وكتب فاولينو اكانج… عن “إجازة الأبوة “

واجومانيوز

بقلم: المحامي/فاولينو اكانج
واجومانيوز 

قد يتسأل الناس عما نريد الحديث عنه بالضبط ،كما أشرنا إليها في العنوان ( اجازة الإبوة) فتسليط الضؤ على مثل هكذا القضايا ذات اهمية ،للتعريف بالمعاني المقصودة بها والتطور التي صاحبتها على مدى التاريخ الطويل حتى يتعرف المهتمون على المعنى الحقيقي .

 تعد “إجازة الأبوة ”  من الحقوق المستحدثة  في مطلع القرن الحادي والعشرون،والتي نصت عليها الاتفاقيات والمواثيق الدولية والاقليمية وتم تضمينها في القوانين الوطنية.

فمع التطور التشريعي اصبحت “أجازة الابوة”  تتعلق ارتباطا بالنظم واللوائح المنظمة لسوق العمل على مستوى  القطاع الخاص وحقوق العاملين وكيفية حمايتها لدورهم الهام والفعال في عملية التنمية الاقتصادية.

اجازة الابوة، بكل بساطة تمنح للعامل الذي رُزق بمولود، وغالبا ما تمنح خلال الشهر الأول من ولادة الطفل مدفوعة الراتب كاملا،  انطلاقا من ان الابوة هي صفة الاب او العلاقة التي تريط الاب بالأبناء.

تذكيرا لذلك  ظلت منظمة العمل الدولية تعمل  دوما  علي إعداد قائمة من  الإرشادات والسياسات العامة لضمان الحماية اللازمة للحريات وحقوق العمال، هذا يعني بان  مسألة( الراحة ) مهم لتخفيف ضغوط العمل التي تتعرض لها  العامل وتعطيه فرصة سانحة للتحرر من قيود الوظيفة والقيام بمهامه  واجباته الاسرية، وعليه فالراحة أو الاجازة بالنسبة للعامل قد تكون طبيعيا في نهاية كل إسبوع أو سنويا بالإضافة إلي العطلات الرسمية وهي منظمة حسب نصوص قانونية مضمنة  في التشريعات الوطنية.
ففي جنوب السودان لدينا  تقريبا عشرة عطلات رسمية ابتدأءاً من عطلة رأس السنة الميلادية إنتهاءاً باعياد الميلاد المجيدة، فإن اجازة عيد استقلال جمهورية جنوب السودان هي العطلة الرسمية الثامنة خلال اي عام ميلادي بحسب الجدولة،

كما أشرنا سابقا، اجازة الأبوة لم تكن موجودة بالذات في قانون العمل السوداني لسنة ١٩٩٧م الذي كنا تحت مظلته قبل انفصال جنوب السودان، بل نص القانون بشكل صريح على إجازة الرضاعة للأم العاملة فقط “إجازة ألامومة”، فرأى التشريع الدولي، وحذي حذوة المشرع الجنوب سوداني إنه بمكان العدالة والمساواة بين الأزواج أن يمنح الوالد  “الاب”  إجازة ايضا بموجب القانون ،لانه بجانب زوجته شركاء في الحياة الاسرية والاجتماعية، ورأي المشرع الوطني،تم  أفراغه في نصوص قانون العمل لجنوب السودان ٢٠١٧م الساري،  وبموجبها نصت المادة ٥٦ على أن “للاب إجازة أبُوة ومدتها ١٤ يوم في حالة إنجاب مولود جديد “حي”.  واذا حاولنا مقارنة تشريعنا الوطني بالتشريعات الإقليمية، نجد ان قانون العمل الكنيني  أيضا نصت علي فترة ال١٤ يوما، وفي التشريع اليوغندي  فان المشرع قد منح الاب فترة  ثلاث ايام فقط.

في تقديري بجانب المشرعين في  الدول النظيرة  ان الهدف الاسمى والأساسي من اجازة الابوة هو إتاحة المزيد من الفرصة للزوج العامل لمساعدة زوجته خلال فترة معينة ،وتوقيع قدر من الاهتمام بالأسرة خلال تلك الفترة العصيبة  من أيام الولادة.

هنا يثور سؤال جوهري، وهو هل يستحق كل الآباء العاملين لهذا النوع من الإجازات؟،  لم تفسر القوانين  تلك الحالة بل سكت عنها وتركها للوائح المنظمة لقوانين العمل لكن على سبيل الإجتهاد فالمقصود بالابوة هو ان يحمل مستحق الاجازة صفة اب لمولود حديث الولادة، وهنا يطرح سؤال اخر هل فعليا الأباء الذين يمنح لهم امتياز اجازة الأبوة يقومون بمهام  ومسؤليات اسرية ومساعدة الزوجة خلال تلك الفترة….؟. في تقديري وإجابتي للسؤال بالنفي،  نري أن بعض الآباء في فترة الولادة يتفرغون لأصدقاءهم ويقضون جل أوقاتهم خارج المنزل مما يجعل الإجازة مفرغة عن محتواها.

وفي حالة التعدد، إذا كان للزوج العامل عدد من الزوجات، باعتبار ان التعدد مسموح في مجتمعاتنا الأفريقية، فإذا كان للعامل اكثر من زوجة فهل يستحق له إجازة أبوة عن كل حالة ولادة من كل زوجة على حدها…؟

بحسب المعاهدات الدولية لحقوق العمال فان المقصود بالاب هو الزوج لزوجة واحدة فقط، لان التعدد عند مشرعي المعاهدة لو قل الموقعين عليها غير مسموح بها، مما يعني ان تطبيق هذه الإجارة على الأفارقة  او اي مجتمع ممن يبيحون تعدد الزيجات قد تصاب دولاب العمل في مؤسساتها  بالشلل وذلك للتعدد وتكرار إجازات الابوة بشكل سنوي أو أكثر في العام الواحد،  فمن الممكن أن تنجب جميع زيجات العامل على توالي كل شهر، بالتالي فان المؤسسة هي الخاسرة.
من ناحية إجتماعية، فان إجازة الأبوة محفزة ومهمة لتشجيع العمال والشباب على الزواج والعمل في ان واحد، اما من ناحية الاقتصادية فإنها ذات مردود عكسي على الإنتاج في حالة المجتمعات التي تتبني تعدد الزيجات فنجد ان للعامل الواحد اكثر من زوجة بالتالي تختلف فترات الحمل والولادة واجازة الابوة.

تم..

Translate »