حبوب منع الحمل للرجال… حلم نسائي مفقود سوق الأدوية العالمية غير مقتنعة إلى الآن بالحاجة إليها

واجومانيوز

واجومانيوز- وكالات 

عندما خرجت إلى النور، حبوب منع الحمل الأنثوية بكميات كبيرة في أوائل الستينيات، تمكنت النساء للمرة الأولى من التحكم في خصوبتهن من دون مشاركة أو معرفة شريكهن الجنسي. واليوم هناك أكثر من 100 مليون امرأة تتناول تلك الحبوب، وهي أكثر وسائل منع الحمل شيوعاً حول العالم.

هذا مع العلم أن ما يزيد قليلاً على ثلث الأزواج في سن الإنجاب بجميع أنحاء العالم لا يستخدمون أي وسيلة لمنع الحمل، وفقاً لدراسة حول تحديد النسل أجرتها الأمم المتحدة.

حررت حبوب منع الحمل عبر العقود العديد من النساء، مما سمح لهن بتأجيل أو منع الأمومة لمصلحة فرص أخرى، مثل التعليم العالي والتوظيف ما جعل هذه الحبوب معلماً من معالم نيل المرأة حقوقها الاجتماعية بطريقة غير مباشرة.

ولكن مع التحرك نحو مزيد من المساواة بين الجنسين، طالبت النساء بتناول الرجل لحبوب منع الحمل كتحمل مشترك لمسؤولية عدم الإنجاب والتعرض للتأثيرات الجانبية لتناولها، فبدأت في السبعينيات التجارب لإيجاد موانع حمل للرجال، إلا أن الأبحاث لم تصل إلى نتيجة نهائية بعد، ويدعي بعض العلماء أن تطوير موانع الحمل الذكورية أكثر تعقيداً من تلك المخصصة للنساء.

مسألة ذكورية بامتياز

انخفاض مستوى الهرمونات الذي يتطلبه وقف إنتاج حيوانات منوية قد تكون له تأثيرات جانبية كثيرة لا تزال الأبحاث حتى اليوم تحاول تجنبها للوصول إلى مانع للحمل ذكري لا يتدخل في إنتاج الهرمونات الذكورية، ولهذا فإن حبوب منع الحمل للرجال ليست على وشك الوصول إلى رفوف الصيدليات قريباً.

في جميع الأحوال وحتى بعد إيجاد موانع الإنجاب الذكورية فإن الإحصاءات والاستفتاءات حول العالم تفيد بعدم حماسة الرجال بشكل عام بخصوصها، والقلة القليلة الموافقة هم من شباب القرن الواحد والعشرين الأكثر تفهماً للمساواة بين الجنسين، علاوة على جماعات معينة من الرجال الأكثر تعليماً وثراء والذين يولون أهمية أقل لتقسيم الأدوار التقليدي بين الجنسين.

وما يدل على إمكانية عدم رواج حبوب منع الحمل بين الرجال هي الأرقام والإحصاءات المتعلقة بعمليات قطع القناة الدافقة لدى الرجال والتي تقابلها عمليات سد قنوات الرحم لدى المرأة أو إزالة الرحم كلياً، فعلى رغم أن العملية الثانية أكثر كلفة وإمكانية المضاعفات كبيرة، فإن منع الحمل الجذري لدى الإناث أكثر شيوعاً في جميع أنحاء العالم بعشر مرات من العملية التي يجريها الرجال على رغم سهولتها وعملانيتها وضمانتها.

هذا ما يظهر الأمر وكأنه رفض من قبل الرجال لوقف إنتاج الحيوانات المنوية، أو كأنه تركيز على كون الإنجاب عملية نسائية ليس للذكور دور أساسي فيها، وربما تكرس الأمر منذ البداية حين تم التركيز على المرأة وجسدها من قبل شركات الأدوية في كل ما يتعلق بالحمل والإنجاب.

وقد يعود الأمر إلى سلطة الرجال في الإدارات والشركات والمختبرات، وكذلك إلى الموروثات الثقافية أو الاجتماعية أو الدينية التي قد تربط بين الرجولة والذكورة والقدرة على الإنجاب، ولكن عدم القدرة على الإخصاب الطبيعية يمكن ردها إلى القضاء والقدر، أما من يمنع نفسه من الإنجاب فيتم التعامل معه في بعض المجتمعات وكأنه أجرى عملية إخصاء لنفسه.

سوق الأدوية غير مقتنع

حالياً هناك نوعان من وسائل منع الحمل الآمنة والفعالة للرجال، أولها الواقي الذكري، الذي يحمي من الحمل بنسبة 98 في المئة، والوسيلة الثانية عبر قطع القناة الدافقة وهي أكثر فاعلية ولكنها ذات مفاعيل دائمة لمن يجري هذه العملية.

من بين الاقتراحات التي يجري العمل عليها في مختبرات موانع الحمل غير الهرمونية للرجال لقاح يستهدف بروتيناً يشارك في نضج الحيوانات المنوية ونوع من قطع القناة الدافقة الموقت.

يقول المتخصص في طب الأمراض الذكورية بجامعة شيفيلد، البروفيسور آلان باسي، إن “هناك حاجة ملحة لوسائل منع الحمل للرجال، وعلى رغم اختبار العديد من الأساليب المختلفة على مر السنين، لم تصل إلى السوق بعد”.

وأضاف “أرى أن طريقة ضرب إنزيم رئيسي في الحيوانات المنوية وهو أمر حاسم لحركتها فكرة جديدة تستحق متابعة العمل عليها؛ إذ ستجنب الذكور تعاطي الهرمونات والتعرض لتأثيراتها الجانبية التي تعرفها النساء اللاتي يستخدمن حبوب منع الحمل اليوم”.

كان الاجتماع السنوي لجمعية أطباء الغدد الصماء في الولايات المتحدة، قد أعلن في العام الماضي أن طرح هذا الدواء في السوق قد يحتاج عقداً آخر من الزمن.

البروفيسور ريتشارد أندرسون من جامعة إدنبره يتولى حالياً إحدى التجارب في بريطانيا، التي تختبر نوعاً من الهلام مانع للحمل على الرجال، يقول إن صناعة الأدوية كانت بطيئة في دعم فكرة وسيلة منع حمل جديدة للذكور، لكن الشركات لم تقتنع بعد بأهمية هذه السوق أو بالحاجة إليها.

 

Translate »