الدوامة القهرية بواسطة حكومات متسلطة لا تعي قدرتسلطه
واجوما نيوز
بقلم : إنج جنا تا قريس
Nj Jena Ta Grace
واجوما نيوز
لأن السلطة لا تُفرَض بالبطش وحده، فإن المتسلّط يُنوِّع في أدواته لبسط سيادته على المستضعفين القابعين في أدنى الترتيب، وفي حال كان المتسلط هو القوة الفوقية على الجماهير، سواء أكان مستعمراً خارجياً أم سلطة شمولية داخلية، فإن العصا تلعب مع الجزرة دوراً متبادلاً بين إرهاب الجماهير ماديا بالبطش والعنف الملموس، وإخضاعهم معنويا بالعنف الناعم غير الفيزيائي، والذي يبدو -في كثير من الأحيان- أشد أثرا لكونه يتغلغل في قناعات الإنسان ويحكم لا وعيه بدلا منه.
مفهموم القهر والنظريات الدنيوية
يُعتَبر عالم الاجتماع الفرنسي “بيير بورديو” أبرز مَن تناول هذا المفهوم القهري، وعرّفه على أنه هو العنف الرمزي الذي يتمّ باتفاق خفي بين مَن يُمارِسون هذا النوع من العُنف ومَن يُمارَس عليهم، عبر علاقات الاتصال التي تجمعهم بأساليبها المختلفة .
وقد رأى “بورديو” أن المؤسسات التربوية والإعلامية تُمثِّلان الأداة التي تفرض أيديولوجيا المتسلط على المقهورين، مما يعني إخضاعا أطول بأساليب أهدأ.
دور المدارس والايدلوجيات المقهورة تجاه أبناءه
تلعب المدرسة في رأي “بورديو” دورا محوريا في ممارسة هذا القهر؛ إذ إنها -بدلا من خلق القدرة على السؤال والبحث- تقوم بإعادة إنتاج للأجيال -المُمارَس في حقها عنف السلطة الرمزي- دون أي تجديد في ذلك؛ بغرض الإبقاء على النظام الاجتماعي في صورته التي تختارها السلطة، وإبقاء الطبقات الدُّنيا في حالة خضوع مستمر للطبقات المُهيمنة. وهو ما يتفق معه “باولو فريري، إذ يرى أن أسلوب التدريس التقليدي ما هو إلا تعطيل للطاقة الكامنة لدى المُتعلِّم، وأنه يستهدف تطويع الطلاب بدافع فكري مرسوم كي يتأقلموا مع عالم القهر، ومع إرساء دعائم التخلف في المجتمع.
نموذج التعاليم القهري (المتسلط)
فالتعليم هنا عملية أُحادية لا تُساعد الطالب على اكتساب التفكير النقدي الجدلي، وإنما يُغذِّي متلازمة التسلط والتخلف، فهو يُهيِّئ المرء للتسلط من خلال التلقي والقبول دون مناقشة، ويُلقي به في التخلف من خلال تعلُّم المُثل العليا ٦ المهيمنة، لا الطبقات الشعبية العريضة، مما يصنع انفصالا بينه وبين الواقع فلا يجد فيما يتعلّمه نفعا لمجتمعه، وهو ما يؤكده كلٌّ من “إبراهيم بدران و”سلوى الخماش”، إذ يريان أن العلم لا يُشكِّل بالنسبة للعقل المتخلف أكثر من قشرة خارجية رقيقة يمكن أن تتساقط إذا تعرّض هذا العقل للاهتزاز؛ لأن هذا العلم لا يعدو كونه قميصا يخلعه المرء أكثر مما يرتديه
الإعلاموالخطاب القهري الموجه
بالعودة إلى “بورديو”، سنجد أن كلًّا من الإعلام واللغة الخطابية يُشكِّلان حجر الزاوية الأخرى في بناء العنف الرمزي، فالخطاب السلطوي عنده أداة عنف رمزي تُمارِس سيطرتها على الأذهان عن طريق شخص مُضلِّل عُهِد إليه بالتكلًّم لما له من مكانة اجتماعية أو سلطوية ليُحقِّق الهدف المرجو للسُّلطة. كما يرى “هاربيرت شيللر” أن المؤسسات الإعلامية تتلاعب بالعقول عن طريق تنقيح الصور والمعلومات وإحكام السيطرة عليها بالتركيز على خبر لتمرير خبر آخر أكثر خطورة دون اهتمام
تمرحلات القهر تدريجياً
فمن المادي إلى المعنوي، ومن الخارج إلى الداخل، يُنوِّع المتسلط أدواته التي تحكم عالم المقهورين البراني وتُسيطر على عالمهم الداخلي، وتتوالى متتالية الإخضاع عبر مراحلها المنطقية حتى تكتمل، أو تتوقف في مرحلة ما، وفي الحالين فإن درجة التحكم في أدوات القهر وتوجيهها هو ما يحكم اطراد هذه المراحل من عدمه.
القهر و العنف ضد المرأة
في مسيرة حلزونية، يلعب كل إنسان داخل سلسلة القهر دور المتسلط على مَن هم أدنى منه، ليجد المرء نفسه فريسة لأشكال متنوعة من القهر، تبدأ من مرحلة الرضوخ والقهر التي تمتد زمنا طويلا مقارنة بباقي المراحل، وهي بداية اصطدام المقهور بقوى القهر، إذ تكون الأخيرة في أوج سلطانها وحالة الرضوخ في أشد درجاتها، ويتبع ذلك ٥ مرحبا حملات تيئيسية منظمة من قوى التسلط لجعل الجماهير ينظرون إلى أنفسهم بصورة دونية، مما يجعلهم مستسلمين على الدوام لمَن يقودهم
ابليتمونا_العشم_ثم_تركتمونا 🌿