وكتب باطومي أيول..تصريحات مكوي، محاورة “عقل الشارع” 

واجومانيوز

بقلم :باطومي إيول

في تصريحاته أمام وسائل الإعلام، خلال المؤتمر الصحفي للوفد الحكومي المتفاوض مع أطراف المعارضة في نيروبي، قال مايكل مكوي وزير الإعلام والبث في حكومة الوحدة الوطنية وعضو لجنة التفاوض، الذي يتكون من جميع أطراف اتفاقية السلام المنشطة في حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية القومية، قال انهم لا يفاوضون في نيروبي على تكوين اتفاق جديد يحل محل الاتفاقية المنشطة الحالية. وجدد تأكيده أنهم كحكومة لا يتفاوضون على إنشاء سلطة بديلة تعيد هيكلة الحكومة بتقليص عدد النواب والوزراء وأعضاء البرلمان. ومن جانب اخر أكد مكوي أن وفدهم الحكومي، في مباحثاته بنيروبي، يحاول وضع نظام جديد فعال يمكن من تنفيذ الاتفاقية المنشطة بصورة أفضل. ومن جانب آخر، رفض مكوي أي مسؤولية سياسية لإعلان موقف الحكومة ونيتها في تمديد الفترة الانتقالية، معتبراً أن ذلك ليس من التفويض الممنوح لهم، مؤكداً أن ذلك من مسؤولية القيادة والأطراف الرئيسية للاتفاق المنشطة في الرئاسة الجمهورية لطرح هذا القرار، سواء كان سيتم تمديد الفترة الانتقالية أو المضي قدماً في إجراء الانتخابات.

 

وفي سياق قال لجنة الانتخابات بعد إعلان رئيسها البروفيسور أكوك أبندقو في مؤتمره الصحفي يوم ٥ يوليو ٢٠٢٤م، أن الانتخابات ستجرى يوم ٢٢ ديسمبر ٢٠٢٤م، مستنداً في إعلانه على المادة (١٦) الفقرة (١) من قانون مفوضية الانتخابات لسنة ٢٠١٢م المعدل في ٢٠٢٣م.

عليه وبهذا الموقف، تجدد الحكومة موقفها الرامي إلى إجراء الانتخابات في مواعيدها، رغم عدم وجود خطوات ملموسة على أرض الواقع تؤكد قيامها . إلى جانب ذلك، جاء تصريحات عضو الحركة الشعبية سانتو مليك مؤكدا، عدم نية الحكومة تمديد الفترة الانتقالية، وأن حزبه لم يعلن بعد عن هذا الموقف وأنهم يسعون إلى تنفيذ ما تبقى من نصوص الاتفاقية المنشطة، اهمها الانتخابات.

عقل الشارع:

الناظر لمجريات الأحداث في جنوب السودان يجد أن الطرف الحكومي، وأعني هنا الحزب الحاكم المتمثل في الحركة الشعبية لتحرير السودان في الحكومة، يقود مشروعاً يعلم تماماً ما يرمي إليه، ويحاول بشكل او بأخرى محاورة عقل الشارع والمجموعات السياسية المعارضة في كيفية إخراج المرحلة القادمة، مع علم تام بأن كل الخطوات الداعمة لإيجاد حلول سياسية مناسبة التي يمكن ان تعالج تحديات المرحلة الحالية موجودة بوضوح،وان كل المؤشرات تشير إلى استحالة قيام الانتخابات في وقتها المحدد حسب ما أعلنها مفوضيةالانتخابات، وأن الحل الوحيد لمعضلة الشرعية الحكومية هو إيجاد مشروع يعزز من موقفها المهدد، وهذا لا يمكن أن يتم إلا من خلال إيجاد إجماع حول فكرة معينة.

مسؤولية القيادة:

وهذا يقودنا إلى محاولات أطراف الاتفاقية المنشطة عبر وفديهما، وفد مبادرة تومايني، ولجنة الحوار الداخلي الخاص بأطراف الاتفاقية المنشطة، اللتان أظهرتا مهنية عالية في عدم البوح بأي شيء يخص مستقبل البلاد في ظل الراهن، تاركين كل شيء للقيادة. الإشارة هنا تكمن في قرار مجلس الرئاسة، المكونة لاطراف اتفاقية السلام المنشطة، وأنهم غير معنيين بتقديم أي قرار سوى تقديم تقرير تكليفهم فقط.

الصندوق الأسود:

عليه ،نجد أن الشارع ،و المهتمين بالشان الجنوب سوداني يتساءلون الآن،ما إذا كانت الحكومة حسب تصريحات وفدها لا تفكر في تمديد الفترة الانتقالية، وأنها ايضا، لا تسعى لمراجعة الهيكلة الحالية للحكومة بتقليصها، إذاً بماذا تفكر؟ ولماذا تتفاوض مع المعارضة في نيروبي؟ وما الذي يشير إلى أنهم يسعون إلى إيجاد صيغة جديدة لتنفيذ ما تبقى من بنود الاتفاق، علماً أن الفترة الانتقالية لم يتبق منها سوى أقل من ستة أشهر؟ لماذا تسعى الحكومة إلى تكوين لجنة جديدة لتحسين وتعزيز وتمكين لجنة تنفيذ ما تبقى من بنود الاتفاق المنشطة في المرحلة الجديدة؟ وهل يقصد بذلك الستة أشهر الباقية فقط أم ماذا؟

أعتقد أن مبادرة تومايني وما تحمله من أسرار، هي بمثابة “الصندوق الأسود” الذي يمكن أن يفك شفرة التعقيد السياسي الذي تواجهه حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية القومية في جوبا، رغم محاولات الحكومة اللعب على عقول المواطنين.

بناءا على ذلك يمكن القول ،أن تصريحات الأطراف الحكومية أكثر دهاءً ومبيته بمكر سياسي كبير، تسعى فيه تحميل المعارضة أي قرار يشير إلى عدم قيام الانتخابات في موعدها حسب ما جاء في الاتفاقية، حيث تريد الحكومة أن يخرج ذلك من لب تفكير المعارضة سواء كانت داخلية أو خارجية، في ظل استمرار تدهور الوضع المعيشي في البلاد.

مع ذلك، فإن اطراف اتفاقية السلام المنشطة في تقريرها للرئاسة الجمهورية مطالبون بوضع النقاط على الحروف لإكمال القراءة الكاملة للواقع حتى تتمكن البلاد من العبور إلى بر الأمان، ويكون عنوانها الاستقرار السياسي وتقليل حدة النزاعات المسلحة والمشكلات الأمنية بهدف طمأنة المواطنين ليعيشوا في وطنهم ويمارسوا حياتهم اليومية بدون قلق من حدوث نزاع سياسي.

الخلاصة:

– اعتقد ان حكومة الوحدة الوطنية، بأطرافها، تبدو منسجمة حول مشروع معين لا تريد البوح به الآن بذكاء غير عادي هذه المرة، وهذه واضحا من تصريحات عضو لجنة التفاوض مولانا مايكل مكوي. بينما يفسر هذا الموقف بأنهم يلعبون على عقل المواطن البسيط، أو يحاولون “محاورة عقل الشارع” واستدراجه بشكل أو بآخر وتهيئته للمرحلة المقبلة.

– مبادرة تومايني في تقديري هي “الصندوق الأسود” الذي سيفك شفرة التوهان السياسي الذي تواجهه البلاد، نظراً لما يواجه البلاد من تحديات سياسية كبيرة، فهي تعتبر طوق نجاة “حكومة الاتفاقية”.

– على ضؤ ذلك لا محال ، فإن الحل الوحيد الذي ستلجأ إليه الحكومة وأعني هنا كل أطراف اتفاقية السلام المنشطة، بغض النظر عن مخرجات محادثات نيروبي، يكمن في تمديد الفترة الانتقالية لفترة تتراوح بين 24 شهراً إلى 36 شهراً، بحيث يتم في نهايتها ممارسة العملية الانتخابية بشكل أفضل، والتي تعد مطلب وشرط مهم للأطراف الدولية وشركاء البلاد لدعم الحكومة في المرحلةالمقبلة.

تم.

Translate »