قراءة فى كتاب جنوب السودان ..قضايا فى السياسة الخارجية للكاتب تيكواج فيتر( العلاقات السودانية الجنوبسودانية ٢-٣)

واجومانيوز

بقلم: د.عبدالله ميرغني

(العلاقات السودانية الجنوبية)

ثم عكف فى المطلب الثانى إلى بيان سياسة دولتين لهما الأثر الكبير على مسيرة دولة جنوب السودان الولايات المتحدة الأميركية الراعى الأول لانفصال جنوب السودان ، دولة الصين صاحبة الوجود القوى فى أفريقيا و جنوب السودان ، من المعلوم بالضرورة أن العلاقات الجنوبية الامريكية ليست وليدة إستقلال جنوب السودان ، ومما لا شك فيه أن الولايات المتحدة الأمريكية لديها مصالح فى جنوب السودان دفعتها لمناصرة مشروع الإنفصال ، الا أن هذه المصالح و الرعاية تعرضتا لهزة كبيرة بسبب الحرب الأهلية وقد نشطت أمريكا وحلفاءه الغربيين فى السيطرة على هذه الأزمة والحد من حدة الصراع وتصاعده حيث إستخدمت سياسة (العصى والجزرة ) فى بداية الصراع غير أنها فضلت إبراز العصى و فرض العقوبات بعد فشل الجزرة فى جذب قادة الدولة فى الحد من الإنتهاكات الإنسانية وضياع مشروع التحول السياسى .

لخص الكاتب مستقبل العلاقات الامريكية وجنوب السودان فى قوله (أن الولايات المتحدة الأميركية فشلت فى هدفها السياسي فى إيجاد سند من القيادات السياسية الحاكمة في جنوب السودان موالية لها وحريصة على تطوير علاقات جيدة معها ) الا أنه وبرغم هذا الفشل فإنها تبذل جهد كبير فى تحقيق أهدافها الاقتصادية فى الوصول للنفط الجنوبى وإبعاد الصين وغيرها من الدول المنافسة لها ، وخوفاً من تأثير الأوضاع الأمنية على مصالحها فإنها ماضية فى تقديم المساعدات الإنسانية تعبيراً عن تخليها عن الحكومة وليس الشعب ، و أن ذلك ناتج من إدراك الإدارة الأميركية لمدى تعقد الأزمة السياسية فى جنوب السودان فى ظل غياب الإرادة السياسية لتنفيذ إتفاق السلام المنشط وتحقيق الإنتقال الديمقراطي.

أمًا الصين فإنها تحظى بوجود مؤثر فى جنوب السودان وهى المصالح التى دفعت الصين إلى أن تتخلى عن مبدأ ( عدم التدخل في الشؤون الداخلية ) كما إتضح من الدور الصينى فى الحرب الأهلية ، حيث إستخدمت الصين أدوات القوى الناعمة في تعزيز وجودها الاقتصادي والسياسى والثقافى ، أمًا فى الجانب العسكري فقد قامت ومن أجل المحافظة على مصالحها بالمشاركة فى قوات حفظ السلام بقوة قوامها 700 جندى بطلب من حكومة جنوب السودان ، كما تدخلت فى العام2015م عبر شركة النفط الوطنية الصينية لمنع قوات المعارضة من السيطرة أو تدمير حقول النفط بولاية الوحدة والحقول فى فلوج وعدرايل بسحب قواتها مقابل تقديم عرض مالى مغرى 40 شقة / منزلاً سكنيا فى العاصمة الكينية .

لخص الكاتب مستقبل العلاقات الصينية الجنوبية بقوله أن هذه العلاقات تواجه تحديا يتمثل فى تحمل الصين لتكاليف المحافظة على الاستقرار السياسي فى جنوب السودان فى ظل إستمرار غياب الإرادة السياسية والثقة بين أطراف النزاع فى تنفيذ أهم بنود إتفاق السلام المنشط الذي يتمثل فى الترتيبات الأمنية لبناء جيش وطنى مهنى للحيلولة دون دخول البلاد مجدداً فى حرب عبثية .

أمًا فى الفصل الثاني الذى حمل عنوان قضايا فى العلاقات الدولية فقد قسمه الدارس إلى ثلاث مباحث ، تناول فيه العلاقات السودانية ، والمصرية ، والعلاقات مع دول الخليج ، هنا أستميح القارى عذراً فى تجاوز ترتيب الكاتب في ترتيبه لأبدأ بالعلاقات المصرية والخليجية ثم السودانية. غرضى فى ذلك أن أعطى مبحث العلاقات السودانية المزيد من العرض وزيادة فى تفصيل مستقبل العلاقات بين البلدين في ظل التطورات السياسية والأمنية الأخيرة بالسودان .

فى تقدير الكاتب فإن موقع جنوب السودان كإحدى دول حوض النيل يعتبر من أهم محددات العلاقة بين البلدين إلى جانب تطورات أزمة سد النهضة والصراع داخل اثيوبيا بين الحكومة الفيدرالية وقومية التقراى ، فضلاً عن حاجة جنوب السودان للدعم المصرى السياسى فى المواقف الدولية والدعم الاقتصادى المتمثل فى مشروعات التنمية فى مجالات الزراعة والرى والإنشاءات والجانب الثقافى والدعم العسكرى والأمنى ، ويلخص مستقبل هذه العلاقة في دور مصر في مساعى تقريب وجهات النظر بين طرفى النزاع السياسى والعسكرى الرئيس فى البلاد بما يدفع الطرفين لتنفيذ إتفاق السلام المنشط .

فيما يتعلق بالعلاقات الجنوبية الخليجية فالتاريخ يثبت الدور الكويتى فى دعم إتفاقية أديس ابابا عبر مشروعاتها فى جوبا ، ولكن العلاقات الخليجية الحديثة بعد قيام الدولة الجنوبية تبدو مترددة هو ما يعبر عن وجود مخاوف خليجية من الأوضاع الأمنية والسياسية غير المستقرة ، بالإضافة إلى إنعدام مقومات الاستثمار لاسيما إفتقاره للبنية التحتية من الكهرباء والمياه والطرق وغيرها ، ولم يتعرض الكاتب للعلاقات الجنوبية الإماراتية الاقتصادية والسياسية المتطورة ، بل قدم صورة إجمالية لا تعبر عن حقيقة المتغيرات فى هذه العلاقات مؤخرا وبالعلاقات الثنائية الاماراتية ……

نواصل ….

Translate »