاساسية ومؤسسات الصحة العامة
- تأهيل مؤسسات التعليم العام والعالي
- اجراء الترتيبات الامنية التي تعمل على وقف دائم لاطلاق النار وبناء جيش قومي للاتحاد.
- شكل الاتحاد:
ان نموذج الاتحاد الكونفدرالي المقترح لجنوب السودان يمكن ان يتكون من المستويات التالية:
- مجلس الاتحاد:
يعتبر مجلس الاتحاد (او مجلس السيادة الكونفدرالي) هو السلطة التشريفية العليا التي هي رمز الاتحاد، ويرأسه بما يسمى رئيس جنوب السودان الكونفدرالي، وحيث تكون الرئاسة فيه (دورية) بالتناوب لمدة عام واحد فقط بين جميع أعضاء الاتحاد لإعطاء فرصة التمثيل لكل القوميات حسب عدد الاقاليم او الولايات المكونة للاتحاد، ويقوم الرئيس بتمثيل الاتحاد في المحافل الدولية ورعاية مصالح الاتحاد وتحقيق وتعزيز التعاون الدولي بين كافة الاصعدة وحضور المحافل الدولية كإجتماعات الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي ومنظمة الايقاد وأي اجتماعات يدعى لها الاتحاد.
- برلمان الاتحاد:
يتكون برلمان الاتحاد الكونفدرالي بانتخاب اعضاءه في جميع الاقاليم لدورة مدتها (5) سنوات، ويتم الانتخاب بالتمثيل النسبي لحجم كل اقليم او ولاية من العدد الكلي لسكان الاتحاد، ويتم تمثيل الاقليات كتمثيل نوعي بزيادة نسبتهم لتحقيق نوع من التوازن في البرلمان لرعاية مصالحهم في الاتحاد.
ويقوم برلمان الاتحاد بدور المراقبة في تنفيذ المشروعات المشتركة المتفق عليها وليس التدخل في شؤون الاقاليم والولايات، ويمكن ان يتمثل دور البرلمان في اقرار ميزانية الاتحاد من مختلف الموارد من مساهمات الاقاليم او الولايات بنسبة حجم العضوية في الاتحاد. وكما يتمثل دور البرلمان في السلطة الرقابية على عمل المفوضيات والوكالات التابعة لها.
وبرلمان جنوب السودان الكونفدرالي خلال فترة تطبيق نموذج مشروع الاتحاد الكونفدرالي يجب ان يضمن تمثيل جميع القوميات والاقليات حتى يمكنها المساهمة في تنفيذ بنود ( اتفاقية او معاهدة الاتحاد) خلال مرحلة التطبيق والمشاركة في اتخاذ القرارات بصورة شفافة وواقعية تضمن نجاح فكرة الاتحاد.
- مفوضيات الاتحاد (السلطة التنفيذية):
وهي الجهة التنفيذية التي ترعى مصالح الاقاليم في الاتحاد ويتم تنفيذ ذلك من خلال العديد من المفوضيات والمؤسسات التابعة لها، ومن امثلتها:
- مفوضية الشؤون الخارجية
- مفوضية الأمن والدفاع
- مفوضية الشؤون المالية والتنمية الاقتصادية
- مفوضية الشؤون الزراعية والحيوانية
- بنك جنوب السودان المركزي
- وغيرها من المفوضيات التي تنشأ حسب الحاجة، وحيث تتكون عضوية هذه المفوضيات بتمثيل عضو أو أكثر حسب ما يتم الاتفاق عليه.
- حكومة الاقليم:
تتكون الحكومات الاقليمية لاتحاد جنوب السودان الكونفدرالي من الشكل المقترح التالي او حسب ما يتم الاتفاق عليه بين المكونات والقوميات في جنوب السودان منذ الاستقلال وما ينضم اليها لاحقا، ويمكن لمجموعات عرقية او قومية ان تتفق مع بعضها وتشكل اقليما تتراضى للعيش مع بعض دون إكراه وحسب ما تراها مناسبة معها، وكما يمكن لعدد من القوميات ان تشكل اقليما واحدا، وهذا المقترح للحكومات الاقليمية يعتبر نموذج جاء نتيجة للصراع الدائر بين اغلب القوميات وهو طرح لتفادي اي صراعات مستقبلية في الاتحاد، والحكومات الاقليمية المقترحة هي:
- حكومة الاقليم الاستوائي: تضم جميع المجموعات القبلية في الولايات الاستوائية الثلاثة.
- حكومة اقليم جونقلي: تضم كل أثنيات الدينكا بمنطقة جونقلي.
- حكومة اقليم جيكانج الشرقية: تضم كل مجموعات النوير المتواجدة في ولايات جونقلي ولاية اعالي النيل.
- حكومة اقليم فشودة: تضم قومية الشلك.
- حكومة اقليم شمال أعالي النيل: تضم مجموعات الدينكا الموجودة في اعالي النيل، وسكان المابان.
- حكومة اقليم جيكانج الغربية: تضم كل مجموعات النوير في ولاية الوحدة.
- حكومة اقليم بحر الغزال: تضم مجموعات الدينكا في ولايات البحيرات، اويل، واراب وابيي.
- حكومة اقليم غرب بحر الغزال: تضم المجموعات القبلية بولاية غرب بحر الغزال بما فيها راجا.
- حكومة أقليم البيبور: وتضم كل القوميات في منطقة البيبور بالاضافة الى قومية الانيواك.
وكما يمكن لعدد من القوميات والمجموعات القبلية ان تشكل اقليما واحدا حسب ما يتم الاتفاق عليه فيما بينهم، حسب ما يتبادر لاتحادهم في قضاياهم المحلية او الاقليمية والتي اصبحت تشكل رمز وحدتهم في الكثير من الملتقيات الخاصة بهم وكمثال لذلك مجموعات النوير في الشرق والغرب يمكن ان يشكلوا اقليما واحدا متجانسا يمتد من الغرب الى الشرق بحكومة واحدة تستطيع ان توحدهم في مصالحهم، وغير خافي ما يقوم به الاستوائيين من تلاقي رؤيتهم للكثير من القضايا التي يطرحونها ويتفقون عليها كرؤية واحدة.
وتدار حكومات كل اقليم حسب دستورها الخاص بها التي تحتوي على نظام الحكم والمؤسسات الخاصة بها من مؤسسات عدلية وقضائية وشكل الحكومة التنفيذية الخاصة بها حسبما يتم تفصيله في اتفاقية الاتحاد.
ونموذج الإتحاد الكونفدرالي هذا يسمح لكل إقليم بالإحتفظ بنظام حكم خاص يسمح لها بالسيادة الكاملة على أراضيها دون التدخل في شؤون اقاليم اخر الا في اطار التعاون المتفق عليه، وحيث يقترح ان تمتد فترة تطبيق اتفاقية او معاهدة الاتحاد لمدة ما بين (5 – 10) سنوات، وذلك لضمان تحقيق الإستقرار الكامل في عموم الاتحاد والعودة الطوعية وتطوين السكان في اماكنهم وقراهم والاستغلال الامثل للموارد المتاحة حاليا لبناء وتوفير بنية تحتية تضمن استمرار الاتحاد بعد فترة الاستفتاء الذي سيجرى على جميع الاعضاء من اجل ضمان ان القوميات والشعوب يمكنها العيش في أمن وامان وسلام بعيدة عن التوترات والنزاعات الداخلية نتيجة لسوء الادارة في شؤون الولاية كما كان في السابق، وتصبح بعدها الاتفاقية ملزمة وفقا لنتيجة استفتاء كل اقليم على البقاء في الاتحاد او الاستقلال الكامل او الاندماج مع اقليم آخر.
- تحديات وعقبات أمام مشروع الاتحاد الكونفدرالي:
كلنا نعلم ان هناك العديد من التحديات والصعوبات التي يمكن ان تعيق تطبيق فكرة المشروع، وهي تحديات مشروعة ومقبولة نظرا لضخامة التحديات التي تواجه البلاد عامة والتي تراكمت نتيجة الفشل الزريع في سوء ادارة الموارد وقلة الموارد والمقومات التي تساعد في بناء فكرة المشروع للمستقبل. ويمكننا حصر ابرز التحديات في النقاط التالية:
- عدم جاهزية بعض المناطق وبعض القوميات للفكرة حاليا لعدم الالمام والمعرفة الكافية لديهم بمفهوم الاتحاد وشكل الدولة في المستقبل وتعارض مصالحهم مع مشروع الاتحاد في كثير من النواحي السياسية والعسكرية والاقتصادية.
وهذا التحدي يحتاج الى تضافر الجهود من كل الاحزاب والحركات والنخب السياسية لتلافي موضوع التنافس الشخصي الى التنافس الوطني من اجل التوعية السليمة بميزات ومنافع هذا النظام وضرورته الحتمية في ايقاف نزيف البلاد من الارواح والموارد وضمان تحقيق الاستقرار.
- عدم توفر البنية التحتية التي يمكن ان تساهم في عملية بناء القوميات بصورة مستقلة تمكنها من ادارة شؤونها بصورة كاملة، وذلك لعدم توفر الموارد المالية او عدم توفر الكوادر التي يمكنها تطبيق الفكرة بصورة جيدة.
ولمعالجة هذا التحدي كانت فكرة تنفيذ الاتفاقية لمدة تمتد بين (5 الى 10) سنوات لضمان توفير الموارد المالية والمقومات المطلوبة لإنشاء البنية التحتية المطلوبة في كل المناطق لتحقيق التواصل والترابط المستقبلي.
- تضارب مصالح الكثير ممن يعيشون في الاستثمار في الازمات والذين كانوا سببا وراء استمرار الحرب الأهلية دون مراعاة للازمة الانسانية التي تمر بها البلاد وانسانها، وانما همهم الأول والاخير التطبيل والتصفيق من اجل لقمة عيش رخيصة.
وهو يعتبر اخطر المهددات والتحديات لانهم اكثر خطر على البلاد ويمكن مناقشتهم باقناعهم بأهمية المصالحة الوطنية وضرورة التوافق الجمعي حول النظر للمستقبل البعيد للاجيال القادمة.
- كون ان الفكرة جديدة كليا على المنطقة برمتها ناهيك عن جنوب السودان وخوفا من ان تطبيق المشروع يعزز بعض القوميات ويمكنها ان تسعى نحو تحقيق استقلالها الكامل وعدم الالتفاف للاتحاد في المستقبل.
وهنا لابد من تطبيق مبدأ الالتزام بالتعاون المتبادل بين جميع القوميات في مساعدة بعضها بعض والتعاون على تحقيق النماء والرفاهية للجميع مجتمعين من دون انانية. وان المستقبل للجميع وللاجيال القادمة، وكما ان مطالبة البعض بالاستقلال هو حق مشروع دون حجر عليه من مبدأ حق تقرير المصير لكل قومية تريد ان تعيش مستقلة دون اكراه، بل ان مبدأ التعايش الوطني قوم في اساسه على التراضي.
- الفكرة تحتاج للكثير من التفاصيل وتكتنفها العديد من التعقيدات الداخلية.
وهذا يمكن حلها من خلال المفوضيات التي تنشأ من اجل ايجاد حلول لمشاكل كل قطاع بالنقاش والحوار بين كل الاطراف المعنية وبين كل قومية وقومية اخرى وايجاد حلقات الترابط والصلة بينها.