تباريح التباريح فى صنعةُ العُظماء.. سياحة فى عالم عظماء القراءة (٢ -٢)
واجومانيوز
بقلم:د. عبدالله ميرغني صارمين
القراءة الواعية المتنوعة تعد من دائم الكتابة الإبداعية ، الإنتاج الفكرى الواسع ، وهى وقود الاختراعات ، وهى التى تقف خلف كثير من الثورات الاجتماعية وهى ملهمة الاصلاحيين والحكام والمستثمرين ، كل هولاء تجدهم كانوا قُرّاء جيدون وأثرت القراءة كثيراً في نشأتهم ، يقول مؤسس شركة ميكروسوفت (بل غيتس ) المصنف من أثرياء العالم _ يقول إن قراءته فى سن مبكرة كان لها تأثير كبير في النجاح الذى حققه ويروى عنه أن القراءة فى سن مبكرة تساعد الانسان على معرفة ميوله ويقول أنه مازال يقرأ بمعدل ساعة فى اليوم ، وتقول الروائية الامريكية (جنيفر ايفان ) فى نوعية القراءة ( اقرأ كتباً من المستوى الذى ترغب بكتابته) مضيفة ( أن القراءة هى قوت الكتابة) .
الشعوب التى توصف اليوم بأنها متخلفة ، تشترك جمعيها فى أنها لا تملك بنية معرفية صحيحة ، كما أن بين معظم أفرادها وبين الكتاب نوع من الجفاء .
فى سبيل دعم الكاتب (محمد نعيم ) لضرورة القراءة وتأثيرها فى بناء شخصية العظماء من المفكرين و المبدعين من الادباء والمخترعين والفلاسفة بعيداً عن توجهاتهم الفكرية والعقدية والسياسية ، إختار دراسة سيرة أكثر من ثلاثين منهم للنظر في اثر الكتاب والقراءة فى حياتهم إلى جانب تتبع أحوالهم و مأثوراتهم حول القراءة وأهميتها فى حياة الشعوب والأمم والأفراد فى إحداث الترقى والتطور والنهضة .
من الادباء إختار (الجاحظ ) عاشق الكتب الاول بلا منازع بل هو (دفين الكتاب ) و هو قارئ نهم لا يُجارى ، فقد كان لا يقع فى يده كتاب ما ، إلا قرأه كله من أوله إلى أخره ، وظل ملازماً القراءة حتى آخر عمره حيث سقطت عليه مجلدات من الكتب فقتلته ( مات الجاحظ والكتاب على صدره ) .
من المفسرين (جلال الدين السيوطي) أحد أعظم عشاق القراءة والكتاب فى زمانه حتى لقب (بابن الكتب ) و (المفكر الموسوعي ) بسبب كثرة الاطلاع وكثرة مؤلفاته.
من المخترعين (اسحاق نيوتن ) هو الذى إختاره مايكل هارت الشخصية الثانية بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فى الشخصيات الأكثر تأثيراً في التاريخ وهو الذى يقول عن نفسه (إنما تعود نظرتى البعيدة والعميقة للأشياء ومدلولاتها إلى اننى وقفت على مناقب العباقرة ) .
وكذلك (توماس أديسون ) أشهر مخترعي التاريخ رغم تاريخه السيء فى المدرسة الا إنه تحول في البيت إلى قارئ نهم يقرأ ليلاً نهارًا ذات مرة أخذته أمه لتشترى له ملابس جديدة فأصر أن يشتري بثمنها كتباً .
ومن المصلحين (غاندى ) صاحب سياسة اللاعنف أو المقاومة السلمية وهو الذى قرأ كتابا واحداً للفيلسوف الامريكى (ديفيد ثورو) عن العصيان المدنى حيث قال عنه غاندى ( ما أن قرأته حتى ملأنى قوةً ويقيناً ) ، (مالكولم إكس ) من أشهر المناضلين السود فى إمريكا المتحدث الرسمي (لمنظمة أمة الإسلام ) قصته مع الكتاب هى قصته مع السجن والنضال حيث قال (بدأت فى السجن أقرأ قراءة انتقائية ذات هدف ، وكنت قد بدأت اقرأ عن الإسلام ومن ثم أقبلت على القراءة بنهم شديد وأصبحت لا أُرى إلا وفى يدى كتاب ،ولم تعد هناك قوة فى الأرض تسطيع أن تنزعني منه وفتحت لى القراءة ابوابعلى دنى عجيبة) ، ومن الحكام الرئيس العالم و مهندس الصورايخ الهندى زين العابدين ابو كلام وهو الرئيس المسلم الثالث للهند كاتب وشاعر يقول عن الكتاب (أنهم أصدقاء امسكوا بيدى وقادونى باخلاص فى كل أطوار حياتى وطالما ضخت كلماتهم المعنى فى مواقف محددة خبرتها عندما كنت أريد أن افهم العالم الذى أراه حولى ) .
ومن الفلاسفة (جون بول سارتر ) الفيلسوف والروائي والناقد الأدبي والناشط السياسي الفرنسى كان يحترم الكتب قبل معرفته القراءة حيث كان يعيش فى كنف جده الذى كانت لديه مكتبة ضخمة فى بيته و يتحدث (سارتر ) عن الكتاب بقوله ( لقد وجدت دينى ، فليس ثمة ما بدأ لى أكثر أهمية من الكتاب وكنت أرى فى المكتبة معبداً ) وهو صاحب المقولة ( بدأت حياتى كما سأنهيها بلا شك : وسط الكتب ) .
فيلسوف علم الاجتماع الامريكى ( إيريك هوفر) هو (دودة كتب ) عاد إليه بصره فى سن الخامسة عشر و ساورته الشكوك إنه سيفقد نظره مجددا فبات يقرأ ليل نهار ، يقرأ بنهم كعالمٍ كهل ، وبعد خمس سنوات تأكد أنه لن يفقد بصره مرة أخرى، لكنه إستمر (دودة كتب ) ينفق يومه تماما بين أحضان الورق .
وتضم القائمة أسماء كبيرة على رأسها توفيق الحكيم ، د مصطفى محمود ، سلامة موسى ، مي زيادة ، سيد قطب ، سيمون دى بو فار ، على الطنطاوى ، والرئيس أنور السادات ، خورخي لويس بورخيس ، ومن المعاصرين د عائض القرني ، منير الغضبان ، كولن ويلسون ، سليمان العودة ، امير تاج السر .
أخرج من هذه السياحة الممتعة بفوائد جمة من سيرة هولاء المبدعين الرائعين في الحياة ،،،،وعجبت ايما إعجاب بهذه الصلة العميقة بينهم والكتاب ، ولكن عندما وجدت نتائج هذه الصلة علمت شدة التباريح و عظمة الإنتاج والابتكار والإبداع و كانت هى الخلاصات .
أختم سياحتى هنا بالقول أن القراءة ليست حكراً علي المثقفين ، إن القراءة ضرورة فاجعلها منهاج حياتك ، وإن أعظم شيء تهديه لك الحياة المعرفة ، وأن تهديك علماً يكون نورك فى هذا العالم ، وأن تهديك شمعة على هيئة كتاب ، بمجرد أن تفتحه يجهرك النور فى بادئ الأمر إلى أن تعتاده بعدما كنت قد إعتدت الظلام .
النهاية