وكتب د.عبدالله ميرغني …الاميون الجدد !! 

واجومانيوز

بقلم: د. عبدالله ميرغني

واجومانيوز 

بتصرف من كتاب ( نظام التفاهة ) للكاتب الدكتور. الآن دونو .

بعد اشارته للصحافة انها ذات طبيعة اختزالية تقوم بتبخير ما يقع تحتها من اخبار وتكثفه ثم تقتطع منه ماتريد وتصيغه وفق ما يلائم مصالح ملاكها وتوجهاتهم ،

انتقل مشيرا بالحديث الى ان اعتبارات التفاهة لا تتعلق بنوعية الصحافة فقط بل بنوعية القراء أيضاً متناولا مقال الشاعر الاسبانى بيدرو ساليناس Pedro Salinas من صحافة تنتج من أسماهم ب (( الاميّون الجدد )) وهم مجموعة يمكن ان تراهم يحومون حول اكشاك بيع الصحف كنحلات طنانة تحوم حول زهرة نضرة ، بحثا عن المقادير التى ستصنع بها عسل حياتها الفكرية ، انهم لا يقرأون الكتب ولكنهم مفتونون بتكاثر المجلات وبمواضيع اغلفتها ، يقرأون الاعمال الضعيفة بشراهة ، يعودون لمنازلهم محملين بالمجلات التى يحرثون فيها بعيونهم لساعات ، دون ان يحصلوا بالنهاية على اكثر مما يحصل عليهو طفل يلهو باحجية بانورامية لا يبدو انها ستنتهى …عاجزين عن رؤية الصورة الكبرى التى يبدو فيها كل شيءٍ فى مكانه الصحيح.

ان هذه المجموعة الجديدة تنمو ببطء وقد حان الوقت لتسميتها ولاعطاء المنتمين اليها لها وضعا اجتماعيا .. انهم الاميون الجدد (the neo-illiterates ) وهم على درجة من التأثير والخطورة تتجاوز كثيرا الاميين امية بحتة ، فهم يرفضون البقاء فى الدرك الاسفل مع الشيطان فى ظلمات الجهل ، الا انهم لا يطمحون للوصول الى ضؤ الشمس المقدس ، انهم قادرون على كل شيء… ولا يجازفون بشيء… تعليم الناس ليس كافيا فى اغلب الاحيان لينتزعهم من فقرهم الروحى والاساسي او كما قال ت. س .إليوت بان ( التعليم لا ينتج الثقافة الا فى اضيق الحدود ) .

إن هؤلاء الصغار يبدأون حياتهم مسلحين بمهارات القراءة والكتابة الاولى فقط … ثم يفأجون لاحقا بان غريما قويا ينتظرهم عند الزاوية ليتحولوا الى مخلوقات بسيطة ،، امين جدد يعيشون راضين فى امان الوعى المغيّب ، مستمتعين بلمذات الحياة الاستهلاكية التى يوفرها لهم العصر الحديث ،،، مع ذلك فهم محكمون بحكم مؤبدٍ للعيش مدى الحياة فى شكلٍ مختلفٍ من تخمة الجهل.

هكذا فإن اكثر الناس يقينا هم عادة اكثرهم جهلا ، فهم على ثقة من صحة الاخبار المنشورة ويرونها عنوانا للحقيقة. فى الواقع ، فإن نظام التفاهة لا يثبت فعاليته القصوى الا مع مثل هؤلاء الناس.

 

Translate »