وكتب حاتم الياس..دولة 56.. شعار سياسي لشرعنة الحرب أم أزمة تاريخية

واجومانيوز

بقلم:حاتم الياس

مقدمة

منذ استقلال السودان في العام ألف تسعمائة ستة وخمسين وإعلان الاستقلال من داخل البرلمان تسلم أبناء البلاد من الوطنيين للسلطة بعد انتخابات فاز فيها الحزب الوطني الاتحادي بقيادة الأزهري المتحالف مع الارستقرطية الدينية الطُرقية ممثلة في الطائفة الختمية بقيادة رجل الدين السيد علي الميرغني، وحزب الأمة بقيادة محمد أحمد المحجوب، المدعوم من رجل دين آخر وأحد كبار الملاك في السودان السيد عبدالرحمن المهدي، إمام الأنصار في الواقع دعنا نقول إن الثقل الجماهيري الأساسي الذي كان يعتمد عليه حزبا الوطني الاتحادي والأمة كان يعتمد في الأساس على جماهير الطائفتين الختمية والأنصار ومنذ ذلك الوقت صباح الاستقلال لم يشهد السودان استقراراً وظل طيلة هذه السنوات يراوح بين حروب كثيرة لم تتوقف جنوباً وشرقاً وغرباً ما سمي بحروب الأطراف. وبعد صراع مرير وصل لحد المواجهة الدموية في أحداث مارس 1954 بين التيار الداعي للوحدة مع مصر الذي تمثله أحزاب الأشقاء والوطني الاتحادي وتيار الاستقلاليين الذي يمثله حزب الأمة توصل الجميع لتسوية تاريخية للصراع بالانحياز لخيار الاستقلال الذي ساهمت فيه عدة عوامل داخلية وخارجية واجتماعية تتعلق بالتركيبة الطبقية لرواد الاستقلال الأوائل المنحدرين من طبقة الأفندية التي كونها الاستعمار نفسه كقدر بنيوي تاريخي صاحب عملية الالحاق الكونيالي للسودان مثله مثل دول الجنوب الأخرى التي كانت ضحية الاجتياح الكولونيالي الذي أدمجها في تاريخ كوني جديد هو تأريخ الرأسمالية، حيث كانت فيه الدولة تعبر عن حالة ميلاد مشوه اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، وكان نتيجة ذلك تشوه آخر لحق بالبنى الاجتماعية التي صنعت النخب نفسها، لكن يثور سؤال هنا هل كان من الممكن ظهور السوداني الحالي لو لم يتشكل استعمارياً بضمه لمصر في عهد محمد علي باشا أو ما يعرف بالفترة التركية أو لاحقاً مع الفترة الاستعمارية الثانية، الاستعمار الانجليزي المصري لاحقاً أو ما يعرف بالحكم الثنائي؟ لمهدي عامل في أطروحته الفريدة في التناقض ونمط الإنتاج الكولونيالي وجهة نظر جديرة بالتوقف عندها إذ يقول إن عشية الاختراق الكولونيالي هي اللحظة التي تشكل فيها تاريخ جديد وواقع جديد علينا ووفقا لهذا المعطى التاريخي فإن الإجابة على أسئلتنا وبناء منهجنا التحليلي يتم من داخل معطيات صيرورة التاريخ الكونية للرأسمالية وعلاقتها بالأطراف للبحث عن إجابة، وأن أي سؤال حول كيف كان سيكون وضعنا لو لم تكن هنالك مرحلة استعمارية سماها بـ (نمط الإنتاج الكولونيالي) وهي العلاقة البنيوية التي تحكم بنية علاقة التبعية التاريخية في الدولة التابعة للمركز الإمبريالي وتكون وفقا لهذا التاريخ أو العلاقة البنيوية طبقة كولونيالية تابعة. يعتبر مهدي عامل أن سؤالاً مثل هذا سؤال لا تاريخي لأنه يحاول أن ينقب ويبنى منهجه على إجابة مستحيلة وخارج النسق المعرفي المتاح ولا يمكن أن تحقق مشروعية معرفية للسؤال (1).

أما الحزب الشيوعي في ورقته التي أعدها للمؤتمر الدستوري في العام ألف تسعمائة ثمانية وثمانين ونشرتها مجلة الثقافة الوطنية السودانية التابعة للمكتب الثقافي لحزب البعث، قدم تحليلاً أو إجابة أخرى قال فيها (على الرغم من تشكل السودان الحديث استعمارياً في العهد التركي والإنجليزي لاحقاً اٍلا أن السودان الذي نراه الآن كان قابلاً للتشكل بهذه الصورة للحركة التاريخية للتداخلات بين سكانه وتواريخ وجود تاريخ للسُلط المركزية سواء في سنار أو دارفور وحتى المهدية، وكان هنالك تعايش بين السودانيين ربما سيمهد لظهور السودان الحالي(2). سيبقى السؤال المهم بعد هذه المقدمة حول ما طرح أعلاه عن دولة (56) التي رفعت كشعار من قبل قوات الدعم السريع في حربها ضد الجيش هل هو شعار تم اختياره لتبرير هذه الحرب وتأسيس مشروع متعجل للدعم السريع أم أن ثمة حقائق يجب على الباحث الخوض فيها وعدم الهروب إلى لغط السؤال اليومي وحالة الشد والجذب والاستقطاب، وسيقودنا هذا لوضع منهجية لهذه الورقة على النحو التالي:

1/ الجذور الطبقية للنخبة السودانية

مع هزيمة الدولة المهدية في معركة كرري ودخول قوات كتشنر أمدرمان بدأ المستعمر في تأسيس النواة الإدارية الأولى للإدارة الاستعمارية في السودان على أنقاض الدولة المهدية. ومن الطريف والملفت للانتباه أن أول لقاء تم للإدارة الاستعمارية بحضور كتشنر كان قد تم مع مجموعة من التجار بغرض العمل معاً على توفير المواد الغذائية واحتياجات سكان أمدرمان. ودون أن طبقة التجار أو الجلابة التي استهدفها الاستعمار بهذا اللقاء معتمداً على خبرتها التاريخية التجارية الموروثة كطبقة قديمة نشأت في ممالك السودان في سنار وحتى مملكة وداي (3) مروراً بالعهد التركي رغم اختلاف حجم وطبيعة التداول السلعي حسب النمط الاقتصادي السائد لكن لم يجد الغازي الجديد بداً من التعامل معهم ومشاورتهم لمساعدته في توفير احتياجات سكان أمدرمان، يلفت الانتباه أن التخطيط للسوق والتجارة سبق وضع اللبنات الإدارية، وفي ذلك يقول خالد الكد في كتابه الأفندية أن البرجوازية الجنينية كان يشكلها كبار التجار وذلك لامتلاكهم أغلب نشاطات البلاد الاقتصادية بتحالفهم مع كبار الموظفين. وعلى الرغم من أن الكد تحدث عن حقبة متقدمة قليلاً عما أشرنا إليه هنا لكن لحظة التأسيس أو بزوغ التجار كطبقة بالطبع ترتبط بما عُرف اصطلاحاً بطبقة (الجلابة) وهو أمر يقودنا إلى أننا حين نتحدث عن السودان يجب أن نتحدث عن مراحل متداخلة ما قبل كولونيالية، وكولونيالية، وما بعد كولونيالة، والقاسم المشترك بين هذه التشكُلات الاجتماعية هو حالتها المتنقلة بين الحقب التاريخية واحتفاظها بامتيازتها رغم اختلاف الفترات. ودون شك أن طبقة التجار أو الجلابة التي استهدفها الاستعمار بهذا اللقاء معتمداً على خبرتها التاريخية التجارية الموروثة كطبقة قديمة نشأت في ممالك السودان في سنار وحتى مملكة وداي (4) مروراً بالعهد التركي رغم اختلاف حجم وطبيعة التداول السلعي حسب النمط الاقتصادي السائد. ونجد هنا رغماً عن اختلاف الفترات لكن الاستعمار حافظ على استمرار النخب التقليدية، إلا أن شرطاً استعمارياً واقتصادياً مختلفاً سيعيد ربط خبرتها التاريخية بسياق استعمار اقتصادي اجتماعي مرتبط عضوياً بالخارج ضمن سياق علاقات التبعية (5) ويقول هنا خالد الكد: على الرغم من الدولة الثنائية -يقصد الحكم الإنجليزي المصري – لكن هذه الطبقة من التجار لعبت دوراً مهماً في المشاريع المروية الكبرى من خلال تحالف التجار مع طبقة الموظفين ذوي الدخول العالية. أما بالنسبة لطبقة الأفندية فإن الاستعمار لحاجته للوظائف الصغرى في الدرجات الإدارية من كتبة وفنيين وأعمال وظيفية لن يقبل بها البريطاني أو المصري فقد تم تأسيس كلية غردون التذكارية لهذا الغرض وتخليداً لذكرى غردون في 1902 وخرجت أولى الدفعات التي التحقت بالعمل الحكومي، فقد كان بالكلية 205 تلميذاً في العام 1906 من بينهم 138 من العرب (حسب وصف الإنجليز) والبقية من السود، وقصد بالسود السودانيين من أبناء شمال السودان، ومن أبناء الرقيق القاطنين بالمدن أو من سلالة الرقيق الذين اعتبروا حسب التقارير البريطانية من ذوي الخطر السياسي وذلك لاغترابهم عن قبائلهم وقوميتهم. وفي تقرير بريطاني ورد عام 1925 أن هذه الطبقة في الماضي أبدت استعدادها أكثر من غيرها للاستفادة مما قدم لها من فرص التعليم (6).

بالنظر للوضع المساواتي الذي بدأت به كلية غردون في استيعابها لكل السودانيين من الطلاب حتى إنه لم يكن هنالك عدد كبير من أبناء الأسر – من بينهم كان ابن الخليفة عبدالله التعايشي؛ نلاحظ أن الجذور الطبقية للنخبة السودانية وقتها كانت قادمة من فقراء مدينة ما بعد الاستعمار من الهامش الاجتماعي للعمالة الزراعية والشغيلة، ولعل الطيب صالح في موسم الهجرة إلى الشمال استطاع أن يصف بدقة إبداعية هذه اللحظة التاريخية والاجتماعية ذلك حينما وقف الرجل الإنجليزي الذي يركب الحصان أمام مجموعة من الأطفال كانوا يلهون في الطريق ففروا كلهم عدا مصطفى سعيد بطل الرواية، والشخصية الغامضة الذي لا يعرف له أهل ولا قبيلة عدا هو وأمه وأب غائب، هو وحده من تحمس للذهاب إلى المدرسة (كلية غردون). ونجد في عبارة الباحثة اليابانية يوشيكا كاموريتا التي ترجم لها مجدي النعيم في وصف ثوار ثورة أربعة وعشرين بالمنبتين، والأمر هنا يتعلق بالترجمة لا المحمول السيء للعبارة، لأن المنبت هنا المعني به من لا عشيرة أو قبيلة له ينتسب لها، وبهذا الوصف فإن مصطفى سعيد بطل موسم الهجرة إلى الشمال كان من أولئك المنبتين، أحياناً يستطيع الأدب ببراعة كشف اللحظة التاريخية والاجتماعية ومساءلتها بأدوات جمالية، لكن كشف الخطاب الذي يختبئ خلف النسق الجمالي يحتاج لمنهج وأدوات نقدية وتحليل من ذات حقله – أي حقل النقد الأدبي. لذا كان التعليم وقتها مهمته هو إعداد كتبة محليين ونشر نوع من التعليم بين الناس يساعدهم على معرفة القواعد الأولية لجهاز الدولة (أنظر تطور التعليم في السودان محمد عمر بشير،(1898-1956) (7).

من واقع هذه القراءة السريعة نصل إلى أن البرجوازية السودانية وممثليها السياسيين لا تختلف كثيراً من حيث النشأة عن البرجوازيات في الدول الأفريقية ونشأتها في سياق التشكل الاستعماري الذي وضعها كنخب محلية في سياق علاقات تقسيم العمل العالمي الرأسمالي، وهذه الجذور مشكلة من منابت اجتماعية مختلفة، منها المنحدرة من الطبقات الاجتماعية التقليدية القبلية والعشائرية والدينية القديمة، أي ما قبل الاستعمار. ومن بين ما وصفته يوشكيتا كوريتا الباحثة اليابانية في تتبعها للخلفية الاجتماعية لثوار حركة 1924 بأنهم كانوا من (المنبتين) يماثل ما أشرنا إليه في الصورة الأدبية السردية التي جسدها إبداعياً الطيب صالح عبر صورة بطل موسم الهجرة إلى الشمال مصطفى سعيد الشخصية التي لا تنتمي إلى أي خلفية قبلية واجتماعية، وصنعته مؤسسات الدولة الاستعمارية الحديثة ليكون مأزقه الوجودي ومأثرته هو أنه بلا أهل ولا قبيلة ولا انتماء؛ أي بلا جذور اجتماعية. ومن هنا يمكننا القول كفرضية تحتاج إلى عمل بحثي آخر أن فشل ثورة أربعة وعشرين والموقف شديد الخصومة الذي أبدته النخب التقليدية القديمة بخلفيتها العرقية والثقافية لم يكن مجرد صراع مدفوع بالجوانب العرقية بين أولئك (المنبتين) الذين يمثلهم علي عبداللطيف ورفاقه وأولاد القبائل أو أولاد البلد، أو في تباين النظر حول الرؤية التحررية، وإنما في حقيقة الأمر هو صراع من له الحق في إعادة التموضع داخل بنية الدولة الكولونيالية، ولم يكن التعريض بهم من حيث أنهم بلا رابطة قبلية أو عشائرية بجانب أن التلميح لتاريخ الرق وفكرة العروبة كما هي عند قبائل الوسط والشمال هو في الواقع وسيلة أيدولوجية لمواجهة فكرة الدولة والأمة الأوربية نفسها في نسختها المصرية التي حاول محمد علي باشا في حركته التحديثية في مصر تبنيها. لذا فإنني أذهب على عكس ما طرحته يوشيكا كوريتا(8) في أن الصراع بين حركة اللواء الأبيض ومناهضيها هو في الواقع صراع حول تعريف مفهوم الأمة والوطنية، ففي الوقت الذي أرادت فيه حركة اللواء الأبيض أن تستلف رؤية وخطاب يعتمد على مفهوم الأمة في السياق الأوروبي بعد (مصرنته) في عهد محمد علي بينما مناهضيها انحازوا لفكرة الأمة بموروثها الثقافي والتاريخي الموروث من بُنى عشائرية وقبلية منذ دولة الفونج، ورأوا أن أي بناء لا يعيد دمجهم ضمن علاقات الإنتاج الرأسمالي كممثلين طبقيين رسميين للذاكرة الاجتماعية والسياسية للدولة، أي الطبقة ما قبل الكولونيالية بتشكيلتها الطبقية الجديدة التي أرادت أن تنمو وتتشكل من المؤسسات الحديثة للاستعمار مثل مؤسسة الجيش التي خرج منها ثوار حركة 1924، بالتالي فإن ذلك الصراع كان حول أحقية التمثيل، هل السودان القديم بنخبه القبيلية والعشائرية والدينية أم الطبقة الجديدة التي نشأت مع الاستعمار ومؤسساته.

2. الدولة في خطاب النخب

لا يمكن تحليل خطاب الدولة وسط النخب إلا بالنظر لتعريف الدولة نفسه ككيان سياسي اجتماعي وقانوني. هذا التعريف الذي صار شائعاً في المدارس القانونية والسياسة أرض وشعب ودولة وحكومة؛ يضاف إلى ذلك أن مفهوم الأمة التاريخي الذي صار لصيقاً بتعريف الشعب نفسه، واٍن كان تعريف الأمر نفسه موضع اختلاف في الآراء بجانب أن وضع الدول التي تشكلت بعد الاستعمار يصعب فيه وضع تعريف أمة على شعبها، وهنا يقول (اللورد سالزبوري) وزير المستعمرات البريطانية لوصف كيف تأسست الحدود بين الدول في أفريقيا بل كيف تأسست الدول نفسها (في أفريقيا سرنا في مساحات شاسعة صعدنا جبال وعبرنا غابات وسهول وصحارى، شققنا أودية وهضاب، قسمنا شعب واحد في أكثر من دولة، وضعنا شعبين في دولة واحدة، وكل ذلك لم يتم إلا على الورق في أراض لم تطأها قدم الرجل الأبيض أبداً) (9) . هذه العبارة تظهر تماماً كيف تم اختلاق الدول الأفريقية. فمفهوم الشعب نفسه في الدول الأفريقية ومن بينها السودان هو نفسه موضوع ملتبس، إذ لم تعبر الدولة بحدودها كما في الغرب عن حالة تلازم وتطور عضوي بين مفهوم الأرض وتطور الأمة كما هو الحال مثل فرنسا أو ألمانيا هي حالة تاريخية واجتماعية بلورت مفهوم الأمة بعكس الدول الأفريقية، ففي أوربا تبرز الدولة في المجتمعات المتقدمة باعتبارها ناشئة عن الأمة نتيجة تحديد منظومة الهوية على شكل معمم حيث يندمج المجتمع بالكامل من الناحية الاقتصادية (سوق حر للعمل دائرة تبادل معممة) ومن الناحية المؤسسية (نقابات، أحزاب، برلمان، روابط رياضية وفنية) ومن الناحية الثقافية يتم (تعميم نموذج منفرد للاستهلاك – نظام موجود للتعليم) أي أن بناء الدولة القومية يرتبط بنمط من الإدراك الذاتي الاجتماعي الذي تفرضه الأقلية البرجوازية ويفرض على معظم السكان (10). يمكن القول أنه ومنذ فترة الاستقلال وما قبلها ارتبط مفهوم الأمة السودانية “المتخيلة” – مستعيرا هنا مفهوم (بنديكت أندرسون) (11) عن الدولة الحديثة كمجتمع متخيل- بمحددات هوياتية إسلامية عربية فكان مفهوم الأمة السودانية يقتصر على تصور الجماعة العرب اسلامية المهيمنة لنفسها دون أن يشمل الاخر المختلف ثقافيا، اثنيا ولغويا. و بحسب عبدالعزيز حسين الصاوي وجادين (12) فإن مفهوم الإسلام نفسه كان يتطابق مع مفهوم العروبة، كما هو الحال في دول المغرب العربي بحسب الصاوي وجادين حيث الإسلام مفهوم هوياتي يعني الدين وفي نفس الوقت يعني العروبة. أما بالنسبة للنخب السودانية ظهرت الدولة كأنها الانبعاث الحضاري والثقافي للأمة، واللحظة الاستعمارية ما هي الا لحظة عابرة، وأن تحدي الاستعمار والرغبة في التحرر ما هي إلا سبب لذلك الانبعاث الموجود أصلاً للأمة العربية الإسلامية في السودان. بالتالي فإن الدولة في متخيل النخبة البرجوازية الكولونيالية كانت وكأنها الإطار العام الثقافي والمجتمعي الضروري لانبعاث الأمة وكتحقيق للهوية الوطنية وقد استلفت النخبة الكولونيالة هذا الموروث الثقافي الما قبل كولونيالي في تدعيم مشروعيتها كقائدة للدولة والمجتمع وكممثلة سياسية منذ مؤتمر الخريجين 1938، لذا يتساءل محمد إبراهيم نقد وهو ينبش في وثائق الرق في السودان لماذا سكتت الحركة الوطنية السودانية منذ مؤتمر الخريجين عن قضايا الرق التي كانت تعبر عن فضيحة اجتماعية وأخلاقية حتى ذلك الوقت ولم تستصحبها في مشروعها التحرري من الاستعمار رغم أنه في الوقت الذي كان يتأسس فيه مؤتمر الخريجين وتنهض الحركة الوطنية لم يحتفظ لنا أرشيف مداولات مؤتمر الخريجين ولا تاريخها بسؤال الرق. ربما السبب في ذلك، ان مفهوم الدولة لدي هذه النخب وتصوراتها الأيدولوجية كان يعبر عن رؤية حصرية لما يجب أن تكون عليه الدولة والأمة السودانية المتخيلة والتي تعبر مصالحها وتوجهاتها الثقافية هوية الجماعة العرب اسلامية المهيمنة، والذي كانت تعبر عنه الارستقراطية الدينية ممثلة في السيد علي والشريف الهندي والسيد عبدالرحمن و الذين كانوا في حقيقة الأمر يعبرون عن مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية المتعارضة بالضرورة مع قيم واقتصاد الدولة الحديثة مما دفعهم لرفع مذكرة للاستعمار تناقش الضرر الاجتماعي والاقتصادي الذي وقع عليهم نتاج تحرير الرق، كما وضح الدكتور احمد سكنجة (13). ومن هنا فإن النخب السودانية أو البورجوازية الكولونيالية اعتمدت على تصورات تخصها فيما يتعلق بالدولة، ورغم أنها ناهضت الاستعمار لكنها وجدت في الدولة السودانية نفسها التي خلفها الاستعمار بشكلها الحالي بمثابة غنيمة طبقية كونت من خلالها تحالفها التاريخي بين طبقة الأفندية عبر جهازيها المدني والعسكري والارستقراطية الدينية من كبار الملاك والتجار ورأس المال الأجنبي من أجل تكييف الشرط الما بعد الاستعماري مع السوق العالمي وتكريس التبعية والتخلف. بالتالي فإن مفهومنا للدولة الحديثة التي لم تتشكل بعد أو يجري تأسيسها على أسس قديمة؛ أي بإعادة إنتاج الدولة القديمة الاستبدادية وذلك بفعل الاسقاطات التي حملتها النخب نفسها لتجارب مُرحلة لواقعنا والناتج هو أوهام حول تحقيق الدولة / الأمة (14).

3/ (الدعم السريع الزائر الكوني).. حرب الخرطوم صراع طبقي أم حرب جنرالات

الراحل جمال عبدالملك ابن خلدون أحد أهم الأدباء السودانيين، صاحب سيرة باذخة وإرث قصصي بديع. فهو الشيوعي القبطي المصري الذي هرب إلى السودان إبان عهد عبدالناصر وأصبح مواطناً سودانياً وكتب سيرته الذاتية قبل وفاته وطبعتها له دار عزة للنشر. وكان الشاعر حاتم الكناني قد كتب عنها وقدم لها عرضاً في مجلة الحداثة السودانية. وهو من الرواد السودانيين الأوائل الذين كتبوا قصص الخيال العلمي ولديه قصة مشهورة اسمها (الزائر الكوني) تحكي عن كائن فضائي هبط على الأرض من المريخ. وفي سيرته الذاتية الجميلة والتي لا يمكن أن تتخلى عن قراءتها الممتعة من أول صفحة حتى آخر صفحة كتب عن اهتمامه بهذا الضرب النادر في منتوج الإبداع السردي العربي (قصص الخيال العلمي) وبالطبع السوداني. جاءت سيرة جمال عبدالملك (ابن خلدون) في هذه الورقة، وأنا أتفحص الحالة الشعارية المذعورة لأفندية المدينة السودانية من الطبقة السياسية وناشطيها (يسارها ويمينها) بفعل هذه الحرب ومحاولتهم فهم مستقبل قوات الدعم السريع وكذلك مصيرها ومصير جنودها الذين تم وصفهم بـ(النيجريين والتشاديين). وتتراوح تلك الحالة بين الحماس والتعبئة الشعارية أو حتى تلك الكتابات التى حبرها من كتاب ومفكرين لطالما تبنوا وطرحوا قضية الهامش والمركز، مثل، الدكتور محمد جلال هاشم عبر أطروحته (التحليل الثقافي) الذي يرى أن الاستعلاء العرقي والثقافي والديني للجماعة العرب اسلامية المهيمنة هو المسئول عن التهميش الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لشعوب السودان المختلفة. فاجأت الأحداث محمد جلال هاشم بأن الثقافة العربوإسلاموية نفسها لديها هامش عربي إسلاموي بدوي لديه مظالم يمكن أن يهاجم المركز، بمعنى أن التناقض الذي طالما أسس لرؤيته وسكب الحبر له بين (الهامش والمركز) يمكن أن يحدث داخل البنية الاجتماعية للثقافة العربوإسلاموية نفسها. وهو تيار وجد حظوته في فضاء الفكر السياسي السوداني في منتصف التسعينيات إبان حكم الجبهة الإسلامية ولعل عبد العزيز حسين الصاوى قد رد على بعض أطروحاته في كتابه السودان جدل الهوية حين قال إن الاٍنقاذ وضعت الثقافة العربية في مأزق صراع اقصائي مع بقية الثقافات السودانية. سنتفاجأ هنا بأن محمد جلال هاشم أصبح داعماً للجيش بشكل صريح وعلني، ربما أن الجيش طبقياً وتاريخياً وعبر تحولات سياسية لازمت الأزمة السودانية أو ما عرف بالحلقة الشريرة (ديمقراطية انقلاب ثورة شعبية ثم انقلاب) كان الجيش يقع ضمن منطق وآليات التفاوض التاريخي داخل الشرط الأزموي الذي تجيده هذه النخب في حالة الانسدادات السياسية والاجتماعية (الانتقال من عسكر لديمقراطية)، وليس في معالجة الأزمة التاريخية نفسها من جذورها، للطرافة تتم هذه التحولات ضمن شروط المركز التاريخي نفسه الذي يستوعب الصراع بناءً على رؤيته للحرب والصراع السياسي. لكن في حالة الدعم السريع، تبدو العروبة ملتصقة بأدوات تعبيرها الثقافي والاقتصادي والبيئي، لذلك بعد أن يهزم (جيش البراء) وتشكيلات المستنفرين والمستنفرات بين عطبرة وبربر وأبوحمد والعبيدية والشجرة ووادي سيدنا سيكون سؤال أين تذهب هذه القوات أو المتبقي منها، بعد أن يدحروا ويولوا الأدبار هرباً باتجاه دارفور (قيزانها) وقراها ووديانها مثخنين بجراح الطيران وكتائب العز الإسلامية حسب خطاب التعبئة الرائج. والفكرة التي نستعيرها هنا من خيال جمال عبدالملك (ابن خلدون) هو أن الدعم السريع بدأ كأنه زائر كوني قادم من الفضاء الخارجي وسقط على تاريخنا ويجب أن يعود بالطبع من حيث أتى. ومن الغريب أن د. عبدالله علي إبراهيم نفسه في لقاء له مع قناة الجزيرة قال إنه يقف مع الجيش من واقع خيار (المر والأمر) وهو مثل مصري شهير (ايه الجبرك على المر قال الأمر منه)، وعلى الرغم من أن عبدالله علي إبراهيم نفسه في كتابه المهم عن أصيل الماركسية (15) النهضة والمقاومة في خطاب الحزب الشيوعي عن الحرب الأهلية في دارفور وأسباب ظهور ظاهرة (الجنجويد) قام بنقد توصيف الصراع في دارفور بالنظر للعرق والثقافة أو بردها بصورة بسيطة لعداوة العرب والزرقة فقد نظر إلى الأساس المادي في نظم تملك الأرض التاريخية أو ما سماه (علاقات اقتصاد الحاكورة) في أنها أجبرتهم – أي الجنجويد – في ظروف طحن وجفاف وتصحر، جماعات لم تجد بداً بغريزة الحياة من خرق أعراف ذلك التملك. والحاكورة ليست مجرد ملكية قبلية تشغلها الزراعة والمزارعون وإنما علاقات اقتصادية منظمة وتاريخية بين الرعاة والمزارعين حينما تحولت الزراعة من حالتها الإكتفائية ووثقت وارتبطت بالسوق، وهنا يقول شريف حرير إن الحرب قطعت الطريق أمام البستنة الحديثة المرتبطة بالسوق (السودان الانهيار والنهضة مركز الدارسات السودانية 1997)، أي أنه في اللحظة التي يحتضر فيها النمط الرعوي بفعل الجفاف والتصحر كانت الحاجة للتوسع لمقابلة العرض والطلب في القطاع الزراعي البستاني المرتبط بالأسواق الكبرى في الفاشر ونيالا وزالنجي والجنية وحتى الخرطوم ومدن الوسط والشمال، أدى ذلك لدخول الزراعة في المسارات التاريخية التي نظمت العلاقة بين المزارعين والرحل منذ أزمان بعيدة أو اعتداء النمط الرعوي على المزارعين ومساحة الزراعة، أي تم خرق التعاقد التاريخي والعرفي الموروث بين الرعاة والمزارعين، فكان لا بد أن يحدث الاحتكاك والحرب. وصف عبدالله علي إبراهيم الصراع هنا (أن الجنجويد كانوا ثورة لكنها وجهت نحو الاتجاه الخاطئ) أي أنها ثورة ضد اقتصاد الحاكورة.

لم تكن حرب الخرطوم التي في الخامس عشر من ابريل 2023 بين الجيش السوداني والدعم السريع تعبيراً عن خلاف سياسي فجره الاختلاف حول الاتفاق الإطاري أو تباين في وجهات النظر السياسية حتى بين أنصار النظام القديم ممن يطلق عليهم الكيزان وبين قوات الدعم السريع وحليفها قوى الحرية والتغيير الممثل الجديد للطبقة الوسطى المدينية الذي نال اعتراف الفاعلين الدوليين، لكن واقع الأمر منذ انشقاق الإسلاميين إلى مؤتمر شعبي ومؤتمر وطني، حيث كان هذا الانشاق بداية لتركيز السلطة والثروة في يد الجيش؛ أي سلطة الدولة نفسها في التحكم في الفائض الاقتصادي الوطني وتوزيعه وظهور مؤسسات اقتصادية ضحمة للجيش تتوزع في جميع المجالات الاقتصادية والتجارية من النفط إلى التعدين حتى صناعة الملابس والأحذية واللحوم، وربما أننا لم نفهم انشاق رمضان 1999 الكبير وسط الإسلاميين الذي كان في الواقع انشقاقاً بين مقتضيات التنظيم وأيدولوجيته ذات الطابع المساواتي المعتمد على فكرة الأخوية الإسلامية التي لا تفرق بين القبائل والأجناس وبين الدولة كجهاز طبقي يعمل على توزيع تراكم الثروة وتوزيعها والسيطرة على الإنتاج الوطني وفق سياق تاريخي وثقافي وعرقي، كانت بالأساس وظيفة طبقية تاريخية معنية بحفظ مسار هيمنة البرجوازية السودانية على إدارة التحالفات الطبقية لكن لا يمكن نكران البعد الأيدولوجي والعرقي والمناطقي بعيد بأي حال فظهر الخلاف داخل التنظيم كأنه صراع بين الإسلاميين من دارفور والإسلاميين من الوسط والشمال وتبع ذلك لاحقاً تأسيس حركة العدل والمساواة بقيادة خليل إبراهيم. لذا كان انشقاق رمضان هو في الأساس يعبر عن انشقاق داخل المحتوى الاجتماعي لسلطة الدولة التي لا تريد أن يتم الاخلال بها والتضحية بالدولة لأجل الرؤية الطوباوية الإسلامية.

إن ظهور الدعم السريع بعد الثورة في مسرح الأحداث ووصول قائده محمد حمدان دقلو لثاني أعلى منصب في الدولة نقل الدعم السريع من كونه حالة (عمالة عسكرية) تنال من هامش ريع الدولة المركزية وتقوم بمهامها في دارفور لصالح المؤسسة العسكرية، أضف إلى ذلك كانت حرب اليمن نفسها وارتباط الدعم السريع بالداوئر المتنفذة في السعودية والإمارات مصدر آخر لتدفق الأموال، إضافة بالطبع لعائدات الذهب، كان هذا بمثابة تهديد لمركز السلطة التقليدي من أن الدعم السريع ربما يُخل بالنسق السلطوي ويخرج خارج دائرة رقابة الطبقة العسكرية وتحكمها في الموارد؛ أي أن يخلق ذلك مركزاً سلطوياً منافساً، لذا لجأ الدعم السريع إلى الممثلين السياسيين للطبقة الوسطى (قوى الحرية والتغيير) محاولاً الاستفادة من من رصيد الدعم الدولي الذي وجدته هذه القوى من الغرب منذ الثورة باعتبارها حليفه الاجتماعي المساند لقيمها الليبرالية والديمقراطية في مواجهة الإسلاميين (الكيزان)، فكان لابد أن تحدث هذه المواجهة بين الجيش والدعم السريع، وهي حرب يخوضها الدعم السريع لايجاد موقع له ضمن علاقة الهيمنة والسيطرة وفق اسس جديدة، ويخوضها الجيش للحفاظ على الحقوق الأصلية والتاريخية في الدولة الغنائمية، التي هي بحسب أديب نعيمة (تشمل نمط العلاقات النفعية – المادية الذي يسود بين الحاكم والرعايا حيث تجبي الدولة الريع لزيادة ثروة الحكام، وتوزع حصة منه على الرعايا بحسب درجة القرابة والولاء لمركز القرار، وبما يخدم استقرار الحكم (16).

لذا فإن هذه الحرب التي اندلعت في الخرطوم هي في الواقع استمرار لأزمة الدولة السودانية التاريخية ونخبها. دولة ما بعد الاستعمار حالة ليست تخص السودان وحده وإنما معظم دول أفريقيا جنوب الصحراء مع الاختلافات النسبية بين كل دولة وأخرى. ففي عشية الاختراق الكولونيالي حدث عطب في نمو طبقتها الاجتماعية في طريق صيرورتها نحو الاكتمال والتشكل كطبقات برجوازية كما في أوروبا التي عبر عملية تاريخية طويلة وصلت لإدارة تناقضاتها الاجتماعية عبر الديمقراطية الليبرالية بين أطراف الطبقة المسيطرة فيما بينهم والطبقات الاجتماعية الأخرى الواقعة تحت استغلالها واستطاعت تلك البرجوازيات بناء مفهوم معمم ثقافي وأيدولوجي لمفهوم الأمة وذاكرتها الجماعية وبالتالي الدولة. لكن في دول الجنوب أو أفريقيا جنوب الصحراء ذات الطبيعة الاجتماعية الخاصة كانت واحدة من سماتها البنيوية غياب المظاهر الأساسية للقاعدة المادية للمشروعية السياسية في التشكيلات الطرفية – أي في دول الجنوب. أن عدم قدرة الطبقة على إحداث تحول في الهياكل الاقتضادية والاجتماعية وعجزها عن إحداث التطورات الدينامية الذاتية بعكس المراكز الرأسمالية؛ هذا التشوه البنيوي التاريخي هو الذي يجعل الانقلابات والحروب الأهلية الدامية (17) هي وسيلة أطراف السلطة من الطبقة الكلاسيكية القديمة أو الجديدة الملتحقة بها وعسكرة أدوات التغيير هي الوسيلة الأكثر دموية للوصول للمساومات السياسية التي تلزم تقسيم الريع فيكون الجيش والدولة الوطنية من جهة في خطاب الحكومة ضد المتمردين هو ما يمثل خطاب الشرعية للسلطة في حربها أو إنهاء دولة 56 حسب الدعم السريع، باستلاف شعارات وتعابير تبدو ثورية لشرعنة الحرب ولكن في نهاية الأمر تبقى كلها وسائل للتعمية من كون أن هذا الصراع هو صراع طبقي سلطوي لتحديد من هو الأجدر بلجم التناقضات الداخلية الاجتماعية بالهيمنة على جهاز الدولة وحماية علاقة التبعية نفسها وصيانة استمراراها.

خاتمة :-

إن ما يحدث الآن في السودان من حرب مدمرة قتلت وشردت الآلاف من المدنيين لا يمكن النظر إلى وقائعها باعتبارها حرب مفاجئة أو كأنها كانت خارج التوقعات، بل هي تراكم مستمر لحروب كثيرة عاشها السودان منذ استقلاله في الجنوب وفي الشرق والغرب. إن الدائرة الشريرة الحقيقية في السودان ليست توالي الأنظمة بين مدنية وعسكرية وحالة عدم الاستقرار السياسي الملازم لنشأة الدولة السودانية، وإنما الحلقة الشريرة هي حالة العنف الملازم للدولة السودانية لعجز النخب السودانية السياسية في تقديم بدائل سياسية وتنموية تضع في اعتبارها بناء نموذج سوداني يحقق قدراً من العدالة الاجتماعية بين أطراف السودان المختلفة، ليس الأطراف باعتبارها جهات جغرافية وإنما الأطراف هنا أعني بها أيضاً الأنماط الاقتصادية من رعاة ومزارعين في علاقتهم مع الدولة المركزية، إذ أن غياب البديل التنموي والتحولات البيئية بما فيها تأثير التغيير المناخي العالمي فرض قسراً على هذه الأنماط ذات الطابع المعيشي والكفائي أن تحدث لها عملية إدماج قسري وعنيف داخل عمليات التسليع الرأسمالية، ولم تكن الدولة جاهزة لتخفف من من وقع هذه الصدمة بإيجاد بدائلها التنموية بأن تضع خطة وطنية تخفف من وطأة هذه التحولات الاقتصادية الكارثية، بل عملت النخبة نفسها على الاستفادة منها وهندسة هذه النزاعات حتى تستأثر بالأراضي والمناجم لمصلحة الطبقة الحاكمة في المركز، وكانت النتيجة صراع دام بين الرعاة والمزارعين تحول فيما بعد إلى حرب شاملة أقصت وقمعت مجموعات في دارفور وقربت مجموعات تحت دعاوى عرقية وأثنية وكانت اللغة الوحيدة لذلك هي العنف أداة الدولة المفضلة منذ الاستقلال لحل نزاعاتها وفرض هيمنة طبقتها الحاكمة إلى أن وصل العنف هذه المرة والحرب إلى قلب الخرطوم.

يبقى السؤال هل نحن في حاجة إلى تسوية سياسية تنهي ما يجري الآن في الخرطوم ومدن أخرى من السودان وقد تشمل كل أجواء البلاد أم أننا أمام خيار وحيد وهو الدخول فوراً في تسوية تاريخية شاملة وليست سياسية مؤقتة تعالج العرض ولا تنهي استدامة الأزمة.

حاتم الياس/محامي وكاتب

__

على الرغم من أنني وجهت نقدا لدكتور ع ع إبراهيم هنا مدعياً فيه بأنه فارق منطلقاته الفكرية والبحثية في جهة (البراكسيس). إلا أنه بحكمة وتواضع العلماء كان خير معين لي هنا بتوجيهاته.

Translate »