دور القوى السياسية فى حرب الخرطوم .. ضباب الحرب Fog Of War ( ٦ )
واجومانيوز
بقلم :د.عبدالله ميرغني
واجومانيوز
هل كانت حرب الخرطوم هذه عبثية ولا فائدة ولا مبرر من ورائها ؟ كما تردد على ألسنة وتصريحات بعض أطراف النزاع من العسكريين والمدنيين يقينى أن من اطلقوا تلك التصريحات لم يتمعنوا جيدا فى أسباب الحرب وثنائية المؤسسات الامنية والجيش الوطنى الواحد فى الدولة الحديثة ، فى وقت لم تكن قيادة الدعم السريع على أستعداد لدمج القوة فى الجيش الوطنى وتوحيد مركز القيادة والسيطرة .
عندما يتم إتهام القوى المدنية أن موقفها لم يكن محايدا تجاه القضية الأمنية الاستراتيجية فلم يكن متوقعا أن يقوم مدنى بالتلويح بالحرب كخيار مما منح الدعم السريع مشروعية التحرك لإشعال الحرب ، وقابله صمت القوى المدنية والتواطؤ بسبب أن قادة الدعم السريع بادلوا القوى المدنية بشعارات أن حربهم لأجل الديمقراطية والحكم المدنى .
اندلعت الحرب ، فى الحروب هناك مايسمى بضباب الحرب او “Fog Of War ” ولا يعود ذلك إلى تلك الاتربة التى تثيرها حركة المدرعات والعربات الكبيرة والكثيرة ،أو حتى الاستخدام الكثيف لقنابل الدخان لاخفاء التحركات . بل لان الامور تختلط لدى القادة ومشعلى الحرب فتنتج حالة من عدم الوضوح العقلى لحقائق موجودة فى الواقع من ذلك أو من أكثرها خطورة إختلاط ماهو إستراتيجى بما هو تكتيكي ، أو مابين الكلى والجزئي ، أو مابين ماهو آنىٍ وحالىٍ وماهو قابل للتأجيل ، لم تكن حرب الخرطوم إستثناء من هذه القاعدة فمن ناحية فإن نتائج الحرب الفعلية من عمليات عسكرية ومن تحركات سياسية تبرر الحرب أو تهاجمها لم تكن كلها محسوبة، من ناحية الآثار الكارثية على مواطنى الخرطوم وولايات دارفور وكردفان ، وعلى ساير أهل السودان والتدمير الإقتصادى الذى طال المؤسسات العامة والخاصة والمشروع الإطارى السياسي المدنى كلها آثار ونتائج تتعدى أقصى درجات التصور والتوقع ، إنه ضباب الحرب الذى يقلب القضايا ويحجب الرؤية ، ويضيع الجوهرى والاستراتيجي والأمن القومى على أعتاب وهم المدنية وناشطى السياسة والإنتهازية السياسية والمليشيات المقامرة .
الحرب وهى تدخل شهرها السادس وبالرغم التغيير الكبير فى توزان القوى العسكرية لصالح القوات المسلحة السودانية ، وتراجع الحلول السياسية ومنابر المفاوضات ، وفشل محاولات قوى الحرية والتغيير القفز من مركبة الدعم السريع و تقديم نفسها كقوى سياسية محايدة , فان الحسم العسكري يبدو هو أقوى السيناريوهات لحسم الموقف هو سيناريو مرهق و مكلف جدا .
وأعتقد أن خلاصات المشهد والحلول تبدو بعضها فى هذه التمنيات قبل فوات الاوان :
الشعور العام فى كل الاتجاهات التى أيدت الحرب أو تلك التى رفعت شعار لا للحرب ، هو أنه لا يمكن قبول مشاركة الدعم السريع سياسيا وعسكريا فى المرحلة المقبلة بما أرتكبته من إنتهاكات واسعة وممارسات سيئة وغياب أى مشروع وطنى أو سياسى لديها .
المشروع السياسى الذى طرح عبر ما عرف (الإتفاق الإطارى ) لم يكن ولم يعد مشروعا سياسيا يعالج الوضع السياسي وتطورات ونتائج الحرب السياسية والاقتصادية والإنسانية والاجتماعية والأمنية.
معالجة الأوضاع الإنسانية والأمنية التى أفرزتها الحرب ينبغى أن تجد الاولوية بما فى ذلك تشكيل حكومة تسير اعمال .
الإصلاح السياسي بوجه عام للقوى السياسية ومراجعة السلوك الانتهازي والاقصائي للقوى السياسية التى ناصرت الدعم السريع وقدمت لها الغطاء السياسى .
الإصلاح الامنى والعسكري لا يعنى باى حال من الأحوال دمج قوات الدعم السريع بقدر ما يعنى مراجعة القوانين التي تحكم اداء هذه القوات بما يقوى دورها فى كفكفة آثار الحرب و حماية الامن القومى .
تم