
لماذا تُغذي أوغندا نار الحرب في جنوب السودان؟
واجوما نيوز
بقلم/ فرانسيس مايكل قوانق – صحفي وكاتب
تتصاعد المخاوف من انزلاق جنوب السودان نحو حرب أهلية جديدة، بعد التدخل الواضح لدولة أوغندا في شؤونها الداخلية وتأجيج الصراع بين الأطراف المتنازعة. يرى مراقبون أن أوغندا، من خلال دعمها لأحد أطراف النزاع، تُمارس “لعبة خطرة” تُنذر بكارثة إنسانية في المنطقة.
صراع الوكالة: أوغندا في قلب الأزمة
تاريخيا، لعبت أوغندا دورا محوريا في جنوب السودان، حيث دعمت حركة التمرد التي قادت إلى استقلال البلاد في عام 2011، ومع ذلك، يرى البعض أن هذا الدور تحول إلى تدخل سافر في شؤونها الداخلية، خاصة بعد اندلاع الصراع بين الرئيس سلفاكير ميارديت ونائبه رياك مشار في عام 2013، واستعانة سلفاكير بالجيش الأوغندي للدفاع عن سلطته.
فرضت أوغندا نفسها لاعبا وداعما للرئيس سلفاكير عسكريا وسياسيا، وتسهيل حصوله على الأسلحة لكسر حظر الأسلحة المفروض من الأمم المتحدة، في المقابل أصبحت أوغندا تتهم رياك مشار بتقويض الاستقرار في جنوب السودان، وتعلن الحرب ضد قواتها عوضا عن دعمها لتسهيل لتنفيذ الاتفاقية كضامن.
تأجيج الصراع: نتائج وخيمة
قد يؤدي دعم أوغندا لأحد الأطراف إلى تصعيد العنف وتأجيج الصراع، مما يزيد معاناة المدنيين، ويهدد بزعزعة استقرار بلد تعاني أزمات إنسانية من المجاعة والأمراض ووضع اقتصادي مٌزر وصل إلى عدم صرف رواتب العاملين في الخدمة المدنية والقوات النظامية لأكثر من عام نتيجة عجز الحكومة في السداد؛ بسبب الفساد وغياب الحكومة الرشيدة.
حرب على الأبواب: هذا مثل يشير إلى وضع متوتر ينذر باندلاع صراع مسلح وشيك، كما هو الحال في جنوب السودان “عودة محتملة إلى دائرة العنف”، وهذا أمر لا يمكن إنكاره وإلا من لا يعرف عقلية تفكير قادة الحركة الشعبية بجميع فصائلها، حتى الآن كل التحذيرات الدولية والإقليمية والمحلية، تشير إلى حرب محتمل، إلا المستفيدين من الوضع ينكرون ذلك.
تصاعد التوترات بين القوات الموالية للرئيس سلفاكير، وشباب النوير المسلحين “الجيش الأبيض” في الناصر، تحول في الوقت الحاضر بوتيرة سريعة إلى توتر سياسي أمني بين قوات الرئيس سلفاكير ونائبه رياك مشار، وبدأت المواجهات المسلحة بطريقة رسمية غير معلنة.
الحرب أولها كلام وآخرها ندامة: الحروب تبدأ بكلمات وخطابات تحريضية، ولكنها تنتهي بخسائر فادحة وندم، وهنا نشير إلى أن تغريدات قائد الجيش الأوغندي “التحريضية” وجزء منها وصلت إلى خطاب الكراهية ليس وإلا بداية غير مبشرة إطلاقا، فقد أكد أن قواته قصف قوات رياك مشار إلى الجحيم في أشار إلى ضربة جوية استهدفت معسكر تجمع قوات مشار في منطقة غرب العاصمة جوبا، وقبله بيومين طلب أن يركع رياك مشار، أمام الرئيس سلفاكير، وسبق كل هذا إعلانه بدء العمليات العسكرية بجنوب السودان واعتراف الحكومة بمشاركة القوات الأوغندية في الحرب على لسان وزير الإعلام مايكل مكوي. عند ربط هذا التطورات ليس هناك إشارة أكبر من أن الحرب الذي يديره أوغندا بالوكالة عن قوات سلفاكير، ضد قوات مشار أو الجيش الأبيض أو حتى وجودها في أراضي جنوب السودان، تنذر بكارثة تنتظر أركان البلاد، وإن لم تمارس المجتمع الدولي ضغطا على أوغندا للانسحاب من جنوب السودان، فليس على شعب جنوب السودان غير أن القول “على نفسها جنت براقش” لأننا نتسبب في إزاء أنفسنا عن طريق قادتنا.
إذا دقت الطبول فلا تخف إلا من المجهول، مؤشرات العودة إلى مربع الحرب أصبح واضحا، وهي تفاقم الخلافات السياسية “يوما بعد يوم”، واتساع دائرة القتال من أعالي النيل إلى جونقلي إلى الاستوائية، وغرب الاستوائية، هذه الخلافات تعيق تنفيذ الاتفاق، وتؤدي إلى انهيار الاتفاقية، لكن ما نريد الذهاب إليه لا يمكننا التنبؤ بنتائجها أو تبعاتها.
وكما يقال إن “الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها”- أوغندا واصحاب المصالح الخفية يتولون زمام إشعال فتنة نائمة بين” كير ومشار” لسنوات، خاصة اوغندا بتدخلها في شؤون جنوب السودان “عسكريا”، مما يزيد تعقيد الوضع وتفاقم الصراع، ويجعل البلاد عرضة للانزلاق إلى العنف، بل يمكن القول إنه يمهد الطريق.
وكما هو الحال في جنوب السودان، فإن مصالحة الأفراد والقبيلة، فوق مصالحة الدولة، ويشكل تهديدا خطيرا للسلام والاستقرار، ولكن الحرب دوما سيكون له تأثير في الجميع.