لماذا انشق ياوياو وانضم الي الحركة الشعبية في المعارضة ؟
واجومانيوز
بقلم: النعيم مبارك كول/جوبا
الكل يتابع الصيت الذي أحدثه انشقاق الجنرال ديفيد ياوياو عن الحركة الشعبية لتحرير السودان في الحكومة ، واعلان انضمامه الي الحركة الشعبية في المعارضة تحت قيادة الدكتور ريك مشار تينج يوم ( الأحد الأول من ابريل الجاري ) في مؤتمر صحفي بالأمانة العامة للمعارضة في تونق فينج
والتساؤل العالم في اذهان المتابعين للمشهد السياسي في جنوب السودان لماذا انشق ياوياو في هذا التوقيت وماذا سيضيفه خاصة بأنه فقد الكثير في ميدان السياسة ، وتم دمج قواته في الجيش الحكومي.
وللاجابة على هذه التساؤلات نطلع الي خطابه في المؤتمر الصحفي اذ قال الفريق اول ياوياو في البيان الصحفي انه انشق عن الحركة الشعبية في الحكومة ، وقرر مع اربعة من رفاقه الانضمام الي المعارضة تحت قيادة الدكتور ريك مشار ، وجاء القرار بعد تفكير عميق ، وبحث مطول حول العمليات السياسية والانتقالية السائدة ، والحاجة إلى تأمين مستقبل جمهورية جنوب السودان ، ومنطقة بيبور الإدارية الكبرى بصفة خاصة ، وأضاف قرروا الإنضمام اعتبارا من هذا اليوم الأول من أبريل ٢٠٢٤م
ماذا حدث لاتفاق ( ٩ مايو ٢٠١٤م) مع الحكومة ؟
أشار ديفيد الي ان اتفاق ( 9 مايو ٢٠١٤م ) بين قواته في الحركة الديمقراطية لجنوب السودان ما يعرف ب(كوبرا ) مع جيش دفاع جنوب السودان ، وحكومة جنوب السودان ، والذي أنهى أربع (4) سنوات من العنف السياسي في جنوب السودان بولاية جونقلي ، وهو كان جذور العنف السياسي الذي اندلع بعد انتخابات عام 2010 ، ومتجذرة في الهياكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمع ، واضاف ان حكومة جنوب السودان خلال الانتخابات العامة لعام 2010م قررت الحركة الشعبية لتحرير السودان استخدام الجيش الشعبي لتحرير السودان والقوات النظامية الأخرى في ولاية جونقلي لتزوير الانتخابات ، وتعرض قادة قواته الي للترهيب والضرب والمضايقة والسجن ، ونتج عن ذلك العنف ، والقتل المنهج على نطاق واسع ، وتدمير الممتلكات ، وسبل العيش للمواطنين في بيبور الكبرى حسب ما جاء في البيان
وأضاف ياوياو لم تكن هناك أي عدالة انتقالية أو أي جهود لتخفيف الوضع الإنساني للمتضررين من الحرب حيث لا تزال ادارية بيبور الكبرى حتى اليوم واحدة من أكثر المجتمعات فقراً ، ومعزولة ومتخلفة في البلاد مع عدم وجود أي خدمات حكومية أو بنية تحتية
ما هو مصير قوات كوبرا بعد الانضمام إلى المعارضة ؟
اكد ديفيد في بيانه انه بصرف النظر عن إنشاء منطقة بيبور الإدارية الكبرى ، ودمج فصيل الكوبرا في الجيش الشعبي ( قوات دفاع شعب جنوب السودان ) أنه لم يتم تنفيذ الشروط الأخرى لاتفاقية ( 9 مايو ٢٠١٤ ) ، وذكر بان القوات تم دمجها في الجيش الشعبي، واصبحت قوات وطنية لا علاقة له بها مرة اخرى، وأضاف على الرغم من عدم تنفيذ الاتفاقية إلا أنهم كانوا ياملون دائمًا في أن يكون هناك أيام أفضل لشعب بيبور ، وكان في اعتقادهم أن تنفيذ اتفاقهم مع الحكومة ، واتفاقية السلام عام ( ٢٠١٦م ) ، والمعاد تتشيطعا عام ( ٢٠١٨م ) لحل النزاع المسلح في جنوب السودان سيؤدي إلى سلام شامل ودائم في البلاد ، وليس الهدف امتلاك قوات خاصة بل إيجاد قوات وطنية قومية للدفاع عن الأرض وشعب جنوب السودان ، وذكر أنهم الان يمارسون حقهم وواجبهم تجاه الوطن والمواطن من خلال العمل السياسي والانضمام الي الحركة الشعبية في المعارضة لتحريك الملفات المجمدة من قبل حزب الحركة الشعبية في الحكومة
تسرب اليأس والفتور فيهم ، وعدم الثقة في الحركة الشعبية الحكومة
قال ياوياو لقد تحطم الأمل لديهم منذ ان انهار اتفاقية السلام في عام ٢٠١٦م بين الحكومة والمعارضة أمام أعينهم ، والآن يتعرض الاتفاقية المعاد تنشيطها لانتهاكات خطيرة وتهديد بالخروج عن مساره أو إلغائه نهائيا مشيرا الي غياب الإرادة السياسية من جانب الحكومة ، مضيفا أن عدم تنفيذ بنود اتفاقيته والاتقاقيات الأخرى سيؤثر ذلك على مجمل الحياة عامة ، وافاق السلام والتنمية في جنوب السودان
وذكر ياوياو أثناء تلاوته للبيان انه لا يمكن ان يقفوا متفرجين ومكتوفي اليدين ، ويشاهدون البلاد وهي تنحدر الي الهاوية مؤكدا ان هذا الشعب يستحق حياة أفضل ترتكز على السلام والعدالة والازدهار
وذكر ان أزمة الحكم الحالية والظروف المعيشية في جنوب السودان غير مقبولة على الإطلاق ، وتفاقم هذا بسبب غياب الحكومة في كل أنحاء البلاد بالإضافة الي الافتقار إلى الإرادة السياسية لتنفيذ الإصلاحات في القطاعات الحيوية مثل تعزيز السلام والأمن والوحدة والمصالحة بين الناس مشيرا أن الأسوأ لم يأت بعد ما لم تتراجع الحكومة عن سياساتها السلبية
ما الجديد الذي يمكن تضيفه بالانضمام الي المعارضة ؟
وقال ياوياو في البيان بهذا الإنضمام أنهم يريدون تسليط الضوء على إخفاقات الحكومة التي تقودها الحركة الشعبية لتحرير السودان منذ الاستقلال ، وكانت هذه الإخفاقات مصدر خلاف ، وذلك الخلاف أدى إلى انقسام الحزب الذي كان في يوم من الأيام منارة الأمل والطموح للمهمشين في السودان
وشدد ديفيد بان هناك من يتغذون على معاناة شعب جنوب السودان ويصرون على تعزيز مصلحتهم الذاتية ووصفهم بالأنانية على حساب الشعب والدولة ، وقد أصبحوا أقوياء وأثرياء للغاية ، ومع تزايد عدد هؤلاء الأفراد وقوتهم حول مكتب الرئيس إلى درجة أنهم استولوا على الأجهزة والقطاعات الرئيسية للدولة والحكومة ، وحولوا الحركة الشعبية لتحرير السودان إلى مجرد بؤرة مؤامرة منظمة او منظمة قبلية عنيفة مما جعل أجهزة الحزب ، وهياكله بلا معنى ، ومختلة وبلا رؤية حسب ما جاء في كلمته
وتكلم ديفيد الذي يبدو عليه انه فاقد الأمل في الإصلاحات لأجل السلام في جنوب السودان ، وقال أن الفشل في القبض على هذا النوع من الأشخاص المتامرين ضد الدولة جعل جنوب السودان يتعثر وينزف وسيستمر لأسباب اوجزها في فشل الحركة الشعبية لتحرير السودان في الوفاء بوعودها بشأن الاستقلال ، ووصفها بفاقد الرؤية والتوجه العقائدي ، وساهم ذلك في تدهور ظروف المعيشة في البلاد بشكل أسوأ مما كانت عليه في السودان القديم ، وترك المواطن البسيط يتساءل عن الغرض من النضال لأجل انفصال جنوب السودان.
ديفيد ياوياو: الحكومة فشلت في توفير الامن والخدمات للمواطن في كل أنحاء البلاد
وقال ياوياو الحركة الشعبية لتحرير السودان في الحكومة فشلت في توفير الأمن في جميع أنحاء البلاد ، ولا يظهر مظهر الحكومة إلا في العاصمة جوبا وعواصم الولايات حيث لا يزال شعب جنوب السودان يعيش في حالتهم الطبيعية داخل مجتمعاتهم القبلية في القرى ، وهناك انتشار للعنف في جميع أنحاء البلاد ، وإن الاشتباكات العرضية بين القوات الحكومية ، والمجتمعات هي من الأمور السائدة حاليا ، وكان جنوب السودان أكثر سلاماً ووحدة خلال حرب النضال مع الجيش السوداني مما هو عليه اليوم ، وتساءل ما الخطأ الذي حدث ، وجاءت الإجابات في فشل الحركة الشعبية لتحرير السودان – الحزب الكبير والحاكم وسوء الإدارة فيها
وقال ياوياو لقد تم إسقاط مبدأ المواطنة والجدارة والكفاءة ، وحل في محلها القبلية والنزعة العرقية المستوطنة في نظام الدولة والحكم مؤكدا ان معنى الدولة الجديدة أصبح موضع تساؤل من قبل المجتمعات المهمشة والمحرومة في جنوب السودان ، وأضاف هناك قطاعات ومكاتب حكومية يبدو أنها مخصصة لمجتمعات معينة لقد فشلت الحركة الشعبية لتحرير السودان في صياغة وتعزيز المساواة والهوية المشتركة والأمة في جنوب السودان ، ولذلك قرروا سحب ثقتهم وجهودهم من الحركة الشعبية لتحرير السودان في الحكومة حتى لا يكون جزءا من أي قوة سياسية تسعى إلى إدامة عدم المساواة ، والقبلية ، والتعصب العرقي في البلاد
” الإرادة السياسية وتنفيذ الاتفاقات من جانب الحكومة ”
ذكر ديفيد انه لا يوجد إصرار الحركة الشعبية – في الحكومة سوى انتهاج سياسة الدكتاتورية وتغيب الدستور اذ لا يوجد احترام لسيادة القانون والدستور فعليا في جميع أنحاء البلاد ، وإن الاستخدام المفرط للقوة من قبل الأجهزة الأمنية قد أدى إلى انتهاك وقمع حقوق الإنسان ، وحريات المواطنين ، وإخضاعهم للخوف والخضوع الزائف ، ويمر انتشار عمليات القتل خارج نطاق القضاء دون عقاب ، وهناك الملايين من السودانيين الجنوبيين يفضلون العيش في بلدان أجنبية بدلاً من بلدهم كما اعتبرتهم الحكومة أعداء للدولة
الفقر والفساد المستشري في خطاب ياوياو
قال ديفيد ياوياو ان الفقر المتوطن ، والتخلف التنموي. بعد أن وضعوا مصيرهم في أيدي البعض في عام ٢٠١١م ، انزلق جنوب السودان إلى الفقر المدقع على الرغم من بيع ملايين براميل النفط سنويًا، فإن جنوب السودان يعد من بين أعلى قائمة أفقر دول العالم ، وعلى الرغم من قلة عدد السكان فإن الحكومة غير قادرة على توفير الخدمات الأساسية ، والتنمية للمواطنين ، مؤكد ان لا تزال البلاد تعتمد على المساعدات الإنسانية . واكد ياوياو اختلاس الموارد والفساد يعد السبب الرئيسي للتخلف والفقر في البلاد مشيرا ان الفساد المستشري مع الإفلات من العقاب يجب انهاءها لكي تتمكن البلاد من النزول من قمة الدول الفاسدة في العالم ، وذكر ان ما يدهشهم هو أن الفاسدين في جنوب السودان معروفين ، وهم الأكثر حظًا ، ويتم مكافأتهم بمزيد من التعيينات بدلاً من معاقبتهم
فما هو المخرج من وجه نظر ياوياو؟
قال ديفيد ان التراجع عن تنفيذ الاتفاقيات استنتج أن الحركة الشعبية لتحرير السودان ماهرة إلا في التوقيع على اتفاقيات السلام وانتهاكها ، مؤكدا ان هناك نقص خطير في الإرادة السياسية لتنفيذ الاتفاقيات التي توصلت إليها الحركة الشعبية في جنوب السودان مؤكدا تعرض ( اتفاق 9 مايو٢٠١٤م ) بينه والحكومة لتسوية النزاع في ولاية جونقلي ، واتفاقية السلام عام ٢٠١٦م ، واتفاقية عام السلام المعاد تنشيطها عام ٢٠١٨م تغؤض لانتهاكات لا حصر لها دون إنصاف
وذكر ياوياو إن الدعوة المستمرة والإصرار من جانب الحركة الشعبية في الحكومة لإجراء انتخابات مبكرة في ديسمبر ٢٠٢٤م تدور حول منطق رفض تنفيذ اتفاقية السلام المعاد تتشيطها أو إلغائها تمامًا
وجاء في الختام انه على ضوء ما سبق قرروا عدم السماح للبلاد بالنزول إلى المجاري حسب وصفها في البيان ، وان ليس لديهم أي بلد آخر ، وأنهم سيعيشون مرة واحدة فقط في جيلهم لذا قرروا أن يتكاتفوا مع مواطنيهم في الحركة الشعبية لتحرير السودان في المعارضة لتنفيذ اتفاقية السلام المعاد تنشيطها، ومن خلال المشاركة بنقلهم مع المعارضة سيضمن الانتقال السلمي والديمقراطي ، والي نظام سياسي جديد يضع حداً للنظام الرجعي والقمعي الحالي الذي تأسست بعد وقت قصير من توقيع اتفاقية السلام الشامل عام 2005
واكد ياوياو ان هذا الإعلان لا يؤثر على وضع منطقة بيبور الإدارية الكبرى التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من البلاد الدستور الانتقالي لجمهورية جنوب السودان (بصيغته المعدلة في 2011) ، ولا على قوات دفاع جنوب السودان التي تم دمجها في قوات كوبرا فيها