وكتب طارق ارباب .. تفكيك خطوة إبعاد اليونيتامس .. مصيبة دبلوماسية..
واجومانيوز
بقلم : أ.طارق أرباب
واجومانيوز
يتم قراءتها قراءة غير صحيحة بواسطة السودانيين، نسبة لـ “تغييب” المختصين بالشأن الدولي عن المشهد السياسي منذ اندلاع المعارك. لدرجة أن صفقت الدولة في كل قنواتها الاعلامية وعبر جماهيرها لمخرجات “مؤتمر دول الجوار” الذي كانت أبرز مخرجاته، ادخال المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة والمشتعلة، عبر دول الجوار بديلا عن بورتسودان، وادارتها عبر “آلية وزارية” أجنبية، مكونة من وزراء دول الجوار بديلا عن الحكومة السودانية، واختيار مقراً لكل ذلك في “أم جرس” الحدودية مع دولة تشاد في حدود السودان الغربية، تحت دعم وتمويل عربي.
صفق السودانيون واحتفلوا بنجاح ومخرجات مؤتمر دول الجوار الذي انعقد بمصر، واحتفل بذلك تلفزيون السودان ومدح الخطوة جميع المحللين السياسيين والاستراتيجيين ذي الارتباط بسياسة الدولة بعد انقلابها..
عموماً القرار (٢٧١٥) بانهاء بعثة الأمم المتحدة “اليونيتامس”، هو قرار لإيقاف مساعدة السودان تحت مظلة البند السادس (المساعدة اللوجستية) وتخيير السودانيين، مابين:
– إيقاف السودانيين للحرب لوحدهم، وحماية المدنيين.
– أو تدخل المجتمع الدولي لإيقافها لوحده وحماية المدنيين، عبر (البند السابع).
فقد ودّعنا لوحدنا “البند السادس” وطلبنا سحب بعثته..!!
إما متوهمين قدرتنا على منع العالم من التدخل، أو راغبين في جبره للتدخل وفق بند آخر غير السادس!!
عموماً لقد رفعنا طلبنا لوحدنا بانهاء السادس، وما هم إلا وافقوا..!!
الآن،، إذا ما تم سحب اليونيتامس (الأمم المتحدة)، وقطعنا علاقتنا بها ولاسنّاها وخرجنا في مسرحيات الذم لها، وقطعنا علاقتنا بالامارات في وفي نفس اللحظة التي نفعل فيها ذلك للأمم المتحدة،،!! في ظل وجود تضرر دولي كبير لجميع الدول المحيطة للسودان “يستدعي التدخل” (أقله مساعدة ملايين اللاجئين السودانيين داخل حدود دول الجوار)، اضافة لإضطراب المنطقة المحيطة، مقروءا مع “التهديد الجدي” الذي أطلقه مساعد القائد العام للجيش، وعضو مجلس السيادة، الذي ذكره صراحة بـ “خبرة الاستخبارات السودانية في الرد” -الانتقامي طبعاً- في منطقة ما حول السودان غرباً مشيرا لثلاث دول مجاورة ذات حدود مشتركة..
ومقروءا مع تبشيره بوصول “سلاح تدميري”. فهنا يكون السودان “قنطر” نفسه لجميع مواد “حفظ الأمن والسلم الدوليين” التي هي تعتبر ثاني أهم مواد اهداف تكوين “منظمة الأمم المتحدة” بعد مادة “عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية” وما بعدها مادة “حق الشعوب في تقرير المصير”
حيث وضعنا أنفسنا في خانة (حرب داخلية) تكاد تتمدد لدول الجوار بعد موجات ملاييين السودانيين النازحين إليها، كأكبر دليل على انتهاك “حق الشعوب” لأهم حقوق الانسان، المنصوص عليها في “الاعلان العالمي لحقوق الانسان” في باب الحقوق الأساسية التي في مقدمتها “الحق في الحياة” حيث طلبنا خروج اليونيتامس التي كانت مخوله بايصال المساعدات الانسانية، وهاجمنا دولة الاستضافة للآلية الوزارية، وهددنا بإحداث “رد استخباراتي” يليق برد “العمل التدميري” للدول المجمل عددها (٧) دول “تقريباً”_ لااذكر العدد الذي ذكره_ حسب اتهام مساعد قائد الجيش.
كان يمكن ببساطة تقديم “شكوى شكلية” لمجلس الأمن، مشفوعاً بطلب لجنة تحقيق دولية لحركة الملاحة الجوية، ورصد حركة الشاحنات، مقروناً باستدعاء السفير وتسليمه احتجاج رسمي معلل بشبهات الدور العدائي الذي تلعبه الامارات في تسليح التمرد، ومده بالمرتزقة من جميع الدول المحيطة غرباً، وتسليمه سلاحاً نوعياً من طائرات “قذائف الهاون” المُسيرة، ومعدات شاحنات الراجمات الاسرائيلية، ودعم تمدد الحرب لغرب السودان، واشعال المنطقة عبر ايصال السلاح عبر عصابات وفصائل ليبية، وعرقيات محددة، تضر بتوازن المنطقة، مع توجيه نسخة من الاحتجاج للسي ان ان، والبي بي سي، و جميع أجهزة الإعلام الدولي، وللـ “يونيتامس” نفسها بدلاً عن طردها.
مع إعلان سوداني رسمي (محلي ودولي) بـ “فتح مسار جديد آخر لتوصيل المساعدات” عبر المدن المستقرة التي تقع في سيطرة وإدارة الجيش، مع فتح “ممرات آمنة” للعرقيات المضطهدة والمعرضة للإبادة، من مناطق احتلال الجنجويد ومغادرة المُحاصَرين داخل بؤر التوتر إلى أراضي آمنة، وغلق وضرب مناجم الذهب والتعدين “الدامي” التي يسيطر عليها التمرد، وخنق الموارد المهربه من القارة عبوراً بمنطقة وسط أفريقيا، وشرق أفريقيا، والقرن الأفريقي.
أو كان يمكن معالجة الأزمة من جذورها، فالسؤال هو ماذا تريد دول الجوار من السودان، وماذا تريد الشقيقة الامارات من “حمدتي”؟
قاعدة: التفاوض مع الأصل الذي يملك مفاتيح اللعبة هو دائماً خيرٌ من التفاوض مع الوكيل،،
وماذا لو خرج “النظام الانقلابي” عن الحلف الإخواني البغيض، الذي ظل يزعج السودانيون والعالم ودول الجوار، على إمتداد أكثر من ثلاثة وثلاثون عاماً عجاف..
ماذا لو أبدلنا هذه العلاقات السرية، المُكلفة سياسياً واقتصادياً، بعلاقات رسمية، وبدلاً عن الاصطراع على موارد متهالكة ودامية ومعروضة بمناطق مضطربة ومشتعلة وقابلة للانفجار، بشراكات تجارية حقيقية تعود بفتح عشرات الحقول، والمناجم، وغابات الصمغ، بدلا عن حرق حزام انتاجها بالحروب السرية وحروب الوكالة؟
وماذا إن أبدلنا العلاقات غير المضمونة مع أمراء حرب بعلاقات أصيلة عبر اتفاقيات استراتيجية متينة مع الدولة تراعي الأطر السليمة التي تعود بمضاعفة وازدهار جميع القطاعات الانتاجية، وترسي علاقات سياسية تحتاج للأمن والسلامة وليس لبؤر الصراعات والتوتر.
الامارات الشقيقة لا تحتاج لحمدتي ولا للجنرال البرهان، إنما تحتاج الدُول لبناء علاقات مثمرة تفتح على شعوبها تبادل المصالح والورود، لا القنابل والشتائم..
٢ ديسمبر ٢٠٢٣م
تم