وزير الدولة بالخارجية السودانية: هذه حدود علاقتنا بإسرائيل وأمريكا
مع الإعلان عن تأسيس المجلس السياسي الانتقالي في السودان، وتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة عبد ا لله حمدوك، دخل السودان في مرحلة جديدة اختلفت معها التوجهات السياسية للدولة لا سيما السياسة الخارجية. عن طبيعة وشكل توجهات السياسة الخارجية للسودان ما بعد البشير كان لـ”سبوتنيك” حوار خاص مع وزير الدولة بوزارة الخارجية السودانية عمر قمر الدين.. وهذا الجزء الأول من الحوار:
سبوتنيك: تبدو علاقات السودان الخارجية، مختلفة بالكامل عقب تولي الحكومة الانتقالية الجديدة خاصة مع الدول الأوروبية وأمريكا وإسرائيل، وأيضا مع دول الجوار ودول الخليج، فما أبرز استراتجيات وأهداف ملف العلاقات الخارجية خلال الفترة الانتقالية؟
الدول التي ذكرتها معظمها لدينا علاقات معها، وبالنسبة لإسرائيل ليس لدينا علاقات معها.
علاقات السودان خلال العهد البائد كانت متوترة مع معظم دول العالم، وكان السودان معزولا تماما عن المحيط الإقليمي والدولي، وكان يعاني من حصار دبلوماسي واقتصادي وثقافي، ولكن بعد حكومة الثورة، انفتحنا على العالم وتطورت علاقاتنا القديمة في محيطنا العربي، وإحدى استراتجيتنا الانفتاح على أفريقيا.
نعتقد أنه في بعض الفترات السابقة علاقات السودان في محيطها الأفريقي قد أهملت وهذه إحدى الإشكالات. ونحاول تحسين علاقتنا مع دول أوروبية وشمال أمريكا لأنها كانت متوترة وبعض الأحيان توقفت.
ونجد الآن الولايات المتحدة الأمريكية، اتفقت مع السودان لترفيع مستوى التمثيل الدبلوماسي لمستوى السفراء، ووافقت ترشيح سفير سوداني للولايات المتحدة الأمريكية، ونحن في انتظار تسمية سفير أمريكي وترشيحه للسودان، وأعتقد أن ذلك دليل كبير انفتاح السودان في محيط الإقليم الدولي أصبحت واضحة للجميع.
سبوتنيك: في تطور مفاجئ مع الولايات المتحدة الأمريكية، تم قبول سفير لجمهورية السودان بواشنطن خلال الشهر الجاري، وبالمقابل متى سيتم تعين سفيرا لأمريكا بالخرطوم، وهل تدرسون ترشيحات لسفراء أمريكيين قدمتهم واشنطن لحكومة السودان؟
كلا، حتى الآن لا يوجد ترشيح أميركي، وأعتقد أن الولايات المتحدة، لم تتفق على مرشح لها لأن الطريقة التي يعمل بها الأميركيون تأخذ وقتا، إذ يتم ترشيحهم من وزارة الخارجية وبعدها يتم الاستماع لهم في جلسات استماع مفتوحة في الكونغرس الأمريكي ولم يصلنا إلى الآن أن هناك سفيرا ذهب إلى الكونغرس لتقديم إفادات.
نعتقد أن جائحة كورونا أثرت على مستوى أداء الدول جميعا فيها يختص بأنشطتها الدبلوماسية، والسودان والولايات المتحدة جزء من العالم وبالتالي تأثرنا جميعا بهذا الأمر.
سبوتنيك: أغلب أحاديث المسؤولين في السودان عن اقتراب موعد إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ما هي الخطوات التي تنتظرها واشنطن من السودان لإزالته من القائمة الإرهابية؟
ليس هناك قائمة متطلبات محددة لكي نقول حققنا هذا الشرط وبقي ذاك، بل هناك رصد عام، أي ينظرون إلى السودان بكونه شهد تغيراً سياسياً مع انتهاء العهد البائد، وهذه إحدى الأشياء الإيجابية، إذ كان هناك فساد ومشاريع اختلاس أموال وغيرها توقفت هذه الأشياء بقيام هذه الحكومة الجديدة، وحصلت تشريعات جديدة تجرم الفساد وتحاسب عليها وهذه إحدى المتطلبات.
بالرغم من أنّ الناس تقول لماذا يتدخل الأميركيون إذا الدولة بها فساد، فهذا شان داخلي، ولكن الفساد يؤدي إلى ذهاب مقدرات الدولة وأموالها لأيدي عابثة وتساهم في تمويل الإرهاب، وفي النهاية هي دائرة مكتملة، ومسألة تمويل الإرهاب ليست مجزئة، هي دائرة كاملة ولذلك الفساد في دولة وعدم تحكم الدولة في مواردها المالية هي إحدى الإشكالات التي تساعد الإرهاب، وهي من الأموال السهلة التي يمكن أن تذهب لدعم العمليات الإرهابية.
لذلك يهم أمريكا اكتمال المؤسسات الدستورية مثلا قيام المجلس التشريعي واكتمال تعين الولاة ليؤدي ذلك للحوكمة الراشدة وهو أمر مهم جدا لدرع الأنشطة الفاسدة. كل هذه الأشياء هي ملاحظات وليست مطالب في صندوق، إضافة إلى أشياء أخرى تخص العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة الأميركية والسودان مثلا الانتهاء من موضوع تعويضات أسر ضحايا مدمرة كول، وتبقى مفاوضات جارية فيما يختص بشأن الهجمات التي دمرت السفارات الأميركية في دار السلام ونيروربي.
سبوتنيك: كم دفع السودان تعويضات لضحايا المدمرة كول؟
ليس لدي رقم محدد وأعتقد 71 مليون دولار هو الرقم المتداول في الأخبار، ولذلك مسألة إسراع الولايات المتحدة برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب مسألة ضرورية وأساسية لأننا نواجه عدوا مشتركا (جائحة كورونا) والسودان لا يستطيع أن يخرج من القيود التي فرضتها جائحة كورونا بالإضافة القيود الأخرى منها عدم وجوده في المؤسسات الدولية خاصة المصرفية منها والمالية بصورة مكتملة، كل ذلك بسبب وجود السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب.
سبوتنيك: يعني بعد تكوين المجلس التشريعي تتوقعون رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب؟
الأمر ليس مرتبطا بشيء واحد بل هي خطوات عديدة مكتملة، منها محاربة الفساد، الحوكمة الراشدة، واكتمال المؤسسات الدستورية كل هذه الأشياء تدفع في سبيل قيام الولايات المتحدة برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
سبوتنيك: الولايات المتحدة تتحدث عن الحريات الصحفية، فهل حرية التعبير جزء مهم في اتجاه رفع العقبات عن السودان؟
هذه أشياء غنية عن القول، ونحن نحتاج إليها قبل أن تطلبها الولايات المتحدة منا، وأمر مهم جدا ولأننا رأينا النوع من الإسلام الذي مارسته الحكومة في العهد البائد كان متشددا ومتطرفا حتى ضد المسلمين السنيين، دع عنك الآخرين خارج ملة الإسلام، وكانت إشكالية كبيرة جدا ولذلك الحريات ضرورية، حرية الرأي وحرية التجمع هذه أشياء انتزعها الشعب السوداني وهذه ليست حقوق تعطيها الحكومة منحة للشعب ولكن قبل هذه الحكومة الحالية الشعب السوداني روى هذه الأرض بدماء واتتزع حقوقه وانزع حقوقه هو الذي أتى بهذه الحكومة ومن باب أولى النظر إليها حق مكتسب وليس مطلب من الأمريكيين.
سبوتنيك: هل هناك مانع سياسي أو أيدولوجي في أن يقيم السودان علاقات طبيعية مع تل أبيب إذا كانت هذه العلاقة في مصلحة السودان سياسياً واقتصادياً؟
إلى أن يأتي من يذكر بالدليل القاطع على أن هناك مصلحة سياسية واقتصادية وأخرى من قيام علاقات سودانية إسرائيلية، والآن أهم مصلحة للسودان مع دول أخرى وقد تتأثر بوجود مصالح للسودان مع إسرائيل.
سبوتنيك: معنى حديثك أن إقامة علاقات مع إسرائيل خلال الفترة الانتقالية لن تناقش خلال هذه الفترة؟
خلال الفترة الانتقالية والسياسات التي تنفذها وزارة الخارجية هذا الأمر غير وارد.
سبوتنيك: كيف تقيم علاقات السودان مع روسيا خاصة عقب زوال النظام السابق وما هي خطط لتطوير هذه العلاقات وهل هنالك تبادل زيارات لمسؤولين كبار عقب الانتهاء من جائحة كورونا؟
علاقتنا مع روسيا كانت مميزة على مر العصور، نعم قد تمر بفترات فتور مثل ما حدث في سبعينيات القرن الماضي. ولكن روسيا دولة كبرى ومواقفها مؤيدة للسودان في مجلس الأمن مثلا وداعمة للسودان في المحافل الأخرى وهي مسألة مهمة جدا للسودان من دولة كبرى ودائما علاقتنا مع روسيا ننشد فيها أن تكون متطورة. وهناك العديد من المشاريع الروسية في السودان، كما بين الدولتين علاقات كبيرة في مسألة التسليح وغيرها. وفي وقت من الأوقات رئيس النظام البائد طلب من روسيا حماية السودان ضد تغول الاميركي وغيره.
نحن ضد سياسة المحاور بالطبع ونقف على مسافة متساوية من الدول خاصة الكبرى والتي لها تأثير في السياسة في العالم. روسيا دولة مهمة للسودان وننشد لتطور العلاقات معها، كنا في مؤتمر الأمن والتعاون الأوروبي في ميونخ ورئيس الوزراء التقى بوزير خارجية روسيا ووعد بانفتاح روسيا على السودان والمساعدة في كل شأن لتطوير السودان وتطوير علاقاتة مع العالم.
استثمارات روسيا ليست في السلاح وحده أو العلاقات العسكرية إنما استثمارات في المعادن وخلافها استثمارات مهمة ولذلك نسعى لتطوير علاقتنا مع روسيا، وهناك لجنة وزارية مشتركة ما بين البلدين نتمى أن نطور هذه العلاقات للأمام. وإذا انتهت جائحة كورونا، نحن بصدد دعوة كبار المسؤلين الروس لزيارة السودان ونأمل يكون هنالك دعوات متبادلة من المسؤلين السودانيين لزيارة روسيا تأكيدا لهذه العلاقات وتطويرها في المستقبل.
سبوتنيك: البعض عاب على المشروعات الروسية الاقتصادية خاصة في المعادن.. هل لديكم اقترح أو سياسات جديدة في التعامل الاقتصادي مع روسيا بعد الجائحة؟
صحيح قد يلام الروس في علاقاتهم مع السودان الاقتصادية التي ما كانت متكافئة. وصراحة الاستثمارات الروسية بالسودان لم تكن استثمارات لمصلحة الشعب السوداني في ذلك الزمان، وهذا الأمر ليس مسؤولة الشركات الروسية فقط وإنما مسؤولية حكومة العهد البائد هي من شجعت هذا النوع من الاستثمار هي من أعطت التراخيص وشروط الاستثمار المجحفة للدولة والشعب السوداني.
نحن نرى أن واجبات المرحلة الآن مراجعة مثل هذه العقود وهذه الشروط والتراخيص حتى تفي لأغراض الاستثمار الحقيقي الذي يخلق خبرات وعمالة بالبلاد مدربة وفرص عمل لسودانيين أكفاء يعملون في مجالات مختلفة لتطوير خبراتهم وعلمهم. كل هذه الأشياء ضرورية جدا لإعادة الثقة للشعب السوداني في الاستثمارات الروسية والانفتاح أكبر معها ولجلب استثمارات أخرى ورؤس أموال أخرى للعمل في مجالات ربما في المجالات المطروقة سابقا أو للاتفاح على مجالات لم تتطرق بعد.