
وكتب طارق ارباب ..سقوط الفاشر بيد الدعم السريع وآثاره، من خلال القواعد العامة للحروب.. نظرة سريعة..
واجومانيوز
بقلم:طارق ارباب
عسكرياً:
لقد كان دور قوات الجيش والمشتركة المتواجدة بالفاشر محصوراً فقط في الدفاع عن المدينة..
وذلك “بالتأكيد” كان يستلزم جهد كبير من الدولة و قوات الجيش المتواجدة خارج الفاشر في فتح وتأمين مسارات صعبة للامداد الغذائي والعسكري.
كما كان يلزم كذلك تقييد حركة بقية قوات الجيش في خارطة السودان الواسع.. بحيث يبقى مربوطاً حولها (أي الفاشر)، وبحيث توجب عليه توفير كم ضخم من الجند تحسباً إذاما توجهت جميع قوات الحصار إلى ناحية أخرى.. (أي تصعيب مهمة تأمين والدفاع عن بقية المدن)..
حصار الدعم السريع للفاشر كان خطوة تكتيكية متعبة ومُنهكة للجيش، وكانت استنزاف يومي لمقدراته القتالية و اللوجستية.. فالجنجويد لم يدخلها ولم يتركها.. بل كان قد جعلها موقع نزيف استمر عام ونصف في استنزاف قدرات الجيش.
وبدخول الدعم السريع الارهابية للفاشر، فقد أغلق الجنجويد “خاصرة الاستنزاف” وهو بذلك عاد مرة أخرى لمبادئ المواجهة المباشرة مابين قوات حرة وقوات حرة..
بعدما كانت من قبل مواجهات مع قوات مربوطة الخاصرة..
ستتضح عما قريب آثار دخول الجنجويد للفاشر، والتأثير السلبي لخطوته على موقفه الميداني..
كمثال:
في إعادة التوضع..
صار الآن الطريق نحو “الضعين” و “جنوب دارفور” وحتى “نيالا” سالكاً أمام الجيش..
إذاما تحولت قوات تأمين الفاشر
لقوات تأمين دفاعات الشمال..
عندها سيكون ظهر القوات المشتركة مستنداً علي امداد واسناد مدفعي وحربي وغذائي مفتوح..
بينما يصبح المُهاجم قادماً من طريق صحراوي وخلوي قاحل..
نفس الطريق الذي كان على الجيش التعب الكثير جدا لعبوره وتأمينه وفتح مسارات فيه للمحافظة على صمود الفاشر.. لدرجة أن انتهت تلك الصعوبة بفشل الجيش في القدرة على تأمين معارك الفاشر ومدها بما يكفي لصمودها فترة أطول.
عليه “الحرب أرض”
وكان قد كُتب على الجيش السوداني الدفاع عن الأرض في جميع المواقع، وهو لم يخترها، أو لم يستطع اختيار “تموضعه القتالي”لما تفرضه مسؤوليات تأمين المدن التي لم تسقط..
أما الآن فقد أطلق الجنجويد رصاصة الرحمة على “القيد الأخير” بدلاً عن ترك ذلك القيد مستمراً في تقييد حركة الجيش.
كما أن فرض الدعم السريع حصاراً على أحد أكبر مدن الجيش، كان يعطي احساساً بالتفوق للدعم السريع ويرفع من معنويات جنده، ويسهم ايجاباً في تقييم قدرات قواته..
الآن فَـقَدَ الجنجويد ذلك، وستكون جميع الأخبار هي محاولة الجنجويد للسيطرة على الأوضاع في الأرض.. حيث معلوم ضعف سيطرته.. وانصراف جنده بعد كل معركة للسلب والنهب والغنائم.. (كبديل لسمعة قوته في حصار الفاشر!!).
وهذا الأمر.. أي السمعة العسكرية، ذو ارتباط وثيق بشؤون التحشيد القتالي، والامداد بالجند، والدعم الدولي بالسلاح والعتاد والعون اللوجستي..
حيث سيكون نتيجة دخول الجنجويد للفاشر في كل ذلك لصالح الجيش وخصماً على الجنجويد.. مما ينتج عنه ضعف عام في القدرات والامدادات للجنجويد، يقابله انتعاش عام في الامدادات والقدرات للجيش..
وقد بدأ ظهور جزء من ذلك سريعاً خلال ال 48 ساعة الماضية..
وسنرى..!!
٢٩ أكتوبر ٢٠٢٥م
أ. طارق أرباب