دور القوى السياسية فى حرب الخرطوم .. قراءة فى المخادعة السياسية ( ٤ )
واجومانيوز
بقلم: د عبدالله ميرغني
قرارات ٢٥ اكتوبر دفعت بالخلافات بين أطراف إدارة الفترة الانتقالية إلى مرحلة المواجهة العلنية وتجاوزت مراحل التصريحات والاتهامات وبدأ المشهد تحت السيطرة العسكرية الكاملة الا من مشاركات موقعى إتفاق جوبا ، اما معسكر القوى السياسية فان الخلافات لم تبارحهم فالحزب الشيوعى وبعض فصائل البعث فارقوا قوى الحرية و التغيير (المجلس المركزي)، وميزت مجموعة أخرى نفسها بقوى الحرية و التغيير (الكتلة الديمقراطية) ، وبرزت كتلة مدنية ممثلة فى رجالات الإدارة الأهلية وجماعات دينية تبنت مبادرات وفاقية لنزع فتيل الأزمة قوامها دعوة الجميع إلى منصة واحدة دون إستثناء ، لم يكن لدى المؤتمر الوطنى مايخسره بعد فقده للسلطة غير أن تلك القرارات أحدثت إنفراجا إستفادت منه فى مراجعة بعض الاحكام القضائية التى صدرت ضد منسوبيه فضلا عن حراك سياسي شعبى إنتظم عضويته .
قرارات ٢٥ اكتوبر لم تجد قبولا دوليا ولا إقليميًا وتبع ذلك ضغوطاً على المكون العسكري للتراجع عن هذه القرارات مع فرض عقوبات اقتصادية وسياسية ، وكانت قوى سياسية داخلية تعتقد أن هذه الإجراءات فرصة لإعادة ترتيب الاوضاع السياسية للبلاد من واقع تلك القرارات لكن كان واضحا أن العسكريين تعرضوا لضغوط كثيرة عطلت الاصلاحات القائد العام للقوات المسلحة فى منتصف الطريق لتعود الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية أكثر إضرابا وتدهورا.
بدأت أطراف دولية في تقديم مبادرات سياسية لإعادة الحياة السياسية لما قبل ٢٥ أكتوبر وتولت البعثة السياسية للأمم المتحدة تنسيق الجهود وتنفيذ إرادة الولايات المتحدة وبريطانيا إلى جانب دولة الامارات العربية والسعودية ، ولأجل تحسين صورة المشهد الخارجى تمت إضافة الإتحاد الأفريقي والإيقاد كجهود إقليمية فى معالجة الأزمة السياسية المتفاقمة .
فى ذات الوقت كانت الهوة والفجوة فى الجانب العسكري تزداد اتساعًا وتعقيدا بين القوات المسلحة والدعم السريع حيث بدأت الخلافات القديمة المكبوتة وداخل الحجرات والهمسات تجد طريقها إلى الإعلام و المواقف الرسمية ، وبدأت تصريحات القادة العسكريين من الطرفين أكثر سخونة مؤشرة إلى أن الأوضاع بين طرفين تسير نحو صدام وشيك .
شهدت الفترة الانتقالية القائمة على الوثيقة الدستورية نموا غير مسبوق وتطورا فى نشاط الدعم السريع حيث بدأ يلعب دورًا سياسيا واقتصاديًا واجتماعيًا غير مرسوم له أو مؤسس ، وذلك ببناء مؤسسات إقتصادية وواجهات للعمل المدنى والاجتماعى بآليات إعلامية ضخمة ، فضلا عن الأدوار الامنية والعسكرية وتضخم فى العدد والعتاد العسكرى المتطور المستقل والموازى للجيش ، كل هذا التضخم في ظل القوى السياسية التى كانت تطالب بحل الجنجويد و إعادة الجيش إلى الثكنات ومن الغريب أن النمو والتطور لقوة الدعم السريع العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية يتم تحت بصر ونظر القوات المسلحة السودانية.
فرضت البعثة السياسية على أطراف العملية السياسية إتفاقا سياسيا عرف (بالإتفاق الاطاري ) الذى يمثل رؤية السياسية لقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي وقد عبر قائد الدعم السريع عن هذا القهر الدولى والأممى الذى مارسته بعثة الأمم المتحدة بقوله ( وقعنا كراعنا فى رقبتنا) ولم يكن تعبيرًا صحيحا فقد كانت الرؤية الأممية تعبر عن مواقف قوى الحرية والتغيير والدعم السريع ومن بعد وافقت عليه القوى السياسية التى وقعت على الإتفاق الإطارى بما ذلك القوات المسلحة التى وقعت كفصيل والدعم السريع كقوى منفصلة عن الجيش .