ما بين عبد الباقي وإليزابيث.. تداخل الصلاحيات الإشرافية والتنفيذية
واجومانيوز
تقرير: باطومي ايول
واجوما نيوز
في الخامس عشر من اكتوبر الحالي أصدرت وزيرة الصحة بحكومة جنوب السودان اليزابيث اشواي قراراً وزارياً بالرقم 10 ابطلت قرار اداري اصدرته وكيلة الوزارة في العاشر من 10 أكتوبر الحالي، والتي أعلنت فيها تعيينات وتنقلات ادارية بالوازارة، والتي تضمنت مدير مستشفى جوبا التعليمي، وبجانب ابطالها أيضاً اجراءات ادارية قامت بها وكيلة داخل الوزارة دون اي تشاور اداري مع الوزيرة،وطالبت الوزير بتنفيذ قرارها فورا .
وفي المقابل حذر نائب رئيس الجمهورية حسين عبدالباقي حذر وزيرة الصحة من ابطالها قرار الوكيلة بشان التغييرات الادارية التي تمت خلال فترة غيابها، واتهمها بالقصور في اداء واجباتها المنوط بها، وطالبها بسحب قرارها موضحا أن قرار الوكيلة تم بعد التشاور مع مكتبه
*مابين نائب رئيس الجمهورية ووزيرة الصحة*
الخلافات الادارية عبدالباقي واليزابيث بشان التنقلات الادارية التي جرت بالوزارة في الأيام الماضية، وتمسكت الوزيرة بموقفها وأكدت أن قرار الوكيلة تم دون علمها، وأشارت إلى عدم أحقية وكيلة الوزارة في اصدار مثل هكذا القرارات الوزارية الا بعد التشاور الإداري معها، ومن ثم يتم اصدار قرار وزاري حول الاصلاحات، والتنقلات الادارية المقترحة بما تقتضيه الحاجه، واعتماده والتوقيع التوقيع عليه او من ينوب عنها بتوجيه رسمي.
*الهيكلة الجديدة*
وبحسب الهيكلة الادارية التي نصت عليها الاتفاقية المنشطة ٢٠١٨ فإن لدى رئيس جنوب السودان سيكون لديه ٤ نواب ولكلاً منهم قطاع مسؤول عنه ، وبموجب ذلك تولى حسين عبدالباقي قطاع الخدمات، وأصبح يقع على عاتقة مراقبة اداء وزارة الصحة الاتحادية .
وتم تعيين اليزابيث اشواي كوزيرة للصحة الاتحادية لحكومة الوحدة الوطنية للفترة الانتقالية ممثلة للحركة الشعبية في المعارضة بزعامة د. رياك مشار
*تجاوزات ادارية*
ويري الصحفي والمحلل السياسي اتيم سايمون انه لم تحدث خلافات بين وزيرة الصحة ونائب الرئيس ، وقال لـ “واجوما نيوز” : ( حدثت تجاوزات من قبل نائب الرئيس المسؤل عن هذه القطاع).
واتفق الصحفي والكاتب “شوكير ياد” مع سابقه أتيم واعتبر ما جرى تجاوز، وأنه كان من الأصح مشاورة الوزيرة في القرار الذي صدر من قبل وكيل الوزارة، ووصفه ” ياد ” بـالـ(لتجاوز المخل للتراتبية الإدارية من قبل وكيل الوزارة )”. مشيرا الى أن ذلك ما دفع بالأمر لنشوب الخلاف بين الوزيرة والوكيلة، وقاد الأخيرة للجوء إلى نائب الرئيس حسين عبد الباقي، ورجح أن يكون تصرفها ربما لتدارك هذا الخطأ الإداري.
*الأحقية الوزارية ومطلب التوافق*
وإذا ما عدنا إلى الاتفاقية مرةً أخرى يحق لاي وزارة أتخاذ أية اجرءات ادارية بشان الاصلاحات بما يخدم العمل العام وهذا ما ذكره الكاتب أتيم بعد الموافقة من الوزير المعني ، وإن أي خطة او اتجاه لاجراء اية اصلاحات من قبل مسؤل القطاع ينبغي ان يكون( بالتوافق ) وليس كما حدث الآن أثناء غياب الوزيرة، ولا يمكن المضي قدما في ذلك حتى ولو كان الوزير يتبع لحزب معارض للحكومة ، وأضاف أن المسألة قائمة على أساس التشاور، وليس التجاوز لموقع الوزيرة، وكما لا يجوز لنائب الرئيس الوصول إلى هذه المرحلة مع الوزيرة لان هذا سيخلق حالة من عدم الانسجام مما يؤثر ذلك لاحقا على تنفيذ الاتفاقية
*نصوص قانونية*
ويقول الناشط والمحامي “كوات اجوانق” أن الإتفاقية حددت مهام نواب الرئيس بشكل واضح، وانتقد “كوات” في معرض حديثه عبد الباقي كمشرف على قطاع الصحة، وأعتبر أن مهمته لا تؤهله في إتخاذ اجراءات أو إجازة وإبطال التعيين، وذلك لأنه من إختصاص وزيرة الصحة بموجب نصوص الدستور النتقالي لعام ٢٠١١م المعدل في عام ٢٠١٨م ففي المادة ١١٤ /٢/c مقروءة مع المادة ٣١ من الدستور الحالي، والتي من بينها تعيين المدراء في الوزارة، وفي المستشفيات الحكومية وشاغلي قطاع الصحة عموما من مهام الوزيرة.
*التدخل وتجاوز المهام*
وهذا ما ذهب اليه المحامي والكاتب الصحفي لوار نيوك متفقا مع زميله كوات بقوله أن الخلاف الإداري ما بين وزيرة الصحة ونائب رئيس الجمهورية لشؤون قطاع الخدمات يندرج وضعه في خانة التدخل في المهام و الإختصاصات.
واستغرب تصرف وكيل الوزارة في تعيين المدراء التي ليست من مهامها، وأنه يحق لها في حالة كان بتوجيه من الوزيرة وتوكيل مهامها.
وأعتبر كوات توجيه نائب رئيس الجمهورية للشئون الصحة لوكيل وزارة الصحة بتجاوز الوزيرة بالباطل قانوناً، واردف ( ما بنى على باطل فهو باطل ولا يستند إلي اي قانون وقد يعيق العمل بين الثلاث نائب الرئيس والوزيرة والوكيل وأنه يشير إلى حالة عدم الانسجام) ، وشدد كوات في حديثه لـ *”واجوما نيوز”* على ضرورة إحترام الإختصاص، والبعد عن تدخل في سلطات الغير وإنتقاص حقه للمحافظة على العمل الإداري والتقيد بالدستور الذي كان لزاما على نائب الرئيس لشئون الصحة رفع التقارير من قبل الوزيرة، والوقوف على اي مهنة أعترى العمل في القطاع الصحي إذا كان سويا يعملان للإصلاح القطاع الصحي.
*عدم المعرفة*
بينما ذهب لوار نيوك بعيداً واصفا خلاف نائب رئيس الجمهورية مع وزيرة الصحة اشواي باعتباره تدخل في مهام الأخر، واصفا ذلك بعدم المعرفة بحدود الصلاحيات، واشار نيوك إلى ان ذلك ظهر في مخاطبة عبد الباقي لوكيل الوزارة دون أن يقوم بمشاورة الوزيرة ، مع العلم النائب مسؤول إشرافي لشؤون الخدمات (تعليم / صحة )، وليس بصلاحيات الوزير رغم إن منصبه أعلى منها إلا أن الوزارة تظل وزارة قائمة بذاتها، وليست تابعة لمكتب نائب الرئيس بالشكل التي يتخيله .
وهنا اتفق “نيوك” مع “ياد” ان نائب الرئيس عبد الباقي ،تعتبر مهمته إشرافية في المقام الأول، بينما من يقوم بالعمل التنفيذي في الوزارة ، الوزيرة ووكيل الوزارة. بينما ترجع سلطة إتخاذ القرار الى الوزيرة نفسها. إذن من هذا المنطلق يحق للوزيرة سلطة إتخاذ ما تراه مناسبا من القرارات التنفيذية من وجهة نظرها، بما فيه تعطيل القرار الذي قام بإصداره وكيل الوزارة في فترة غيابها، وفسر أن يكون الخلاف سياسيا، ومايلي طبيعة الخلاف وما يمكن تفسيره هنا من اتجاهات سياسية ، توقع شوكير ياد ان يكون نتيجة لصراع سياسي خفي وتصفية لحسابات في داخل الوزارة لصالح شخص بعينه، واتفق معه بدرجه كبيرة المحامي لوار نيوك بان قد يكون للأمر أبعاد أخرى ممثلة في دعومات المنظمات لوزارة الصحة ، تدخل نائب الرئيس حسين عبد الباقي المفاجيء وإصداره لتلك الأحكام دون التريث،وأن عامل الامكانيات الادارية والحكمة يظلان مهمان لإدراك ادارة المشكلات الرسمية بين مكونات الحكومة، ونوه أنه بمثابة الموضوع المزعج للشارع إذ تؤثر امكانيات الفرد على عطاءه الاداري وهذا بيينه الصحفي والكاتب شوكير ياد بقوله ” في تقديري البسيط ، فقد دخل النائب حسين عبد الباقي في معترك غير معتركه وهو الأمر الذي ينم عن تواضع للقدرات الإدراية ” لاحظ هنا الاشارة الى القدرات الادارية ،وذهب لأنه بالكاد ليس المسؤول عن تصريحات سفر الوزراء ولا حتى تعطيل قرارات الوزيرة.
*أهمية قطاع الصحة*
فيما يلي أهمية الوزارة ودور الانسجام بين مكونات حكومة الوحدة الوطنية للفترة الانتقالية في اطار توحيد الرؤى نحو تحقيق الهدف التنموي لفائدة المجتمع تظل قاعدة الاهتمام بعمليات التكامل ضروري وهذا ما اشار اليه، فعدم التفاهم والتناغم بين ذوي الشأن والإختصاص قد يقود بالكاد الى تقويض تلك الجهود ومن ثم تعطيل سير تنفيذ المشاريع الصحية، وحذر من تأثير الخلاف الكبير على وزارة الصحة، وتسببه بالإنقسام بين شاغلي المناصب العليا في الوزارة الصحة ما بين مؤيد ومعارض لذاك، وأنه في الحالتين سيضر بنشاطات الوزارة.
يظل الخلاف السياسي واضحا بشكل أو بآخر بين نائب رئيس الجمهورية قطاع الخدمات حسين عبدالباقي ووزيرة الصحة اليزابيث اشواي ، بما يفسره تصرفات الاخر تجاه الاخر ، مما يؤثر ذلك على عمليات الانتاج بقطاع الصحة والنهوض بها عموما على مستوى البلاد، بأنه يمنح انطباع لدى الرأي العام بوجود ضعف معرفي واضح للنائب الرئيس بشان حدود اختصاصاته وفقا للقوانين المحكمة، وبجانب ذلك التباين في الانتماء السياسي التي تعتبر حاضرة في أمزجة الخلاف الاداري.
ومن الواضح ان هناك اتفاق بشان تاثير الخلاف على قطاع الصحة نتيجة لتعارض المصالح بين الاتجاهين، وأن المخرج هنا يتطلب خلق قدر من الانسجام لدفع بعمليات الاصلاحات الادارية المطلوبه وفقا لمستويات التشاور والتوافق وليس التجاوز.