تباريح التباريح في صنعةُ العُظماء.. سياحة فى عالم عظماء القراءة(٢-١)
واجومانيوز
بقلم:د.عبدالله ميرغني صارمين
(القراءة صنعة العظماء ) كتاب من تأليف ، نعيم بن محمد الفارسي الكاتب العمانى المبدع والرائع ، ما دعاني إلى الولوج في كتابه سياحة هو ذلك الجهد الكبير الذى بذله في استقصاء سير العظماء والمصلحين و المخترعين و المفكرين و القادة والادباء الذين كانت القراءة النهمة الشديدة والواعية والحشد الكبير من الكتب التى قرأوها و أعملوا فكرهم الوثيق _ هى صاحبة الدور الرئيس فى صناعتهم وبناء شخصيتهم وإنتاجهم الفكري والمعرفي ، إلى جانب ذلك كثرة ووفرة مؤلفاته في عالم القراءة (لو كنا نقرأ ) ، (عزاءات القراءة ) ، (شجون القراءة ) ، (تباريح القراءة ) ، ثم ما نحن بصدد التعليق عليه (القراءة صنعة العظماء ) كل هذه المؤلفات فروع لشجرة القراءة الوارفة الظل مصدر الإدراك الواعى وبداية الوحى وهذا يكفى .
القراءة تشكل مصدر تحفيز للتعلم والبحث وحب الاستكشاف التى تشكل القناعات ونظرتنا لمصادر المعرفة في حياتنا .. فالقراءة تقوم بوظيفة بناء البنية السليمة و ضمان التعايش بين المجتمعات ،، ومازالت القراءة إلى اليوم أهم وسيلة لاكتساب المعرفة الراسخة ، و مازالت أهم احد علامات التقدم الحضارى و أداة للتطور الفكرى والتحول من اللاوعي إلى الوعى والإدراك.
الكتاب محاولة لتحفيز الناس للدخول لعالم القراءة هذا العالم الساحر البديع الذى لايعلم مافيه من الكنوز و الفائدة والسعادة كثير من الناس ، وذلك عبر حشد العديد من القيم الداعمة لأهمية القراءة منذ القدم ، وتقديم سيرة عن عظماء بنتهم القراءة دون النظر إلى انتماءاتها الفكرية و العقدية والتوجهات السياسية .
قبل التوغل في جمع البينات المحفزة لعملية القراءة و إماطة اللثام عن اسرارها وأثر القراءة الجيدة
ودورها في صناعة وتشكيل العظماء والمفكرين والمبدعين أو استعراض أقوالهم وأحوالهم مع القراءة ، لابد أن أطرح سؤلاً فى معرض بيان أهمية القراءة في الحياة وهو سؤال يعاد تكراره بين الفينة والاخرى مقارنة بتطورات الحياة وسرعتها والإنتاج التكنولوجى الهائل … هل القراءة ضرورة .. ام هواية ؟ والسؤال مدخل مهم لفهم العلاقة بين طرفى المعادلة (الضرورة و الهواية ) ، فضلاً أن السؤال يفتح الباب لإدارة الحوار العميق والتواصل بين الكتاب والقارئ ، ويقود لاسئلة فرعية هامة من شاكلة ماذا نقرأ ؟ ولماذا نقرأ ؟ وأين نقرأ ؟ و متى نقرأ ؟ وكيف نقرأ ؟
هل فعلا القراءة ضرورة من ضرورات الحياة ؟ اليست هواية مثل بقية الهوايات التى يمارسها الناس ؟ ألا توجد بدائل أخرى عن القراءة ؟ لماذا التركيز على ضرورة القراءة ؟ هل القراءة تقل أهمية عن الخبز والماء ؟ للاجابة على السؤال نضع القارئ أمام جملة من الاقتباسات لبعض المفكرين حول ضرورة القراءة ثم لتكن تجربة القارئ وحواره مع الكتاب هى الإجابة لكل الاسئلة المطروحة .
يقول د رجب البناء ( القراءة ليست ترفاً أو تزجية لوقت فراغ ولكنها ضرورة حياة ونمو انسان ولاتقل أهمية عن الخبز والحرية ، وهى الوسيلة المثلى للتعلم واضافة أفكار وخلاصة خبرات الآخرين إلى تجاربنا و خبراتنا ) ، ويتساءل د / راغب السرجاني ( هل يعقل أن تكون أولى كلمات القرآن نزولاً إلى الأرض تتحدث عن هواية قد يحبها البعض أو ينفر أو يمل منها البعض الآخر ؟ ،،،، ويضيف إن القراءة ليست مجرد هواية ، إنما هى بالفعل منهج حياة ) ، ويذهب الكاتب الارجنتينى (آلبرتو مانغويل ) إلى أن القراءة مفتاح العالم و هى ضرورية كالتنفس ،، ونحن وما نقرأه ) . الشيخ زكى الميلاد يضيف ( إن المجتمع الذى لا يقرأ هو مجتمع ميت تعم فيه الفوضى ، هو مجتمع لا يتطور ولا يستطيع أن يكتشف ذاته ، أو يمتلك إرادة التقدم و أن ينظر إلى المستقبل بأمل وطموح … كما أن المجتع الذى لايقرأ تنخفض لديه القدرة الإنتاجية يهبط مستوى المهارات وتتراجع فيه العناية بالقانون والتقيد بالنظام ) ، يضع الباحث المعرفى وخبير القراءة النوعية (عبد المجيد تمراز ) مزيدا من الإيضاحات بقوله ( أن القرأة ليست هوية مطلقاً إن اى شيء فى منطقة الهويات فهو ثانوى يمكن استبدال شيء آخر به لانه ليس حاجة أساسية ، كيف يمكن لشيء يكسبك معنى الإنسانية ، ويطورك معرفياً ، ويهذبك وجدانياً ، ويعرفك بالعالم المحيط أن يكون ثانوياً ) . أختم هذه المرافقة حول ضرورة القراءة بقول المفكر الجزائرى مالك بن نبى ( الأمم التى لا تقرأ ، تموت قبل أوانها)