وكتب سايمون اتير..هذا .. حتى لا تُفتعل معركة في غير معترك!. 

واجومانيوز

بقلم: سايمون اتير

إن عملية التحقق والتدقيق في المستندات، أو استكمال النواقص بغرض التنظيم (أو “السستمة” إذا جاز التعبير)، هي ممارسة عادية في أي مرفق يصبو إلى الإصلاح المؤسسي. وبلا شك، هي ممارسة تُسعد كل من ينشد التغيير والإصلاح الحقيقي.

 

قبل عقد من الزمان، خضنا نحن المحامين محاولة كانت هي الأبرز والأصعب لتنظيم صفوفنا بعد أن كثرت علينا الزعازع. يومها، انتخبنا لجنة تسييرية، بعد سحب الثقة من النقابة القائمة آنذاك لأسباب معلومة للجميع. كانت إحدى صلاحيات تلك اللجنة مراجعة وفحص المستندات، بداية من رئيس اللجنة نفسه، وذلك باتفاقنا جميعًا. لكن هذا المسعى لم يكتمل حينها لأسباب كثيرة، كما أن اللجنة ذاتها واجهت عراقيل وصلت حد تدخل جهة أمنية منعت قيام الانتخابات المقررة (وأي متابع للأحداث يعلم ذلك). بعدها، حدث العجب العجاب في المهنة، حتى وصل الحال بنا إلى وجود نقابتين متصارعتين، تدعي كل منهما الشرعية (رغم أن الشرعية التي يتنازعان عليها بعيدة كل البعد عن متناول أيديهما). وبسبب هذا الصراع “الخنزيري”، ازدادت الزعازع التي كانت موجودة أصلاً.

 

بعد نجاحنا، ولأول مرة على مستوى البلاد، في إجراء انتخابات حرة ونزيهة تابعها الجميع، كان تنظيم البيت الداخلي إحدى أهم القضايا المُلحة التي تدور في أذهاننا. ولهذا السبب، فإن “المانيفستو” أو البرامج الانتخابية للقائمتين اللتين خاضتا الانتخابات (التحالف & الإصلاح) حوت في عمومياتها وتفصيلاتها الكثير، ومن ضمنها بند “ترتيب البيت الداخلي”. وذلك باعتبار أن أي إصلاح يبدأ من الداخل. وبطبيعة الحال، فإن رأس الرمح في هذا الترتيب الداخلي يتمثل في حل مشكلات أساسية مثل ضياع الملفات، وعدم وجود سجل (رول) ثابت للمحامين، وتسهيل إصدار وتجديد التراخيص، وغير ذلك. وكل هذه الإجراءات تتطلب أمور معينة، على رأسها توفر المستندات. وهذه عملية تنظيمية بحتة لا تستثني أحدًا.

 

قبل المضي قدمًا في هذا المقال، لا بد من إثبات نقطتين بديهيتين، لكنهما في غاية الأهمية:

النقابات هي كيانات وهيئات مستقلة، مهمتها الأساسية تنظيم شؤون عضويتها. لذا، لا غرابة في أن يُطلب من أي عضو، مهما كان موقعه أو سنه أو خبرته، إبراز أو جلب أو تقديم مستند ما في إطار العمل النقابي.

 

النقابة حاليًا هي “نقابة منتخبة” تمثل جميع المحامين (نقابة للجميع). فالقوائم الانتخابية بهياكلها ولجانها وشعاراتها ينتهي عملها وتُعتبر مُنحلة بعد إعلان نتيجة الانتخابات مباشرة. أما الناخبون فبعد النتيجة يتحولون إلى أعضاء تحت مظلة النقابة. لذلك، من يستمر في التعامل مع الأمور بعقلية القوائم الانتخابية يحتاج إلى مراجعة مفاهيمه؛ لأن النقابات ليست أحزابًا سياسية.

 

في إطار تنفيذ برنامجها الانتخابي الذي خاضت على أساسه انتخابات دورة 2024-2027، وفازت به، بدأت النقابة منذ اليوم الأول (بعد تكوين هياكلها) في خطوات تنزيل برنامجه وأهدافه على أرض الواقع. ولمصلحة القارئ، نذكر بإيجاز غير مخل أحد الأهداف المهمة في البرنامج الانتخابي (التي تهمنا لأغراض هذا المقال فقط)، دون الدخول في تفصيلات مطولة غير مستحبة.

 

صيانة وتطوير المعايير المهنية وترقيتها:

أي شخص حصيف يدرك أن تطوير المعايير المهنية يتطلب تنظيم العضوية ابتداءً. والتنظيم يشمل، فيما يشمل، أن يكون لكل عضو ملف مكتمل يقبع إلى الأبد في أدراج أو حواسيب النقابة. وهذا الملف يشمل، فيما يشمل، المستندات التي تُفحص وتُدقَق فيها. وفي هذا الصدد، خضع الجميع (بما فيه شخصي) لهذا الإجراء المُعلن عنه مسبقًا.

 

تنويه: تُنشر الإعلانات في أماكن معلومة لكل العضوية، ومع ذلك قد يتعذر الوصول إليها من قبل بعض الأعضاء لأسباب كثيرة (حدث ذلك ويحدث كثيرًا). في مثل هذه الحالة، يتم إعلام العضو أو دعوته بالوسائل الأخرى المتاحة للتذكير، ومن هذه الوسائل الهاتف بطبيعة الحال (لذلك عادة يُطلب من الشخص عند ملء أي بيانات تتعلق بإجراء ما تدوين رقم هاتفه للتواصل معه إن طرأ شيء). إعلام الشخص بواسطة الهاتف هو من الأعراف المتبعة وليس بدعة.

 

بخصوص عمل النقابة، وبما أنني غير مفوض رسميًا لكتابة تقرير عن سير العمل، أو حتى تعداد ما أُنجز منه حتى الآن (وهو كثير جدًا)، سأكتفي بالقول: إن مغانم العملية الديمقراطية التي تواطأنا عليها جميعًا أكثر من مغارمها، إلا إذا أردنا أن نبخس الناس أشياءهم. وفي المقابل، وحتى لا نقمع من لديه وجهة نظر مختلفة أو “شكوى”، نؤكد على حق أي شخص في سلك السبل القانونية المقررة لرد اعتباره إن تضرر من أي إجراء، وذلك دون اللجوء إلى “الهتافيات المجلجلة”. وفي طريقه تلك، عليه استصحاب القاعدة القانونية الخالدة: “البينة على من ادعى …”.

 

ختامًا: هذا المقال مخصص ابتداءً (للعوام من الناس) و(للتفاحات الفاسدة من الخواص). وكان لا بد منه حتى لا تُفتعل معركة في غير معترك!

 

والسلام عليكم!

Translate »