دانيال_ أويت والقفز في الظلام
واجوما نيوز
بقلم : شوكير ياد
واجوما نيوز
يعد المستشار السابق للشؤون العسكرية ، دانيال اويت اكوت، احد صقور نظام الرئيس كير واحد قيادات الصف الاول في الحركة الشعبية.
تطرق الجنرال اويت مؤخرا لمسألة في غاية الاهمية وهي اختيار بديل للرئيس كير، والذي وصفه بالمنهك والعاجز عن خدمة شعبه. وهو الامر الذي فتح الباب امام الكثير من التكهنات حول مستقبل منظومة الحركة الشعبية ومصيرها السياسي في ظل فشلها المستمر في تجاوز أزماتها السياسية ، خاصة فيما يتعلق بمسألة الانتقال السياسي، والتي عجزت عن تتجاوز عتبتها ردحا من الزمان، أي منذ تأسيسها الى يومنا هذا. وربما ليس ببعيد عن ذاكرة الشعب الجنوبي احداث ٢٠١٣ والتي تمثل واحدة من أسوأ مراحل الانتقال السياسي في تاريخ الحركة الشعبية والتي انتهت بتفككها وتشرذمها .
وقد اعتادت ذاكرة الشارع السياسي الجنوبي على هكذا الافعال من منظومة سياسية ابت ان تتطور وتواكب متطلبات بناء الدولة الحديثة والخروج من نفق التخلف الذي ترزح فيه.
المثير في الامر ، هو اختيار الجنرال اويت، لوزير لمكتب شؤون الرئاسة ، نيال دينق لخلافة الرئيس كير في المستقبل المنظور، انطلاقا من قناعات شخصية تكونت لديه، ليست لها علاقة بمنظومة الحركة الشعبية. وقد أثار هذا الاختيار بطبيعة الحال الكثير من الجدل في وسائل الاعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، بسبب توقيته ، وما يمكن قرأته من بين السطور من وراء هذا التصريح، فهل هناك خلاف سياسي ما بين الرجلين (كير/اويت)، ام هي صحوة ضمير متأخرة لهذا القيادي والذي سبق تصريحه هذا، تصريحات مماثلة للقيادي كول منيانق والذي أقر بفشل الحركة الشعبية .
ويعد اويت من القيادات السياسية الراديكالية والتي تغيب عنها الحكمة في معظم الاحيان، حيث يعاب على شخصيته سرعة الغضب والتهور وسيطرة العصبية القبلية على توجهاته السياسية. ففي كثير من الاحيان تأتي تصريحاته في سياق التعبير عن ردود افعاله الغاضبة. واتذكر في مرة من المرات ، تصريحه حول تخلي الرئيس كير عن قيادات رومبيك ، كرد فعل على عدم تمثيلهم في الحكومة. ما يمكن قرأته ما بين السطور حول تصريحات القيادي اويت اكوت الاخيرة ، هو وجود خلاف سياسي عميق بينه والرئيس كير، خاصة في مسألة الشعور بالاقصاء السياسي في هذه المرحلة الحرجة.
ولكن هذا لا يعنينا في شىء، وانما الامر الهام، والذي يهم الجميع ، لماذا نيال دينق ليكون بديلا لكير ،دون قيادات الحركة الشعبية الاخرى، ولماذ لا يكون واني ايقا؟! وهل هذا يمثل الرأي الرسمي للحركة الشعبية المسكوت عنه، ام رغبة الكيان القبيلة في عدم انتقال السلطة خارج اثنية الدينكا.
ويأتي السؤال الاهم والعميق، لماذا يسيطر هذا التفكير على معظم القيادات السياسية التي تنحدر من اثنية الدينكا ؟!؟ وهو ان يكون البديل دائما من نفس الاثنية التي ينتمي لها الرئيس الحالي؟! اهو الشعور بالتفوق الاثني، ام الخوف من المستقبل؟!
اذن كيف نتوقع ان ينصلح حال البلاد اذا لم يتجاوز وعي قادتها السياسيين حدود الاثنية الفجة.
وتعكس تصريحات اويت اكوت الوعي الجمعي لمعظم تلك القيادات السياسية ، حيث تعتبر مسألة التفوق الاثني واحدة من الامراض التي أصابت الدولة الجنوبية والتي أقعدتها عن التقدم .
فما لم يتم استئصال متلازمة “التفوق الاثني” التي يعاني منها تلك القيادات السياسية، سوف لن تتم عملية الانتقال السياسي في جنوب السودان.
فما صرح به القيادي اويت اكوت، هو القفز في الظلام بعينه.
مارس ٢٠٢١