
وكتب باطومي أيول..جريمة الاغتصاب… فعل مرفوض
واجومانيوز
بقلم: باطومي أيول
في الأيام القليلة الماضية، اهتزت مدينة جوبا على وقع حادثة مؤلمة تركت أثرًا نفسيًا موجعًا في نفوس الكثيرين، خاصة بعد انتشار فيديو صادم يُظهر مجموعة من الشبان وهم يغتصبون فتاة شابة بالتناوب ويقومون بضربها، بحسب تقرير الشرطة في جنوب السودان، والتي أفادت بأن الضحية تبلغ من العمر 19 عامًا.
هذه الجريمة البشعة أثارت موجة غضب واسعة في الشارع العام، كما دفعت منظمات مدنية محلية إلى المطالبة العاجلة بالقبض على الجناة وإنزال أقسى العقوبات بحقهم، بما يتناسب مع فظاعة ما ارتكبوه.
ورغم وضوح الجريمة، إلا أن بعض الأصوات حاولت تبريرها أو التشكيك فيها، زاعمة أن ما جرى تم برضا الضحية، مستندين إلى معلومات مشوشة أو آراء شخصية لا تقوم على أي أساس قانوني أو أخلاقي أو إنساني. وهذا النوع من التبرير لا يقل خطورة عن الفعل نفسه، لأنه يفتح الباب لتكرار الجرائم، ويهين كرامة الضحايا ويمحو إحساسهم بالأمان.
من الضروري أن يكون هناك موقف اجتماعي واضح وحازم تجاه مثل هذه الجرائم، وأن تُدان بأشد العبارات، حتى لا يتجرأ هؤلاء المجرمون على تكرار أفعالهم أو تهديد استقرار المجتمع. كما يجب على الشرطة والقوات النظامية مضاعفة الجهود لحماية المجتمع من هذه العصابات، من خلال تطبيق القانون وملاحقة كل من تسوّل له نفسه ارتكاب مثل هذه الجرائم. فكم من ضحايا قد يكونوا قد تعرضوا لانتهاكات مشابهة ولم نسمع عنهم شيئًا!
وفي ظل الجهل القانوني المنتشر بشأن هذه الجريمة وخطورتها، رأيت من الواجب أن أكتب عنها مستندًا إلى ما ورد في القوانين المحلية في جنوب السودان.
الاغتصاب الجماعي هو أحد أبشع الجرائم الجنسية، ويقع عندما يتعاون أكثر من شخص على الاعتداء الجنسي على ضحية واحدة، سواء بالتناوب أو في ذات الوقت. وغالبًا ما يُرتكب باستخدام العنف أو التهديد أو باستغلال ضعف الضحية الجسدي أو النفسي. وهذا ما حدث بالفعل في حادثة “قومبا شركات”، حين تعرضت فتاة للاغتصاب من قبل نحو ثمانية شبان.
من الناحية القانونية، يُعتبر هذا النوع من الجرائم فعلًا جماعيًا مشتركًا، وتُوجَّه فيه التهمة إلى كل من شارك في الاعتداء أو سهّل حدوثه أو منع الضحية من الهروب، بما في ذلك الشخص الذي قام بتصوير الفيديو دون التدخل لمنع الجريمة. فالقانون لا يميز بين من نفذ الفعل ومن ساعد عليه، إذ إن الجميع يتحمل المسؤولية كاملة أمام العدالة.
بحسب المادة 247 من قانون العقوبات لسنة 2008 في جنوب السودان، يُعرَّف الاغتصاب بأنه الجماع الجنسي مع امرأة دون رضاها، باستخدام القوة أو التهديد أو الاستغلال. ويُعاقب مرتكب هذه الجريمة بالسجن لمدة لا تقل عن عشر سنوات، وقد تصل العقوبة إلى السجن المؤبد إذا ارتُكبت الجريمة في ظروف أكثر عنفًا أو تحت تأثير مواد مخدرة أو بحق قاصر.
أما في حالة الاغتصاب الجماعي، ورغم أن القانون لا يذكر المصطلح صراحة، إلا أن ارتكابه من قِبل أكثر من شخص يُعد ظرفًا مشددًا للجريمة، مما يجعل العقوبة أشد قسوة. وقد تصل العقوبة إلى السجن المؤبد أو حتى الإعدام، خاصة إذا كانت الضحية قاصرًا، أو إذا أدت الجريمة إلى أذى جسيم أو وفاة.
إن الاغتصاب الجماعي هو جريمة ضد الكرامة الإنسانية، وتهديد خطير للسلم الاجتماعي، ويجب أن يُواجَه بحزم من قبل الدولة والمجتمع معًا. فبدون عدالة رادعة، لن يشعر أحد بالأمان، وسيُفتح المجال أمام تلك العصابات لتهديد مستقبل أبناء وبنات جنوب السودان، الذين هم أصلًا ضحايا لأوضاع اقتصادية وأمنية صعبة.