الاستجداء السياسي وتآكل السيادة الوطنية واستراتيجيات البقاء
واجومانيوز
بقلم:صموئيل بيتر اوياي
تعتبر ظاهرة الاستجداء السياسي من خلال الاستعانة بالقوى الأجنبية لحل قضايا الحكم وبناء الدولة من الظواهر المعقدة في إفريقيا، حيث تنطوي على عدة أبعاد سياسية، اجتماعية، واقتصادية. تحدث هذه الظاهرة عندما تجد القوى الوطنية نفسها غير قادرة أو غير راغبة في حل مشكلاتها الداخلية بوسائل محلية، فتتجه إلى الاستعانة بالقوى الأجنبية، سواء كانت دولًا أخرى أو منظمات دولية، لتحقيق أهدافها.
يرجع الاستجداء السياسي إلى فترة الاستعمار وما بعدها، حيث كانت الدول الإفريقية تعتمد على القوى الاستعمارية لحل النزاعات الداخلية أو للحصول على الشرعية الدولية. وقد استمر هذا الإرث حتى بعد الاستقلال، إذ لجأت بعض الحكومات أو القوى المعارضة إلى القوى الأجنبية لضمان بقائها في السلطة أو لتحقيق مصالح معينة، مثل مواجهة الأنظمة الاستبدادية. غالبًا ما يكون الاستجداء نتيجة لضعف المؤسسات الوطنية والمنظومات السياسية، وعجزها عن التعامل مع القضايا المعقدة مثل الصراعات العرقية، الاقتصادية، أو السياسية والعسكرية، بالإضافة إلى إشكاليات البناء الوطني ونظم الحكم.
في بعض الحالات، تسعى بعض القوى الوطنية للحصول على دعم خارجي لضمان شرعيتها، سواء أمام المجتمع الدولي أو شعوبها. وقد تستفيد القوى الأجنبية من تدخلها في الشؤون الداخلية للدولة لتحقيق مصالحها الاستراتيجية، الاقتصادية، أو السياسية.
ومع ذلك، فإن الاستعانة بالقوى الأجنبية تحمل خطورة كبيرة، حيث يمكن أن تؤدي إلى تقويض السيادة الوطنية وتبعية الدولة لتلك القوى. فبدلًا من حل النزاعات، قد يؤدي تدخل القوى الأجنبية إلى تعقيدها أو تأجيجها، خاصة إذا كانت هناك مصالح متعارضة بين الدول المتدخلة.
في بعض السياقات، يمكن اعتبار الاستجداء السياسي خيانة وطنية، خاصة إذا كان يتم على حساب مصلحة الشعب واستقلال الدولة. فإذا كانت هذه الاستعانة تؤدي إلى فقدان السيطرة الوطنية أو تهميش إرادة الشعب لصالح قوى خارجية، فإنها تُعتبر خيانة لمبادئ السيادة والاستقلال. ومع ذلك، قد يكون هناك جدل حول هذه النقطة، حيث تجادل بعض القوى الوطنية بأنها تلجأ للقوى الأجنبية كخيار أخير لإنقاذ البلاد من الانهيار أو لوقف نزاعات دموية.
في النهاية، تقييم هذه الظاهرة يعتمد على السياق والنتائج المترتبة على هذه الاستعانة، وكذلك على النوايا الحقيقية وراءها.
تم