صحيفة (الإستقلال) وتجربة الصحافة ما بعد الإستقلال-جنوب السودان (2-3)

واجوما نيوز

بقلم: موسس اجانق

واجوما نيوز

مركبة الإدارة وكابينة التحرير:

كصحيفة (يومية-سياسية- مستقلة) صدرت من جوبا العاصمة، وبعدد 12صفحة من القطع الكبير، وبسعر واحد جنيه سوداني. عانقت (الإستقلال) قراءها كصحيفة يومية راتبة عدا الأحد من كل أسبوع، حيث صدرت أول عدد منها في الثلاثاء  22 من مارس 2011م.

كانت مجلس إدارة (شركة الإستقلال الإعلامية المحدودة) الجهة المالكة والناشرة لصحيفة (الإستقلال) تتكون من الأستاذ عبدالله مييك كولانق رئيساً لمجلس الإدارة والمدير العام للشركة، لوشيانو ديفيد نائباً، وعضوية كل من الأستاذ وليم ساندي دي تور، ايي دوانق ايي رجل الأعمال المعروف.

أما هيئة التحرير وبحسب خطاب مجلس الإدارة التي تم إعتمادها من قبل الإدارة العامة لوزارة الإعلام فقد تشكلت من الأستاذ مصطفى سري سليمان رئيساً للتحرير، قمر على دلمان مديراً للتحرير ومقرراً لمجلس الإدارة في الإجتماعات الدورية ومكلفاً برئاسة الإدارة التحريرية التنفيذية خاصة وأن مصطفى سري لم يأت لجوبا لمباشرة عمله حيث كان يعمل وقتها محرراً لصحيفة الشرق الأوسط من مقر إقامته بلندن. و ملوك ميوت سكرتيراً للتحرير، حسن محمد بركية مسئولاً عن الملف السياسي، محمد محمود الحلو لقسم الأخبار. والتحقيقات لـ منى إسماعيل أبو صدر، مرتضى جلال الدين عن ملف الولايات، خميس كات لما سمتها الصحيفة قسم البحوث والإنترنت بينما ترأست ربيكا ناداي لينو قسم الإعلان والتسويق.

لم تكتف الصحيفة بهولاء الصحافيين والإداريين فقط، بل سعى بالاستعانة بمن يرى فيهم آهل لإضافة بعض اللمسات المميزة وبإشكال مختلفة.  ففي حين إستعان بالبعض من خارج إدارة التسويق والإعلان نجح كذلك في إستقطاب بعض الصحفيين والكتاب المشاركين كراتبين أحياناً ومساهميين بالآراء الجريئة والموضوعية تارة أخرى مثلها مثلما فتح أبوابها لتناول الشئون السودانية، فوقتها لم يكن الدولة قد إستقلت بعد عملياً وكان بالإمكان للسودانيين كالأستاذ  قمر دلمان ومصطفى سري وآخرين العمل بنص القانون، فمركبة الإدارة وبما يمكن أن يقال إيجاباً كانت متنوعة وكذا كابينة الإدارة التحريرية.

رأس المال البدايات:

لكون أن الصحيفة ملكية خاصة لنفر معين من الرجال كان لزاماً عليهم تحمل كافة كلفة التأسيس العالية وتحت مجمل الظروف الذي مثلت فيها الدولة دور الضحية إذ أبعدت نفسها عن قصد عما تعني صناعة الصحافة والإعلام وكأنها ساحة غير ذا أهمية رغم صراعها المعقد مع غول الخرطوم وعصابة دولة الإنقاذ في المركز.

فبحسب رئيس مجلس الإدارة فقد بلغت التكلفة الكلية لتأسيس صحيفة الإستقلال وقتها أكثر  من (35.000 دولار ) اي خمسة وثلاثين الف دولار امريكي تمت صرفها  بتمويل مرحلي طوال فترة عمل الصحيفة على شراء أدوات العمل التي تمت جلبها من دبي بالإمارات العربية المتحدة، ونسبة منها في تجهيز المكتب وفي توفير فرص التدريب للصحفيين بالخارج إلى تكاليف الطباعة والصرف اليومي ضمن الإلتزامات الثابتة.

الإستقلال ومايكل كرستوفر وأزمة الشعار:

نشب خلاف بعد توقف صحيفة (الاستقلال) وتأسيس صحيفة أخري بجوبا حمل إسم (الوطن) ترقد بجانبها نفس الشعار التي إستخدمتها الإستقلال سابقاً (من هنا أشرقت شمس الحرية) مما أحدث بعض الربكة وصلت إلى مستوى البلاغات الجنائية، ففي حين نفي دلمان معرفته للطريقة التي ذهبت بها شعار صحيفتهم للإستاذ (مايكل كرستوفر) مالك ورئيس تحرير صحيفة الوطن، يحكي مييك قصته متحسرا فيقول (… جائني ناس من الحزب والرئاسة وجابوا لي مايكل كرستوفر بواسطة قمر دلمان وقالوا إنو الحزب يخطط  لتأسيس صحيفة، لم أمانع أو أرفض لهم طلباً فأعطيتهم كل المستندات،حتى أنني ساعدتهم في إكمال الإجراءات وكل ذلك نابعة عن ثقة وإلتزام بموجهات الحزب وفي الآخر تمت خيانة ثقتي). وأنا -مييك مواصلا- فتحت بلاغ ضد مايكل كرستوفر وصحيفة الوطن مجتمعة بالقسم الشمالي-شرطة جوبا، وفي النهاية قررت ترك تلك القضية لأنني لا أحب العيش في بيئة مليئة بالمشاكل والمصادمات، ولا أحبذ  التشويش على الوطن كصحيفة جديدة. وقد أردت بدءاً الحل الودي لذا قررت التحدث مع (مايكل) بإستخدام بعض الوساطات لكنه كعادته لم يستمع لرجاءآتي، فرأيتُ ترك المواصلة في إجراءات البلاغ لأنني أحترم منظومة الحزب التي أنتمي إليها. وقد تبدو خيانة كبيرة من شخصي لو واصلت في الأمر، وختم قائلاً (لنا مشوار نضال طويل لا أريد ان يعكره صفو هذه الحوادث، فالحقيقة بائنة كالشمس وإمتلاكه لشعار صحيفة (الإستقلال) غش وعدم مهنية) بحسب تعبيره

وفي ذلك ينفي مايكل كرستوفر رئيس مجلس إدارة صحيفة (الوطن) الغراء علمه بصحيفه كانت تحمل شعار تماثل شعار صحيفته اليوم ويضيف (لو علمنا بذلك لقدمنا إعتذار أمام الملا وبشجاعة كبيرة)، فصيحفة الوطن-مايكل مواصلاً:  هي المؤسسة الإعلامية الوحيدة التي أكملت كافة الإجراءات القانونية وتحصلت على كل المستندات اللازمة بما فيها شهادة تسجيل إسم وشعار الوطن بوزارة العدل والشئون الدستورية، وفي ذلك حفظاً لحقوقنا المؤسساتية وتجنباً لمثل هذا الجدالات السخيفة الآن)، ونفى في نهاية المطاف جلوسه مع أي شخص أو مؤسسة لمناقشة أي أمر تخص إسم أو شعار (الوطن) لانها قضية مفروغة منها والقانون واضحة في ذلك وهو الفيصل.

ويبدوا من حديث الرجلين أن الأزمة مايزال قائماً، وأن طريق الوصول لأي حل توفيقي مغلقة تماماً بتصريحات الجانبين أعلاه، وحتى ذلك الحين سيبقي (من هنا أشرقت شمس الحرية) شعاراً تستخدمها (الوطن) كمنصة نشطة وعاملة  بينما تظل قضية استعادتها من قبل (الإستقلال) محكومة بمستقبل التسوية المطروحة من قبلهم أو حال عملهم لكسب دعوى القضية المعلقة بإجازة قانون الملكية الفكرية بالبلاد وبدء العمل بها.

الإستقلال والحركة الشعبية:

كثرت في آوان صدور الإستقلال الكثير من القول بتبعية الصحيفة لحزب الحركة الشعبية لتحرير السودان وذلك من حكم إنتماء ونشاط رئيسه وكل عضوية مجلس الإدارة لتلكم المنظومة الحاكمة ناهيك عن وقت الصدور،الموضوعات والخط العام التحريري، ورغم تماشي الصحيفة مع ما تضعها في موضع نسبها لجهة سياسية بعينها الا أنها علاقة تلاقي وتشابه موضوعات لا أكثر بحسب تعبير مييك.

ويضيف (لاعلاقة للإستقلال كصحيفة وشركة بحزب الحركة الشعبية لتحرير السودان) والمتداول بحسب قوله قصص مركبة لا يصدقه الواقع قوامه الربط  بين عبدالله مييك كشخص وإنتماء للحزب، فشركة الاستقلال مؤسسة لها شخصيتها الإعتبارية المنفردة عن عبدالله مييك كرئيس لمجلس إدارتها، وهي شركة تأسست  برأسمال خاص وأحدي الجميع بالإتيان بما تُثبت هذه الإدعاء، فالحركة الشعبية كمنظومة لها مؤسسات معروفة يعلمه الكل)، وختم في نهاية المطاف قائلاً (نعم أنتمي للحركة الشعبية وعضويتي بل ومساهمتي فيها لا أنكرها، وفخور جداً بذلك، ونتحمل جميعا تاريخها العظيمة مثلما هي أخطاءها حالياً).

ajangmoses4@gmail.com

يتبع

 

Translate »