بناء وحدة الهدف عبر الاتحاد الإقليمي وليس الاتحاد القبلي العشائري .

واجومانيوز

بقلم: صموئيل بيتر

واجومانيوز 

الصراع حول قضايا التقسيم والحدود القبلية والعشائرية ذات بُعد سياسي وقبلي و عنصري بفعل غياب الثقة و وحدة الهدف من الاتحاد ، وهو صراع قديم متجدد مع اختلاف أدوات إدارته ، بدايته التاريخية في الانشقاقات للمنظومات السياسية بكل ابعادها السياسية و المناطقية ، في الخطاب السياسي مابين مؤيد لفكرة وحدة القطر السوداني و تقسيمه و ثمة خطورة ارتداد خطاب الهامش و المركز في تجلياتها العنصرية علي مستوي الممارسة الفعلية .

كان اكثر وضوحاً في انشقاق حزب سانو الي شقين ، الشق الداخلي بقيادة وليم دينق و معه حزب وحدة السودان بقيادة سانتينو دينق و يدعو لوحدة السودان بعيداً عن أدوات العنف ، ثم الشق الخارجي بقيادة جوزيف أودهو و من معه يدعو الي الاستقلال التام بالعنف ، و ما تميز به هؤلاء القادة إدارة الصراع سلمياً بادوات سياسية عبر الحوارات و الندوات و الإقناع و أساليب الحشد والاستقطاب السياسي وكتابة المذكرات و الكتب لتدعيم أوجه النظر ، و نعومة العنصرية القبلية كخطاب في الصراع لعب دور ا في حقن الدماء و حد من العنف .

 

 تطور الصراع بعد اتفاقية اديس أبابا لأسباب تتعلق بقضايا السلطة والثروة و الهيمنة وانعدام الثقة المتبادلة بين القيادات السياسية بتبادل الاتهامات أدت الي تقسيم الجنوب اقليميا وليس علي الأُسس القبلية لأسباب يبدوا مبررة لديهم من خلال مذكراتهم و كتاباتهم ، ولكنه ليس مجرد صراع سياسي في قضايا الحكم بقدرما تحركه شهوة السلطة والثروة والأنانية و عدم الثقة المدفوعة بقوة. والحالة الحيوانية وعدم الارتقاء للقيم الانسانية في التعايش و قلة الوازع الديني الذي يردع و يمنع اسباب الاختلاف الاثني والقبلي بفعل غياب العقل المعرفي الخلاق والمبدع الذي يطرح أسئلة موضوعية و وجودية بخصوص مخاطبة الاختلاف الاثني والقبلي والجغرافي و ادارة التنوع بين الجنوبيين كما طُرحت معالجة قضية الجنوب والشمال بذات الاختلاف عبر الاتحاد الفدرالي أو الانفصال التام .

 

الحركة الشعبية فاقمت من الصراع و حولته من صراع سلمي عبر الحوار الي صراع مسلح و عنيف بين القبائل لسطحية طرحها و رؤيتها في تشكل عقول عضويتها المستقطبة قبلياً و قومياً وعشائريا ، حيث فشلت في تشكيل عقلية و وعي قومي و تربوي جديدة في وسط عضويتها بل اهتمت بتحرير الارض و الجغرافية دون تحرير العقول و انعدام روح الوعي القومي الجديد ، لذلك بقيت عضويتها القاعدية والقيادية و هياكلها علي أسس إثنية وقبلية و جهوية و تحاصص منهما السلطة و تستمد شرعيتها الثورية ، و ادت الي عدم الثقة والتخوف من هيمنة الفئة علي فئة ، و لعبت الحركة الشعبية دور في تحول الصراع السياسي القديم الذي قسم سانو الي الوحدويين و الانفصاليين قديما سلميا دون عنف الي صراع قبلي عنيف والي مستوي إبادات جماعية ، هذه الرؤية السلمية افتقدتها الحركة الشعبية برغم شعارتها و رؤيتها التي تدعو للديمقراطية والمساواة والعدالة والحرية في منفستو والتي فشلت في ممارستها بين أعضائها واقعياً ادت الي تجدد الصراع القديم في داخلها بتسويق الصراع بانه قبلي اثني كاداة الاستقطاب السياسي بادوات العنف بشكلٍ لم يشهده تاريخ جنوب السودان ادت الي الإبادات و الحروب القبلية و الانقسامات حادة علي الخط القبلي و الجهوي و العنصري و العشائري و في وسط تلك الصراعات والتناقضات انتهي الصراع باستقلال جنوب السودان تحت ادارتها بعد تصالحاتها بضغط دولي خاصة من امريكا و دول ترويكا و انتهي بمصالحات و وحدة حول حق تقرير المصير والانفصال دون رؤية سياسية ومعرفية و فلسفية لبناء دولة جديدة والبحث عن وحدة الهدف المشترك عبر اتحاد شعوب جنوب السودان ، بل كررت الحركة الشعبية الخطاء التاريخي للحكومات السودانية بتجاهل أسس و قيم بناء الدولة المدنية العصرية المتعددة المتنوعة ، و اصبحت الحركة الشعبية تدير دولة دون مؤسسات و انظمة دستورية و تنظيمية ، حيث حلت مؤسسة الشخصية القيادية بديلاً عن المؤسسات وهياكل الدولة والغاية المحركة للوجودية الدولة شهوة السلطة والثروة والأنانية واشاعة الفساد والعنف و تسويق الخطاب القبائلي كمبرر لحماية اركان السلطة و تجدد الصراع القديم المختص بالتقسيم الفدرالي الإثني ، ولكن لم يكن تقسيما اقليميا بل تقسيما قبليا و عشائريا تبطنه نوايا الهيمنة والسيطرة علي الموارد والثروات عبر استغلال الخطاب القبلي ، برز ت قضايا الاراضي والحدود القبلية كبُعد جديد في منحنيات الصراعات القديم المتجدد بخصوص التقسيم والفدرالية .

عملية التقسيم موضوعية في دعم ركائز الحكم الذاتي و ادارة التنوع في اطار النظام الجمهوري النيابي ، ولكن لابد أن تراعي الظروف الواقعية والموضوعية المتمثّلة في عدم التنمية و ضعف البنية التحتية ، وتمكن القبلية والعشائرية في جسد الدولة خاصة في ظل تقسيمها علي اساس قبلي اثني عشائري ممكن تضعف تماسك وحدة الدولة و اتحادها القبلي لانتشار الأمية و وقلة الوعي السياسي و التعليم المعرفي الذي يؤهل الافراد لادارة انفسهم دستورياً و مدنياً في اطار نظام  فدرالي

( اتحاد إقليمي ) .

 

تلك الأبعاد الجديدة من الصراعات القديمة المتجددة لايمكن معالجتها دون رفع سقف الوعي لمحاربة روح التناحر القبلي بمزيد من الحوارات و النقاشات العميقة و التواصل الاجتماعي عبر المنتديات و منابر المراكز البحثية لإيجاد الدور المعرفي والفكري والفلسفي لحل القضايا و المشاكل المجتمعية التي عجزت فيها الحركة الشعبية والأحزاب السياسية علي مرة التاريخ بحلولها السياسية الاستقطابية والإدارية و تلك الحلول لا تكفي في مخاطبة جذور الأزمة و الاشكاليات ذات بُعد يبث خطاب سياسي تأدلج و تمكن اسباب التناحر الإثني و القبلي بشكل عميق في جميع مستويات الممارسة الفعلية للسلطة اليومية في مؤسسات الدولة واجهزتها ، و خاصة في ظل مجتمعات قبلية ذات نسبة الامية عالية و قلة الوعي والمعرفة ، عليه معالجتها بمزيد من التربية بقيم الديمقراطية والإنسانية في اطار نظام اتحادي فدرالي و مع حق كل جماعة في حق تقرير مصيرها ، لابد ان يكون الاتحاد طوعاً .

اي محاولة حلول فوقية و استهلالية لكسب الوقت للمزيد من نهب الثروات و الموارد و الاراضي قد تكون نتيجتها الانقسام والانفصال و قد تنتهي بجغرافية دولة جنوب السودان الي دويلات ضعيفة و تنتهي بها كأقاليم ذات حكم ذاتي لكل من السودان و يوغندا و كينيا و إثيوبيا و كنغو .

لذلك تأتي أهمية إزالة و إبادة الافكار الاثنية و القبلية المتطرفة من جنوب السودان التي تبث العنصرية الجهوية و الإثنية و القبلية و الفساد السياسي و الاقتصادي حتي تتمكن القوي السياسية الجادة في التحول السياسي الديمقراطي السلمي من بناء دولة اتحاد اقليمي فدرالي ديمقراطي حقيقي غير مركزي .

Translate »